عندما نمت أمام الجمهور من التعب في إحدى ليالي رمضان

كلما جاء شهر رمضان أتذكر ذكرياته الجميلة وأيامه ولياليه المضيئة المتوهجة بالفن، حيث كانت هناك حالة توهج للمسرح في شهر رمضان على عكس ما يحدث الآن للأسف

 

الشديد. أذكر أننا زمان كنا نقدم عروض «سواريه» وكانت صالة المسرح ممتلئة بالجمهور، حيث كنا نفطر ونستريح بعض الوقت ثم نستعد للعرض المسرحي بمشاركة كبار وعمالقة الفن وكانت الحالة العامة جميلة، وكنا نخرج بعد المسرح لتناول السحور الجماعي ونحن سعداء بما حققناه من نجاح في العرض.

رغم صعوبة شهر رمضان بالنسبة لي في بعض الأحيان كفنانة مرتبطة بتصوير سينمائي بالنهار وبعمل مسرحي بالليل إلا أنها كانت أياما جميلة ولم تخل من بعض المواقف التي لا تنسى أبدا. فأذكر في إحدى ليالي شهر رمضان أنني كنت مرهقة جدا بسبب تصويري لعمل سينمائي بالقاهرة ثم عودتي في نفس اليوم لتقديم عرض مسرحي بالإسكندرية وأثناء أداء العرض المسرحي وكنت أمثل دور سيدة حامل نائمة في الفراش وكان معي في المشهد الفنانة سناء جميل والأستاذة ناهد سمير والفنان كمال ياسين وفوجئت باستغراقي في النوم على المسرح لكن الغريب أنني استيقظت بنفسي تلقائيا عند اللحظة الحرجة التي كان علي فيها أن أتكلم وربنا ستر، فقد كنت متعبة جدا لأنني كنت أسافر يوميا وأنا صائمة مرتين ما بين القاهرة والإسكندرية.

للأسف الشديد هذه الأجواء أصبحت مفقودة الآن سواء من حيث الروح أو الناس أو المناخ بشكل عام كما أصبحت المشاوير والحركة صعبة والزحام لا يطاق.

كلما جاء رمضان يشدني الحنين إلى حي الحسين وأجوائه الساحرة فلازلت أذكر ليالي الحسين الساهرة وسهرات مقهى الفيشاوي، التي كانت تجمعنا لنقضي أوقاتا رمضانية رائعة، أما الآن فلم أعد أذهب لأي مكان وأكتفي بالبقاء في المنزل ولا أحب الولائم ولا العزائم والزيارات وأنا بطبيعتي أحب أعيش «ست بيت» في أيام رمضان يعني من حظي أن انتهيت من أحدث أعمالي «مزاج الخير» قبل حلول الشهر لأكون متفرغة للمطبخ في رمضان فأنا أعشق الطهي وأحب أن أطبخ بيدي والحمد لله أكلي طيب، ولذلك قالت لي الكاتبة الكبيرة نعم الباز عندما دعوتها ذات مرة على الطعام في بيتي «أنت سيدة المسرح وسيدة المطبخ أيضا».

إنني الآن أعيش رمضان كأي سيدة مصرية يعنى أصحو من نومي وأفكر ماذا سنفطر اليوم ثم أبدأ الاستعداد بالدخول للمطبخ وإعداد كل شيء بنفسي فأنا لا آكل إلا من صنع يدي وطبعا ككل الصائمين بمجرد الإفطار أشعر بالكسل حتى أستعيد طاقتي بعد ثلاث ساعات تقريبا، وأقلب ما بين قنوات التلفزيون لأتابع الأعمال والأحداث ثم أنام قليل وربما أظل حتى السحور لأنام بعدها. وأنا أفضل الحياة الهادئة بعيدا عن الصخب وحتى أصدقاء وزملاء زمن الفن الجميل لا ألتقي بهم ولكن التليفون أصبح وسيلة تعوض ذلك.

ومع كل ذلك ورغم فرحة رمضان إلا أنني حزينة لما يحدث في مصر وما تمر به من أحوال أعتبرها أسوأ أيامها، فمصر لم تعرف أصعب مما نحن فيه الآن ولم أكن أتخيل أبدا أن تشهد مصر كل هذه الأحداث وأتمنى أن تعود مصر كما كانت متألقة دائما وكل رمضان وأنتم طيبون.

 

 

سميحة أيوب

http://aawsat.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *