«طوفان» يُشعل حرب «النواخذة» و«رابتر» يطفئ شمعة يتيم

البدء بالتساؤلات يقدم عادةً حواراً ناضجاً في عالم المسرح، لكن أن تكون مدججاً بالإجابات لأطروحات مسرحية مع انطلاق العرض، فإن مفهوم جمالية لغة الممارس المسرحي وقتها تحتاج إلى إعادة نظر وبحث متجدد.

وهذا تحديداً ما يفسر بعض مآخذ مسرحية “رابتر” لمخرج ومؤلف العمل عبدالله زيد، لمسرح خورفكان للفنون، والتي عرضت أول من أمس، في معهد الشارقة للفنون المسرحية، ضمن فعاليات مهرجان أيام الشارقة المسرحية في دورته الثالثة والعشرين.

والإشارة إلى أن مسرحية “رابتر” محمولة بالإجابات حول نوعية العمل وطبيعته من قبل الجمهور والمتلقين يرجع إلى ملاحظته تكرار أسلوب المخرج عبدالله في العروض المستمدة من الواقعية المغرقة، إلى جانب استهداف المضمون لإضحاك الجمهور على حساب القيمة الإنسانية في الطرح.

أما حرب النواخذة في مسرحية “طوفان” لفرقة مسرح الفجيرة التي عرضت بالتوازي مع “رابتر”، فقد أشعلها المخرج صابر رجب والمؤلف حميد فارس عبر دراسة صراعات الشخصيات الداخلية. وطرح العرضان معاً إشكاليات النص والتكوين في المسرح المحلي.

ضرورة

امتازت عروض المخرج عبدالله زيد خلال السنتين الماضيتين، بنجاحات أحدثت جوا جماهيرياً مغايراً، والبحث في تداولات عروضه يؤكد على أهمية هذه الطاقة المحلية في تعزيز وتنويع المضمون المسرحي، لذلك جاء وضع مسرحية ” رابتر ” تحت مجهر التحليل والقراءة والنقد ضرورة، وصفها المخرج بأنها “آلة مصنوعة من الحديد على متنها أناس في داخلهم ألم وعلى وجهوهم تجاعيد الزمن، تلقفهم الدهر ولا نعرف ماذا ستفعل بهم الأقدار، يجتمعون في مكان ما ويتفرقون لسبب ما”.

وتمثل العرض بشخصية الأب والأم والطفل عمر، الذين احتوتهم سينوغرافيا مليئة بملامح البيئة الصحراوية، برزت جمالياتها في تفاعل الممثلين مع لغة الرمل في بعض الأحيان، ولكن ظلت إشكاليات الحوار بين الشخصيات تؤزم موقف العرض.

موهبة

أظهر الطفل عبدالله نبيل في دور (عمر) في مسرحية “رابتر” موهبة مبشرة من جانب، وتطرح معايير مسؤولية الاهتمام والاحتواء من جانب آخر. الحقيقية أنه يحسب للمخرج عبدالله زيد في مواقع عديدة لاستثماره التعاطي مع الأطفال على الخشبة، ولكن في مسرحية “رابتر” تحديداً تحول الاستثمار إلى استغلال غير مقبول لتجاوزه مفهوم المسرح التربوي، خاصةً وأن الطفل عمر دخل في حوارات عن العلاقة مع الآخر لا تناسب سنه أو تطلعاته، يوازيها استسهال مستمر من قبل شخصية الأب والأم بهدف إضحاك الجمهور، ففي مواقع عديدة فقد الأب معايير شخصيته على الخشبة.

مشهدية تلفزيونية

جاءت الندوة التطبيقية المصاحبة لعرض مسرحية “رابتر” تأكيداً على أهمية النظر في مشاركة الطفل في العمل، فمن جهته اعتبر الناقد المسرحي ناجي عبدالستار أنه يرفض تماماً موت الطفل على الخشبة، الذي أطفئ به شمعة هذا الطفل اليتيم، مبيناً أن البوستر الخاص بالعمل، يجب أن يحتوي على قيمة إنسانية للمسرح، وليس نموذجا لدراجة رملية يطلق عليها “رابتر” فوق تلة رملية.

وأثنى مجموعة من النقاد على القدرة البديعة للمخرج عبدالله زيد في احتواء ثلاثة ممثلين والتصدر لحركتهم داخل المسرح رغم حجم الرمل المنتشر على الخشبة، منوهين إلى أن العمل أقرب إلى المشهدية التلفزيونية منه إلى المسرح.

نص أدبي

اللهجة في الحكاية الشعبية لمسرحية “طوفان” انطلقت من محورين أولهما: جماليات اللهجة المحلية القريبة من الأدب والسرد، والصعوبة التي يواجهها المتلقي العربي في تفاصيل المفردة المحلية.

وباعتبارات العرض، فإن العمل قدم صراعاً بين كبار تجار المنطقة المحلية والذين كانوا يسمون “النواخذة”، إلى جانب التناقضات في داخل بيوت النواخذة رغم العلاقات المتأصلة التي تجمعهم.

وبالرجوع إلى التراث فإنه دائماً يعد مادة خصبة للحديث والتعبير عن قضايا وإشكاليات مجتمعية متجددة، ولكن تبقى التحديات في التكوين لدى تلك الأعمال على مستوى التكرار، واستهلاك المعنى، والكيفية الاحترافية في الاشتغال على الممثل.

ودون سرد تفاصيل العرض، فقد شكلت المشاركة النسائية للممثلتين علياء المناعي وهيفاء راشد إضافة نوعية،بينما جاء صوت الممثلين خافتا.

في الندوة التطبيقية ، اعتبر النقاد أن نص مسرحية “طوفان” امتلك جماليات اللهجة أدبياً، مثلت هذه ميزة تحد أمام مهمة المسرح باعتباره فعلا وردة فعل أكثر من فكرة السرد، وهناك من رأى من المتابعين أن التمثيل كان سيئاً، وآخرون من أيد حضورهم على الخشبة واعتبرها ناجحة.

وقال محسن عزاوي: “الاشتغال على الممثلين مهم جداً، أنا أعلم بأن الإمارات تمتلك نوعيات من الورش المسرحية، والاستفادة منها تعد ضرورة لتفادي إشكاليات الحركات الأدائية على المسرح”، معترفاً بأنه لم يستطع فهم أي شيء من الحوارات بسبب اللهجة المحلية البحتة، مؤمناً أن هناك جماليات بصرية وتكوينية تغني أحيانا عن الحوار.

وأكد المسرحي مؤيد حمزة أن لغة المسرح تقوم عادةً على فعل يؤدي إلى ردة فعل، محققاً تفاعل الشخصيات، لافتاً إلى أنه أصيب بالملل أثناء العرض، وتوصل إلى أن الإجابة تكمن في النص الذي اعتمد على السرد والوصف، معتبرا أن أدبية النص جميلة ولكنها كانت على حساب الأداء المسرحي.

 

من برنامج اليوم

مسرحية سيد القبو الزمن: 8:30

المكان: معهد الشارقة للفنون

المسرحية

ملتقى الشارقة لمديري المهرجانات الزمن: 10:30 صباحاً

المكان: فندق الهوليداي

إنترناشونال

ملتقى أوائل المسرح الزمن:10:30 صباحاً

المكان: فندق الهوليداي

إنترناشونال

معرض تصوير ومداخلة الزمن: 5:30 مساء

المكان: معهد الشارقة للفنون

المسرحية

 

أسئلة الرمل

أصدرت دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة كتاب “أسئلة الرمل.. الدراما والتأويل والوعي في نصوص اسماعيل عبدالله المسرحية “، للباحث والكاتب المسرحي العراقي أحمد الماجد. والذي يتناول فيه المادة الخام والحكاية الدرامية عند الكاتب الإماراتي اسماعيل عبدالله، إلى جانب اشتغالات المؤلف في بناء الوحدات الثلاث (المكان، الزمان، الموضوع)، ومحور “بناء الشخصية في نصوص اسماعيل عبدالله المسرحية” و”لغة اسماعيل عبدالله المسرحية”، و “معمار النص المسرحي عند اسماعيل عبدالله”.

 

أبعاد جديدة في فهم المسرح

قالت د. الزهرة إبراهيم (المغرب) إن لقاء المسرحيين في هذا المكان جعلنا نكتشف جغرافية المهرجان وملامحه في كل بلد على حدة، ومن هنا تأتي أهمية المهرجان لأن فاعليته ستكون لها امتدادات مستقبلية. والشباب هم الذين يحملون مشعل المسرح من بعدنا. كما يجعلنا المهرجان نفكر بجميع اختصاصات المسرح وتنوعها في مشاركة جماعية، وأبعادها الثقافية. أجد أن التواصل الذي خلقه المهرجان بين أهل المسرح، يعطي أبعاداً جديدة في فهم المسرح.أيام الشارقة المسرحية تسجل لمسرح ينطلق نحو آفاق رحبة في العالم العربي.

 

موهبة شابة

شخصية “مبارك” التي قدمها الممثل الشاب إبراهيم القحومي في مسرحية “طوفان” في دور العامل في بيت النوخذة ويسمى محلياً ” البيدار”، امتازت بانسيابية عالية، واحتواء للصوت جيد، وتمكن من الحركة، وحول تجربته لفت إبراهيم أنها الأولى في أيام الشارقة المسرحية، وقال:”عمري 19 سنة، بدأت مع المسرح المدرسي والجامعي والطفل واليوم أشارك في أيام الشارقة المسرحية، قرأت نص (طوفان) امعنت النظر في تفاصيله وحاولت التعاطي معه بكل عفوية، اعتبرها الخطوة الأولى”.

 

http://www.albayan.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *