مسرح الشارقة .. المسرح الجديد

 

للجنة ثمانية أبواب .. وللجحيم سبعة أبواب، وللمسرح باب واحد هو ” الشارقة ” .

 

 

كان العالم يقيم حضارته حيث النبع وعندما يشح هذا الأخير يرحل العالم .. لكن الزمن صارت له معطيات أخرى يجب أن يتوائم العالم معها فصار للحضارة عنوان هو “المسرح” ، والشارقة هي صاحبة السمو التي حلّت بديلاً للنبع وعنواناً لايزيغ عنه إلا جاهل للمسرح ..

أعرف تماماً مثلما يعرف كثيرون أن الثقافة هي آخر معقلٍ للعرب يتخندقون فيه ولعل الشارقة أهم خندق ولعل مسرحها أهم متارس الثقافة، إنها تعي تماماً فعاليتها وتعرف جيداً كيف تعيشها، وتلك الحضارة لاتحبو بل شابةٌ في ريعانها ..

مسرح الشارقة يعتبر بالكيفية ولا وزن لديه للكم، سواء أكان ذلك في القائمين والمنظمين لفعالياته أو بمن يتم دعوتهم للمشاركة ، إنها تلاقح عظيم لثقافات العالم ومسارح الدنيا ولقاء جميع الأنهار ..

لقد استطاع مسرح الشارقة أن يمد جسوراً بين الحضارات يعجز البناؤون عن تشييدها ومدها، وأخيراً صار للمسرح هويّة معاصرة هي ” الشارقة ” .

لقد كان المسرح في الوطن العربي فقيراً قبل الشارقة وكان همّه أن يعيل أبناءه ويكفيهم مشقة السؤال، لكن الشارقة عوضته عما افتقده حقاً من حنان وعطف ومحبة ومؤونة الحياة فصار غنياً بها .. ومثلما أعطته سيخلص لها .

ولعل ما يشدك في هذا الوعي الثقافي والفني العملاق أن المسرح في الشارقة يحمل وعياً مغايراً يتفق أولاً مع المبادئ الأساسية والغايات المسرحية بطريقة حداثية جداً تخالف الوعي والنظرة السائدان لدى أكثر دول الوطن العربي ثم إنه لايلغي الهويةّ العربية الأصيلة والقيم الاجتماعية أو حتى الدينية التي تلتزمها تيارات كثيرة في الوطن العربي وهي سبب أساس في تعطل الحركة المسرحية بل وفي الشلل الحاصل في الوطن العربي لهذا الفن ..

العلاقة هناك قائمة على الوعي والاحترام للقيم وللفن وقلما تجد وعياً تتوافق فيه هذه القيمتان خصوصا حين نتحدث عن القيم الدينية التي كرست جهودها طيلة عقود من الزمن لمحاربة المسرح كلون فني قدمته وروجت له الأنظمة الاشتراكية في أوج مجدها في العالم أجمع ، فكانت النظرة الغالبة والرؤية السائدة هي إن كنت مع هذا الفن فأنت ضد الدين وإن كنت مشتغلاً بهذا الفن فأنت في صفوف الاشتراكية وهذا السبب كان وراء التراجع الكبير لرسالة المسرح ودوره في الأوطان العربية أو نقل الإسلامية ..

في الشارقة كان ثمة فارق كبير بين النظرة السائدة عن المسرح فتم تقديمه بناءً على فلسفة أخرى هي أن المسرح مثل الهواء للجميع بعيداً عن أي نظرة دينية تحقر من شأنه أو تلغيه كما لم يتم تقديمه في ثوب ديني كما فعلت بعض الدول للتوائم مع القيم الخاصة بها وأيضا حتى لاتتهم بالترويج لتلك الأنظمة فأعيد مسرحة المسرح وفقاً لقيود تمنع الإبداع لكن في مسرح الشارقة جاء المسرح في كامل حريته التي هي مطلب أساس لكل فن ليبدع ممارسوه ويدهشوا العالم ويبلغوا رسالتهم النبيلة عبره ومن خلاله ..

Strings1983@gmail.com

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *