تجارب وشهادات في الندوات المصاحبة لمهرجان المسرح الخليجي

المسموعة والمقروءة والمرئية في السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي

– لليوم الرابع على التوالي يشهد تألقا كبيرا وإقبالا في الفعاليات والمناشط المدرجة ببرنامجه العام

تبدأ صباح اليوم بمقر قاعة أوبار أعمال ندوة “المسرح في دول مجلس التعاون تجارب وشهادات” والتي تقام ضمن فعاليات مهرجان المسرح الخليجي الثاني عشر على مدى يومي الأربعاء والخميس الموافق 12 و13 سبتمبر الجاري، ويشارك في الندوة عدد من المسرحيين والمؤلفين، وستتناول الندوة محاور مختلفة، ففي اليوم الأول تتناول محورين الأول تحت عنوان “تجربة كتابة النص في المسرح الخليجي” يشارك في تقديم هذا المحور د. سامي الجمعان من المملكة العربية السعودية وآمنة الربيع من السلطنة فيما يدير الندوة مرشد راقي أما المحور الثاني فسيكون بعنوان: “تجربة المؤلف المخرج في المسرح الخليجي” ويشارك في تقديم هذا المحور كل من د. حبيب غلوم من دولة الامارات العربية المتحدة ود. محمد الحبسي من السلطنة، فيما يدير الجلسة أحمد بن سالم البلوشي.



يرافق المحاور السابقة تقديم عدد من الشهادات حول تجارب مختلفة في التأليف والإخراج والتمثيل والسينوغرافيا ويقدم الشهادة الأولى حول تجربة الإخراج المسرحي كل من محمد العامري من دولة الإمارات العربية المتحدة ومحمد المردوف من السلطنة، وشهادة ثانية حول تجربة النص المسرحي يقدمها محمد الهويمل من السعودية وهلال البادي من السلطنة، أما الشهادة الثالثة والتي ستُلقى في اليوم الثاني من أعمال الندوة فستتضمن تقديم تجربة حول التمثيل في المسرح يقدمها الفنان غانم السليطي من دولة قطر وعبدالله مرعي من السلطنة، أما الشهادة الرابعة فستقدم حول تجربة السينوغرافيا ويشارك فيها كل من عبدالله يوسف من مملكة البحرين وعبدالعزيز الغريبي من السلطنة، فيما يدير جلسات الشهادات الأربع كل من د. أحمد المعشني وآمنة العوادية.

وفي الفترة المسائية سيقدم عرض «البوشية» لفرقة قطر المسرحية للمؤلف اسماعيل عبدالله وللمخرج ناصر عبدالرضا. كما سيقدم كل من فيصل القحطاني ومحمد الحبسي ورقة نقدية حول العمل، فيما ستدير عزة القصابية الجلسة.

رحلة كوميدية
وفي إطار العروض المسرحية أقيم مساء أمس الأول عرض مسرحية ” بلاليط” لفرقة مسرح البيادر من مملكة البحرين وتناولت المسرحية قضية وطنية اجتماعية حول قصة المواطن البسيط رمضان الذي أبت شجاعته وغيرته على أن يوصل صوته للمسؤولين الكبار للشكوى من بيع أكياس البلاليط المنتهية مدتهم حماية للمجتمع وعبر رحلة كوميدية طريفة تواجه رمضان مواقف فكاهية بقالب الكوميديا السوداء، وتم بناء فكرتها بشكل درامي مسرحي فرمضان يكلفه والده بشراء احتياجات المنزل يوم الخميس اليوم الذي تغلق بعده جميع المؤسسات بما فيها مؤسسة حماية المستهلك في الحين الذي يقرر فيه رمضان تصعيد المشكلة. وبهذا فإن المسرحية تقوم بتعرية واقع الأجواء البيروقراطية الموجودة في المجتمع، عبر نقد اجتماعي للوضع الراهن بأسلوب ساخر.

وفي الجلسة التطبيقية التي تلت عرض المسرحية البحرينية بلاليط والتي صفها المعقبون بتناولها الكوميديا السوداء في أحداثها يقول الكاتب والقاص محمد بن سيف الرحبي خلال تحليل مسرحية بلاليط في الجلسة التطبيقية بان العرض المسرحي لفرقة مسرح البيادر يدفع إلى التفاؤل بوجود ابتسامة في مهرجانات المسرح رغم هالته السوداء وقد اعتادت (المهرجانات) على نمطية من العروض تقدم الصراخ على الضحكة والبكاء على الابتسامة وتقرع طبول الأحزان كأنه لا يمكن معالجة قضايانا المرّة إلا بجمر البكائيات.

وأضاف الرحبي أن الفكرة البسيطة تحدثت عن أوضاع معقّدة، يحاول حلحلتها بالشعر والموسيقى ليسّهل علينا ابتلاع المعقّد وأن البلاليط سهلة الشراء والتحضير تخفي الحياة والموت في تاريخ الصلاحية تتواطأ مع الحكومة لغرس إبر القهر في مسامات الشعوب التي تمتلك استعدادا لبلع (الزلط) وليس مجرد بلاليط منتهية الصلاحية أكلها الناس كثيرا ولم يموتوا وإن ماتوا فربما لظروف أخرى خارجة عن الإرادة وإن حدث ذلك فالموت قدر كل حي، إنا لله وإنا إليه راجعون، وأشار بأن النص قدّم كوميديا ساخرة من طينة سوداء، ناقدة سعت للتسلل عبر الكلمة ورسم الحركة لتقديم أفكار ذات مغزى.

حتى والكاتب جمال الصقر يكتب حروفه بناء على فكرة رمضان يوسف فإن الروح الإخراجية لم تكن غائبة بل كاد النص أن يكون عملا مسرحيا متكاملا يشعر قارئه بأنه لا يقرأ النص بل يشاهده على الورق أيضا، مسرحية “بلا ليط” فصلت عنوانها نقطتان لتعزل البلا عن الليط في حكمة لا أتبيّنها جيّدا لكنها كافية لتمرير فكرة أن البلاليط أكلة تقليدية خليجية معروفة ولذا فإن المسرحية مبنية على فكرة التقليدية أو مجموعة أفكار تكررت كثيرا في المسرح والدراما وأشبعتها الأقلام العربية تناولا حتى تكررت المعالجة مثلما تكررت الأفكار، وتناسخت هي قضية البيروقراطية التي تأكل الإنسان البسيط وهو يطالب بأدنى حقوقه من سلطة تبدو غير معنية به.

وقال الرحبي: أيضا ورغم تقليدية الفكرة إلا أن النص جرّب بطريقته للخروج من النمطية إلى مناخات غير تقليدية وفق مجموعة أدوات أبرزها نأى بنفسه عن تقاليد الحوار الكلاسيكي التقليدي ليضعه ضمن جوقة تضيف عامل الحركة إذ تسعى لغير المألوف في حكايات الفقر والبيروقراطية (الاجتماعية والسياسية) والقهر (العلني) للإنسان وصّفها الكاتب بمهارة وهو يرصفها على الورق فالحركة كانت شغله الشاغل حتى على حساب الحوار واعتنى بها مستعينا بالجوقة لتوصيل أفكاره، رمزت المجموعة وهي تشغل الخشبة بحركته وحواراتها الضمير الجمعي مقابل السلوك الفردي الأنا في مقابل المجموع الفردانية تواجه المثل والمبادئ والأفكار في مثالية السعي لبلوغ الاكتمال يمكن أن ترتدي لبوسا أخرى متعددة استفاد منها المؤلف والمخرج في صنع توليفة قدمت فرجة مسرحية بسيطة وأنيقة، لها ملامح المكان حيث اللهجة لآلئ بحرينية محببة وتتنوع الحوارات وتناور بين الحوار الفردي مع المجموع والحوار الفردي (المونولوج الداخلي) بما يمنحه من دلالات التنوع وتعدد الأصوات وفي ذلك انعكاسات نفسية بالطبع على الجمهور المتلقي حيوية على الخشبة وأيضا في فكره المتداخل مع فكرة الحوار وتصادمية الأفكار بما يكفي لإحداث مشاركة في الفكرة، فرمضان لم يكن إلا فردا من الجمهور المواطن العادي إذ يحاور الضمير الكلي والمجتمعي أو يحاور ذاته بنغمات شعورية داخلية وبما لها من تشويق خارجي.

حضور إعلامي كبير
يحظى المهرجان باهتمام إعلامي كبير عبر وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية في السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي الذي يقام كل سنتين حيث أصدرت اللجنة المنظمة للمهرجان نشرة يومية تحمل عنوان “الحدث” تشمل العديد من الآراء والفعاليات التي تقام يوميا على هامش المهرجان إضافة الى الصحافة اليومية التي تقوم بتغطية الحدث بشكل مميز إضافة الى تليفزيون السلطنة والذي يقدم برنامجا يوميا يتضمن لقاءات وتقارير هو من إعداد وتقديم عقيل بن علوي باعلو وإخراج أحمد بن سالم باحجاج ويذاع الساعة الرابعة عصرا. كما قام التلفزيون بنقل وقائع حفل الافتتاح على الهواء مباشرة. كما تسجل أيضا إذاعة السلطنة ببرنامجيها العام والشباب حضورها اللافت من خلال التقارير والحوارات التي تجريها مع ضيوف المهرجان.

علامة بارزة
ومن الوجوه الثقافية العمانية التي كانت ومازالت داعمة للمسرح وللثقافة والفنون الاستاذ محمد بن علي النهاري مدير دائرة الثقافة والفنون بمحافظة ظفار والذي كان دائماً وابداً بقلب كل حدث إلا أن مهرجان المسرح الخليجي الثاني عشر والمقام حاليا على ارض السلطنة لاحظنا انه بعيد عن هذا الحدث بالرغم من تعايشه وقربه ودعمه لجميع المهرجانات السابقة.

“الشبيبة” التقت معه كمثقف عماني حيث أكد لنا أن ما تشهده السلطنة اليوم ومحافظة ظفار على وجه الخصوص يعد احتفالية مسرحية فنية كبيرة والدورة الثانية عشر لمهرجان المسرح الخليجي تمثل امتدادا لدورات على مدى عشرين عاما من انطلاقة المهرجان وهذه الدورة لها عدة مستويات من الأهمية والأهمية الأولى تتمثل في أهمية المسرح ذاته لأن خشبة المسرح هي التي تختصر الدنيا والمجتمع بما فيه من تفاعلات وتناقضات وتطورات واستمرارية دور المسرح هي التي تعكس الوجه الحضاري لمن يكون في مجتمعه استمرارية للتجمع سواء في دولتنا أو في الدول الخليجية أو الدول العربية أو دول العالم؛ لأن الحضارة هي مسرح ونحن دائما نؤكد على أهمية دول مجلس التعاون ودورها وهو يهتم بالجوانب السياسية والاقتصادية وغيرها ولأنه يهتم بالثقافة والفنون وتحديدا المسرح وهذا ما نعتز به .

ويضيف :”والمهرجان أصبح تاريخياً وقد حقق الكثير على مستوى التعارف والتواصل والتعاون بين المسرحيين الخليجيين، ونتمنى أن يستمر بوصفه حلقة الوصل الوحيدة القائمة بين فنون الخليج فلا يوجد ملتقى بين فناني الخليج في الفنون الأخرى سوى المسرح بفضل جهود أمانته التي أسسته والمسرحيين المخلصين في الخليج أخص بالذكر من يعود لهم الفضل في تأسيسه واستمراره وقدموا وما زالوا يقدموا للمسرح الخليجي إذا يحق لنا أن نفخر بأن تستضيف هذه الأيام السلطنة الدورة الثانية عشرة وكذلك نحن كمثقفين ومسرحين فإن ذلك تم وفق رؤية أدركت منذ اللحظة الأولى الأهمية البالغة للعمل الثقافي العربي في ترسيخ التعاون بين دول الأمة الواحدة واستيعاب تطورات العصر ومواكبة تحولاته عربيا وعالميا والتمسك في الوقت ذاته بهويتنا الحضارية وقيمنا الأصيلة يمكن أن نؤكد أن المسرح الخليجي بهويته الإقليمية وعمقه القومي وإمكاناته البشرية والاقتصادية يشكل حجر الزاوية في بناء المشروع المنتظر للمسرح العربي الذي يعيد إلى هذا الفن تألقه وحضوره الجماهيري وقدرته على التأثير والتغيير.

ويكمل :”وأنا هنا أؤكد أنه بعد هذه المسيرة الطويلة في مجال العمل المسرحي المشترك يصبح من المشروع أن نتأمل في ما كرسته هذه الفعالية من تقاليد وما اختزنته من خبرة وما راكمته أيضا من عناصر تطويرية وبالذات ما يتعلق بالحوافز والتكريم ونشوء جيل جديد من المنخرطين في العملية المسرحية من فنيين ومخرجين وممثلين أزعم أننا بعد هذه المسيرة الجميلة صرنا نمتلك ثروة لا تقدر بثمن غير أن هذه الثروة بحاجة إلى تنمية وتطوير متواصل ودعم مادي ومعنوي أكبر لكل ما يتعلق بالبنية الأساسية للفن المسرحي من صالات ومن توفير التقنيات الحديثة وصولا إلى الاهتمام الجدي بالعنصر البشري الذي هو عماد وأساس هذا العمل بأسره هذا من جانب.

وهو يرى أنه من الجانب الآخر يجب أن ندرك أن المسؤول على هذه الصروح الثقافية والفنية يجب أن يكون بقدر المسؤولية والإدراك إلى هذا الدور التقدمي التنويري وإلى أن المسرح والفنون ليست للملاهات فقط أو البروز الفارغ والعلاقات العامة إنما هما رسالة يجب ان نعمل عليها سويا وندعمها بكل ما اوتينا من قوة ومخزون تراكمي علاوة على ذلك على المهتمين بالمسرح وعلى الأخص النقاد المسرحيين أن يولوا ما يقدم خلال هذا المهرجان من أعمال مسرحية عناية أكبر في تحليلاتهم ودراساتهم وذلك تصحيحا للأخطاء، وشحذا للهمم وصقلا للمواهب التي نلتقي بها في كل دورة.

زيارة سياحية
من الأمور التي حرص عليها المنظمون لهذا المهرجان الجانب الترفيهي والتعريفي لمحافظة ظفار حيث قامت الوفود المشاركة في هذا المهرجان صباح أمس بزيارة متنزه البليد الأثري حيث اطلع الجميع على الكثير من المكونات والمكنونات التاريخية بهذه المنطقة العريقية، هذا بجانب زيارتهم للمتحف المقام بقلب هذا المتنزه، كما قام المشاركون بزيارة منطقية المغسيل السياحية ومشاهدة النوافير، وفي ختام جولتهم زار الجميع قبر النبي عمران.

لقاءات متواصلة
من يوجد بمقر إقامة الوفود ومواقع العرض يجد الكثير من الحوارات واللقاءات التي تكون في غالبها جماعية بين المشاركين من مخرجين وكتّاب وفنانين من جميع دول المجلس والدول العربية حيث يتبادلون أطراف الحديث سواء في النقد أو التقييم أو الثناء أو غير ذلك من العروض المشاركة أو الجلسات الحوارية والمؤتمرات الصحفية وهذا يوجد بين الجميع جوءا من الألفة والتقارب، كما نجد الكثير من الشباب المبتدئ في المسرح وقربه من نجوم وعمالقة كبار يتحاورون معهم ويتبادلون وجهات النظر

 

صلالة – عادل سعيد اليافعي
http://www.shabiba.com

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *