«اللزمة» و«الكاركتر» عند الممثلين.. هل هي علامة ضعف أم مصدر قوة؟

يبذل الفنانون في بداية مسيرة حياتهم الفنية كثيراً من الجهد لتقديم أنفسهم للجمهور، وفي مجال التمثيل يلجأ بعض الممثلين، خصوصا ممثلي الكوميديا منهم، إلى اختيار «كاركترات» أو «لزمات» يقدمون أنفسهم من خلالها للجمهور لترسيخ صورتهم.

في السينما العالمية أشهر (كاركتر) قدَّم حتى اليوم هو شخصية «المشرد البائس» التي قدمها الممثل البريطاني شارلي شابلن، تزامنا مع ظهور السينما الصامتة، العصا والحذاءالكبير والخطوات الغريبة والنظرات المنكسرة كانت سلاح ذلك الفنان الملهم، بينما أخرجت لنا السينما العربية «كاركترات» كثيرة، لعل أشهرها شخصية إسماعيل ياسين التي نستمتع بمشاهدة أفلامة حتى اليوم.

وفي لبنان اشتهر الفنان حسن علاء الدين -رحمه الله- بشخصيته الوحيدة التي عرف بها ووصل إلى جمهوره من خلالها، وهي شخصية «شوشو الطيب»، بخنة صوته المميزة، وصراحته وطيبته، أما في الدراما السورية، فكانت أهم شخصية هي «غوار الطوشي» لدريد لحام، «أبو صياح» لرفيق السبيعي في «حمام الهنا»، وحسني البرزان نهاد قلعي، و«أبوفهمي» «وأم كامل» و«عبدوه» لزياد مولى وياسين بقوش في دور «ياسينوه» وناجي جبر – يرحمه الله- في دور «أبوعنتر الأباظي».


كما برز في الخليج كثير من الكاركترات، ففي الكويت عرف الفنان المرحوم محمد النمش بشخصيته «أم عليوي»، وفي الإمارات الفنان سلطان الشاعر -يرحمه الله- بشخصيته «اشحيفان»، وكان من أبرز من جسَّد «الكركترات» في المملكة الفنان بكر الشدي -رحمه الله-، فقد لعب دور حياته في مسرحية «قطار الحظ» عام 1980م، عندما جسَّد دور السكرتير المصري، ولا ننسى شخصيته «البدوي»، التي ظهر بها مع عامر الحمود في أكثر من مسلسل، منها (العولمة) التي استنسخ منها الفنان فايز المالكي بعد وفاة بكر كركتره الأشهر «مناحي»، وطار به للأفق والانتشار. وفي منتصف السبعينيات الميلادية كان محمد المفرح في شخصية «أبومسامح» هو نجم المرحلة، كما نافس الفنان سعد خضر في شخصيته «فرج الله»، ونافس أيضا لطفي زيني -رحمه الله- وحسن دريد، في شخصيتيهما الثنائية الأشهر على مستوى المملكة (تحفة ومشقاص).

مسلسل «طاش ماطاش» يُعد المسلسل السعودي الأشهر، وكان لبطليه الفنان ناصر القصبي والفنان عبدالله السدحان النصيب الأكبر في طرح كثير من الكركترات، كما كان أيضاً ذات النصيب لغيرهم من الفنانين الذين شاركوا في المسلسل، فقد كان ساحة واسعة للكاركترات، كونه حلقات منفصلة، فقد أبدع راشد الشمراني في كاركتر «سداح»، والقصبي في شخصيتي «أبو علي» و»فؤاد»، والسدحان أبدع في شخصية «أبو مساعد» التي كانت فأل خير عليه وسببا في اشتهاره حتى قبل «طاش».

وفي موازاة «الكاركترات» هناك «اللزمات» وهي كلمة أو جملة يكررها الممثل التراجيدي أو الكوميدي، ويقصد بها تأكيد شخصيته ولفت النظر إليها، وقد يلجأ إليها الممثلون حينما تكون أدوارهم محدودة أو محصورة لتأكيد حضورهم وترسيخ صورتهم ودورهم في العمل.

ويُعد الفنان المصري مظهر أبوالنجا، الفنان العربي الأشهر بلزمتة المشهورة (يا حلاوة)، فقد أكد بها حضوره وموهبته، وعلى الرغم من حضوره على الساحة الفنية من سنين، إلا أنه لم يصل حتى الآن ليكون في الصفوف الأولى ويأخذ ما يستحق، فقد انحصرت مشاركاته الفنية في الأدوار المساندة. وفي الكويت عرف الفنان خالد العبيد بسيد اللزمات، ولعل «لزماته» الشهيرة في مسلسلات الأطفال الرمضانية، مثل «الإبريق المكسور» و»علاء الدين» وغيرها، كانت أهم عناصر نجاح تلك المسلسلات، ومنها «مدلقم»، و«عصره عصار»، وغيرها.

ومن الشخصيات السعودية الدرامية التي لا تُنسى، التي ظهرت في منتصف السبعينيات، شخصية «أبو مسامح» لمحمد المفرح، وكذلك شخصيته «فرج الله» لسعد خضر، وظهر أيضا الفنان عبدالرحمن الخطيب مع «أبو مسامح» في شخصية صبي الدكان اليمني الذي اشتهر بلزمته المعروفة (اركب الهوا صاروخ) وتعد أشهر لزمة لممثل سعودي معاصر.

أخيراً، فإن خطورة «الكاركتر» الواحد خاصة للفنان الكوميدي بالذات، في كونها تقيده وتضعه داخل إطار واحد قد يقتل إبداعه وينمطه، وعندما ينمط الفنان في «كاركتر» واحد، فإن الجمهور قد يمله ويذهب عنه إذا لم يجدد الفنان نفسه، ومع الأسف فقد مات كثير من «الكوميديانيين» مفلسين، على الرغم من الشهرة والأضواء والمال في بداياتهم الفنية، بعد أن انصرف عنهم الجمهور، ولعل إسماعيل ياسين يُعد أكبر مثال على ذلك، واستفاد من تجربته الفنان الكبير عادل إمام الذي عاصره وشاهد مأساته.

قراءة: إبراهيم جبر

http://www.alsharq.net.sa

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *