برومثيوس اكانت ثمة معضلة حقيقية عند تقديمها ممسرحة ام مجرد فهم لكيفية اخراجها؟او ملاحظاتي على اوليفر تابلين .بقلم اسامة سليمان ‏

خلال تصفحي للعديد من الكتب والدراسات التي تدور حول المسرح اليوناني ,تستوقفني محاولة اوليفر تابلين (1943- )البروفسير مدرس الكلاسيكيات في جامعة ماجدلين باكسفورد,وصاحب العديد من البرامج التي تدور عن الادب اليوناني والتي تذاع في هيئة الأذاعة البريطانية ,وعن تقديم تفسير لكيفية مسرحة نصوص المسرحيات اليونانية كي تخرج على الخشبة .ربما ولست جازماً واحيانا غير معتقد في انه يقوم بتقديم رؤية تساعد المخرجين على ايجاد معادل موضوعي لمسرحيات اليونان القدماء وعلى وجه الخصوص نصوص ايسخولوس خالق التراجيديا عموماً تابلين بالفعل يلقي الضوء على ما هو لايمكن مشاهدته على الورق ,اي النص الدرامي المكتوب. لقد قدم تابلين عدة كتب حول هذا الموضوع يحاول فيها في وجهة نظري ,ايحاد ما هو مرئي على خشبة المسرح اليوناني أثناء العرض الآول, لمسرجيات التراجيديين الأوائل في أثينا القديمة ,في بعض الاحيان اجد الرجل ذا خيالا واسعا ليس الا وأحياناً أخرى أجده منطقيًابقوة ,وبين رفضي او قبولي من تفسيرات يقدمها ,أجده وهذا الأهم انه يكشف عن اشياء لم تدر في خلدي احيانا تصورها ,الا وهي:الوضع المرئي لنصوص أسخولوس على وجه التجديد وخاصة في كتابه (مهارةايسخولوس على الخشبة) الذي يعد افضل ما قدمه تابلين على وجه الاطلاق. والكتاب صادر عن منشورات جامعة اوكسفورد عام1977ففي الحقيقة يحظى ايسخولوس لدى تابيلن بكم هائل من التأويلات, عن كيفية تقديم ايسخولوس ممسرحاً بعكس يوريبيديس وسوفوكليس . لكن في نهاية المطاف وضع تابلين خلاصة رؤيته حول كيفية تقديم دراما اسخولوس ويوريبيديس وسوفوكليس ممسرحة في كتابه (التراجيدايا في حالة الفعل). لا ادري لماذا يحظى اسخولوس بهذا الاهتمام لدى تابلين فبينما الف كتابه مهارة اسخولوس على المسرح فلم يؤلف عن سوفوكليس او يوريبيديس في نفس الموضوع هناك تحليلان وضعتهما في هذا الامر الاول هو ان تابلين تخصص في فهم اسخولوس ممسرحاً فغاب عن ذهنه الكتابة عن مهارة يوريبديس وسوفوكليس عند تقديم مسرحهما على الخشبة او ان لدى ايسخولوس نقاط تفوق على زميليه في حدود ما يتصوره وليس على الاطلاق ,ٍان مدخل فهم ايسخولوس والمسرح اليوناني عامة في نظر تابلين مبني على فهم ,حيثية دخول وخروج الممثل على الخشبة المسرحية انذاك,فكتاب (مهارة ايسخولوس على الخشبة)يعطي لكل واحدة من السبع نصوص المتبقية لخالق التراجيديا مابين 60 الى 100 ورقة ,خصص فيها تابلين رؤية تشريحيه لمسرحيات ايسخولوس ,من لحظة دخول شخصيات بعينها وخروجها ,ملقيًا الضوء على علاقة ذلك بالتكنيك الدرامي لخالق التراجيديا .وكي لا نكون بعيدين عن فهم تابلين اعرض في نهاية مقالتي هذه ترجمة لبضع صغحات كتبها تابلين في كتابه(مهارة ايسخولوس على الخشبة)حول الجزء الأخير من مسرحية برومثيوس مغلولاً .حيث يشير تابلين لكيفية وضع حالة اخراجية بداية من السطر1010حتى السطر الاخير من مسرحية برومثيوس مغلولاً حيث يعرض ماهو ملغز في كيفية اخراج المشهد. من جانب آخر كوني لم اشهد هذا النص ممثلاً على الخشبة ,فبدا الأمر شيقا ومحيرا في نفس الوقت .فهو يتحدث عن الحدود الممكنة لوجود ديكور يتمثل فيه قدرة حركية ممسرحة اخراجياً تفسر ما كتبه ايسخولوس في الحوار.ان الممثلين الساردين للسطور السابقة التي ذكرتها ,وحتى اخر جملة تذكر في المسرحية حيث يذكر الاتي ,بعد ان تنتهي شخصية برومثيوس من ندب مصيرها (يختفي برومثيوس بين قصف ورعد ووميض البرق كما يختفي معه ايضا بنات اوكيانوس) هو ما يبني عليه تابلين تأويلاته فيبرز بالتالي سؤالي الذي هو عنوان مقالتي هذه:برومثيوس اكانت ثمة معضلة حقيقية عند تقديمها ممسرحة ام مجرد فهم لكيفيةاخراجها؟.
النقطة الابعد والمطلوب فهمها من وراء هذا الموضوع ,هو الحدود الفاصلة بين فن الممثل وفن الديكور ,الذي يحركه المخرج فلو ان الديكور اخذمساحة من الاهمية بحيث تطغى على امكانيات الممثل الادائية فهنا مكمن الخطورة. فمسألة التوازن بين فن الديكور وفن التمثيل شيء اساسي وملح ,لكن قدرات الممثل الذي يفهم الشخصية التي يؤديها جيدا ويعطي من لحمه ودمه والهامه لها ,هو الاصل فمهما كان الديكور الذي يبنيه المخرج غاية في الابداع , سينهار اهميته لو جاء اداء الممثل رديء,انا بذلك لا أغفل اهمية ما يقوله تابلين فموضوع وجود حالة حركية بالديكور لا ايجاد وقع درامي شيء هام فالجميع يدرك تماما ان الديكور علم من علوم المسرح فأرتباط الوضع الحركي في المسرح اليوناني شيء مفروغ منه فوجود فكرة الاله خارج الماكنةامر يسود المسرح اليوريبيدي فالامر ليس ببعيد التخيل على المسرح اليوناني لكن اذ ابدع الممثل ولم يكن الديكور في افضل حالته فانني اقبل ذلك فالأصل في فن المسرح هو المؤلف وبعدئذ الممثل فبدونهما لا يمكن للعناصر المسرحية الاخرى مثل فن الديكور والاضاءة والاخراج التواجدلكن اذا حدث العكس (اي تواجد المؤلف والممثل)فأنا أقبله ادلل على ذلك ان الدراما الاذاعية لايوجد بها عنصر الاضاءة او الديكور لكن يوجد المؤلف والممثل وبرغم من ذلك فالتفاعل مع الحدث والشخصيات موجود
في النهايةالصفحات التي ترجمتها من كتاب تابلين(مهارة ايسخولوس على الخشبة) أعده في مجمله باباً يفتح المجال الابعد من ذلك هو اينما وجد الممثل والمخرج الملهم لتقديم عمل يمكننا الاقتراب اكثر فأكثر من تأويلات ونظريات النقاد سواء كنا متفقين اومختلفين معها كي يزدهر المسرح
طوفان ميكانيكي ام مجرد كلمات؟

ان الطوفان بشكل واضح يوضع في شكل كلمات كلاهما يحتمل حدوثهما
وبعدئذ وصفهما (93-1080—-1061-2—–1043-52—–1061
فما اقترحه بقوة في بداية عملي من افتراضيات ينبعث من
جديد:اما ان المحاولة مناسبة للخلق كي تقدم اقناع وهمي مرئي
او ان كل شيء ترك الى الكلمات اما ان برومثيوس (1080)يبدو مستدعيا
كل شيء اولا شيء في حالة التمثيل المسرحي.فعندمايوجد مثل هذا الافراط
الملفوظ فانصاف الحلول سيبدو أمرا اسوأ من لا شيء.ما يمكن قبوله كتفسير
ممسرح خطر كونه فقط من أنصاف الحلول :فبالرغم من ان بروميثيوس
والجوقة ينسحبون من الاكيكليما .لكن هذا يعني انه بدلا من ان يكون الدفن
بداخل الكتل الجبلية المحطمة (وحتى الانغماس لأسفل الى ترتاروس وذلك
ماقد افترض حدوثه)فبرومثيوس فقط انزلق افقيًا في الجبل.هناك الكثير
من الاعترض على ذلك .فالشك في ان هناك الة كانت موجودة اثناء عصر اسخولوس
وان الغرض منها ان تفصد او تكشف عما بالتابلوة الداخلي قائم ولن يزيل الإرتباك.فلو ان
هذه الألة كانت موجودةفهناك شك كبير حول:هل كانت واسعة بدرجة تسمح بحمل
برومثيوس وحجارته والجوقةايضاً.لكن بمعزل عن مثل هذه الاشارات للتكنيك المتبع
انذاك فهناك اعتراضات لأن حلاً وسطاً من هذا النوع سيكون اسوأ من
لاشيءلقد افضى النقاش حول السطر 1093أالمليء بالتضليل عند مسرحته امر
لاضرورة له كون برومثيوس ينغمس للأسفل كطلب من العدالة في كلمات
فلعله كان كافياً لو ان الجبل انهار من اعلى عليه بصخوره وعلى الجوقة
انه لمن العسير ان نرى امكانية مسرحة ذلك على الواقع .حقيقة من الصعب
ايجاد معادل عملي يذهب لأبعد مماهو في النص حيث برومثيوس والحجارة
والجوقة بطريقة او أخرى (يختفون في الظلام)فأيضًا على المسارح الحديثة
من الصعوبة ان نأخذ اثنين من الممثلين لأسفل حيث يوجد باب كالمصيدة
وفي المسرح اليوناني بقدر ما نعرف انه لم يكن هناك سرداب او قبو متسع
بصورة كافية من اجل هذا التابلوة الضخم (فامكانية العبور تحت الارض
تم مناقشته (من السطر 447الى8).بعض الشراح يفترضون ان مسرحية
برومثيوس تم عرضها قبل وجود مسرح يحتوي به الاسكيني الذي تحول
لفتحة من عدة اقدام صنعت من حائط شرفة التي ترفع الاوركسترا من
حرم ديونيسيوس بالاسفل .فلو ان منصة قد بنيت وراء الشرفة اذن فالمكان
بالكامل بصورة او اخرى سينهار من وراءه,لكن لو حتى امكن افتراض
هذا عملياً فهل كل هذه الادوات ستنصب فقط لاجل مشهد قصير؟ولماذا
عن عمد تنسحب لهذه الكارثة ايضًا,فكل هذه الاشياء تزيد الامور تعيقيدا؟
فهذه المشكلة تقودنا الى بديل مبالغ فيه فهذا الطوفان النهائي قد ترك
كاملة لئن توضحه الكلمات كي تستثير خيال الجمهور .هناك زلزل من
الاضطربات آخر بوجه عام ترك للجمهورتخيله كما في هرقل والباخوسيا
وشذرات ايرثيوس وكلها مسرحيات ليوريبيديس.لكن لماذا برومثيوس
تكون مضللة عند اخراجها؟فايجاد مخرج للجوقة عند وقت التنفيذ سيكون
التفافهم حول برومثيوس عند السطر1067حتى السطر 1080
فأما سيحتشدون على مقربة او سيتحركون بعنف ,وبعدئذ وقت النهاية
بعد مهلة قصيرة من السهل الانسحاب.ان الاقتصادعند العرض حل سهل
وسيكون شديد الجاذبية,من زاوية اخرى يلاحظ انه لايمكن مقارنة تراجيديا
برومثيوس باي تراجيديا يونانية حيث ترك خروج ودخول الممثلين للمخيلة
.ان الناقد ارونت يعقد المقارنات بين المسرحيات التي تبدأ بدخول الممثلين
لكن دون ان تكون جزء من المسرحية ووجب الغائها.لكن هناك ما هو
مختلف في مسرحية برومثيوس حيث الممثلون يدخلون وبعدئذعلى الجمهو
افتراض انهم قامو بذلك .ان المؤلف الدرامي عادة ما يواجه مشكلة افراغ
الخشبة المسرحية لدى النهاية المسرحية فلا يوجد اي اثر متعارف عليه
مماثل لألغاء الدخول .من زاوية اخرى لعله امر معكوس عند مسرحة
العمل ان يكون هناك وضوح تام لما هو مفترض انه حدث

محمد سامي / موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *