فاعلية الترجمة المسرحية لدى محمد سيف شعرية الجسد _أنموذجاً د.بشار عليوي

 

 

 

 

فاعلية الترجمة المسرحية لدى محمد سيف

شعرية الجسد _أنموذجاً

د.بشار عليوي

توزعت وتنوعت اهتمامات الباحث والفنان والمُترجم العراقي المُقيم في باريس د.محمد سيف , بين الحفر في آخر التحديثات التي طرأت على المشهد المسرحي الجديد في العالم وإشتغالهِ على الدراماتورجيا الجديدة , تُسعفهُ  في هذا عُدتهِ المعرفية واتكاءهِ على خزين ترجماتي يغرف من الثقافة المسرحية الفرانكفونية بوصفها واحدة من مثابات المسرح العالمي عموماً , تعزز ذلكَ بكونهِ أحد أقطاب مركز دراسات الفرجة بالمغرب وإدارتهِ لمجلة(دراسات الفُرجة) التي غدتْ من أبرز المجلات المسرحية العربية التي جسرت لعلاقة وطيدة بين المسرحيين العرب ونظرائهم في العالم الغربي عموماً , كما أصبحتْ ترجماتْ د.محمد سيف يُشار لها بالبنان حينما تبارى غالبية الباحثين والدراسين في مجال الفنون المسرحية وآدابها من ناطقي العربية , على الإستزادة من تلكَ الترجمات التي عرفتنا بأسماء بارزة في عالم المسرح ويقف في مُقدمتها ترجمتهِ المُهمة لكتاب(الشيطان هو الضجر_آراء في المسرح) للانكليزي “بيتر بروك” والصادر عن دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة عام 2006 .

يأتي كتاب(شعرية الجسد_تعليم الإبداع المسرحي) للمُعلم المسرحي الفرنسي المُعاصر(جاك لوكوك) , ليُعزز مُجمل جهود (د.سيف) في فعلها الثقافي الترجماتي , حينما إنبرى لترجمة هذا الأثر المسرحي القيّم لناحية تكريسهِ للتعريف بجهود “لوكوك” التعليمية فيما يخص آليات العمل مع المُمثل المسرحي في مدرستهِ المسرحية الخاصة التي أنشأها لهذا الغرض فضلاً عن كونهُ هوَ واحداً من خريجي مدرسة (جاك لوكوك) وبذا فهوَ الأقرب الى منهج وروحية(لوكوك) , اذ تأتي ترجمة وتقديم وتعليق (د.محمد سيف) لهذا الكتاب أثراءاً للمكتبة المسرحية العربية التي تُعاني من نقص واضح في هكذا نوعية من الإصدارات التي تُزاوج بين النظري والتطبيقي خصوصاً في مجال إعداد المُمثل , والكتاب صدر للتو عن مؤسسة الصادق الثقافية في محافظة بابل_العراق ويقع في 278 من الحجم الكبير , اذ يتحدث الكتاب الذي صدر بالفرنسية أول مرة عن دار “أكت سود” الفرنسية ، عن إدارة (جاك لوكوك) لمدرسته المسرحية الدولية، منذ عام 1956 والتي مازالت موجودة الى الآن , فهناك تلاميذ من جميع انحاء العالم، قد تخرجوا من مدرسته، من بينهم: ممثلين ومخرجين ومصممي ديكور وكتّاب وحتى مهندسين معماريين، وجميع هؤلاء يرجعون في اعمالهم إلى منهجه المسرحي , إذ يعتبر هذا الكتاب ثمرة من ثمار العديد من المقابلات التي اجراها معه كل من (جان غبريال كاراسو)، و(ليليا جان كلود)، وتتحدت جميعها، عن التمثيل الصامت الدرامي، والقناع المحايد ودورهما في العديد من المساحات الدرامية الكبيرة (ميلودراما، كوميديا دي لارتي، المأساة، وفن التهريج) ويسافر بنا (جاك لوكوك) في أروقة من خلال هذا الكتاب  ، ويجعلنا نتتبع منهجه التربوي خطوة خطوة , فهوَ درس في المسرح والتربية , وعن الكتاب وأهميتهِ يكتب مُترجمه د.محمد سيف (في عام 1995، شاهدت للمرة الأولى في مسرح الـ “بوف دو نور” في باريس مسرحية “حيوات لوسي كابرول الثلاث”، وانبهرت بهذا العرض الذي كان يعتمد بكليته تقريبا على الجسد، والشعرية، والبصرية، والمباشرة، والفرح، والخيال الغريب، حيث كان يلعب فيه الممثلون جميعهم بلغات مختلفة. هذا النوع من المسرح لم أكن قد رأيت مثله آنذاك من قبل. فتساءلت بدوري: من هؤلاء الممثلون، ومن أين هم قادمون؟ وأي نوع من التقاليد المسرحية يعرضون؟ وكان الجواب: انهم فرقة مسرحية عالمية، جميع العاملين فيها درسوا في مدرسة “جاك لوكوك” ، التي أسسها في باريس عام 1956 ودرّس فيها حتى وفاته في عام 1999. ألاف الطلبة في العالم اجمع، قد تتلمذوا على يديه، وقد تابعتُ أنا دروسه أيضا مدة سنتين،عند قدومي إلى باريس عام 1984، ودرست التمثيل الصامت، والحركة، ومختلف أنواع اللعب مع القناع فجاك لوكوك، رجل فعل اكثر منه رجل تنظير , لم يكتب الكثير عن طريقة تدريسه، لكنه نشر قبل وفاته كتاب “شعرية الجسد”، الذي يلخص طريقته وتعاليمه التدريسية كتب في عام 1987 مختارات واسعة بعنوان “مسرح الحركة”، يشرح فيها تاريخ فن التمثيل الصامت. وهناك كتاب آخر يحمل عنوان “مدرسة التمثيل” يتطرق فيه إلى طريقة تدريس المسرح لجوزيت فيرال، وهي ذات صلة بمنهجه ) .

إن هذا الكتاب يلقي الضوء على منهح (جاك لوكوك) الفني، وعلى المسرح الذي جاء ليدافع عنه. ندرس فيه طرقه وأغراضه والمناهج التي استخدمها, جديرٌ بالذكر أن المُترجم د.محمد هوَ مخرج وممثل ودراماتورج وناقد وباحث مسرحي، مقيم في باريس منذ عام 1984، حاصل على شهادة دكتوراه في المسرح والعلوم الاجتماعية من جامعة السوربون 7، وشهادة الماجستير في العلوم المعمقة، والبكالوريوس من جامعة السوربون1، وكذلكَ دبلوم مدرسة جاك لوكوك العالمية للتمثيل، دبلوم معهد الفنون الجميلة في بغداد، حاليا المدير الفني لفرقة مسرح (الكلام العابر) في باريس. اخرج مسرحية الجمجة لناظم حكمت، مسرحية (الصبي المشاكس) اعداد عن قصة لتشيكوف، مسرحية الدموع المرة لبيتر فونكونت، للمؤلف الألماني فاسبندر، لمسرح بير فرينيه الفرنسي، المتروكة اعداد وبتصرف عن لماكس ميري، على مسرح لونيل الفرنسي، اخرج مسرحية اربع ساعة في صبر وشاتيلا لجان جينيه، على مسرح معهد العالم العربي في فرنسا بعد ان قدمها في تونس برفقة المنصف السويسي ومنية الورتاني. اخرج توليف مسرحي شعري، بعنوان: غريب كالبحر، لمهرجان طنجة المشهدية في المغرب ومسارح اخرى في باريس؛ الخطبة الاخيرة للهندي الاحمر، للشاعر محمود درويش. لافتتاح مهرجان  هنوفر الألماني واختتام مهرجان طنجة المشهدية. ومن آخر اعماله الاخراجية مسرحية (الحريق) لمؤلفها قاسم محمد، التي قدمت مؤخرا على مسرح القصبة في مدينة طنجة المغربية، ومسرح بيت الفنون في مدينة بوردو الفرنسية , صدرَ لهُ الدراسات المسرحية منها(الطفل والتعبير المسرحي, دار نشر سحر/تونس/أفكار وتطبيقات مسرحية تعارض التقاليد، عن دائرة الثقافة والاعلام_الشارقة2013 /مسرح ما بعد الدراما، وهو كتاب مشترك/دراماتورجية العمل المسرحي والمتفرج) وعلى صعيد الترجمات المسرحية , فقد صدر لهُ (الشيطان هوَ الضجر_اراء في المسرح , لبيتر بروك_دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة2006 /بنسيانا شكسبير يمكن العثور عليه ثانية، (كتاب يجمع كتابين في كتاب)، صدر عن دار ومكتبة عدنان /بغداد ) .

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *