ديناميكية اللغة البصرية في المسرح

يكمن موت المسرح المعاصر  في حيثيات سوق العرض والطلب الثقافي ــ التجاري  والمباشرة الواقعية والإعلامية المقيتة في الثقافة وهامشية معالجاته  الآلية لمشاكل

 

الذات والمجتمع  ونسيانه جوهر الإنسان الحقيقي ، و كذلك  سذاجة الكثير من  المعالجات التي تعتبر  خدمات  إعلامية بصيغ ثقافية أو مسرحية   ، إضافة الى  سيطرة اللغة  الأدبية السردية التي يفرضها النص الادبي المغلق الذي تعتمد عليه  الكثير من التجارب اللامسرحية ماعدا بعض الاستثناءات  . 
أما مستقبل المسرح البصري الذي ندعوا له  فيكمن في  خلق لغة النص والعرض  البصريتين  و اكتشاف أسرارها  سوية مع   المتفرج المتفاعل ، وطبيعة  الأسئلة التي ترفض الأجوبة الجاهزة  و تحفز على  المعالجة  الحقيقية لمشكلة الإنسان  في لحظة فنائه  ووسط عدميته وتشيؤه في خضم سياسة هذا العصر بالرغم من أنه يطمح للديمومة وينظر الى المستقبل  . 
و يبدأ خلق هذه الأسئلة في المسرح والتي لا تستقيم إلا من خلال  اللغة البصرية منذ  البذرة الأولى لكتابة النص ، بمعنى ألا يكتب المؤلف نصه بلغة أدبية وينتظر المخرج ليتكل عليه  حتى يحول  نصه  الى أنساق بصرية في العرض .لكن الخطأ في الأساس الأول أي في كتابة النص الأدبي للمسرح بلغة أدبية وليس مسرحية ، بالتأكيد سينتج بناءً خاطئا .
ولكن   أي نص  بصري  هذا  الذي  من المفترض أن  ينبئنا بمستقبل العرض البصري  ويؤثر على البصر والبصيرة ؟؟
يرتكز هذا النص البصري على ركيزتين  يجب أن تخدما بصريات العرض  :
ـــ اللغة الحوارية  البصرية ( البعد البصري والمادي للكلمة وغنى دلالاتها التأويلية من خلال انتقائها حتى تصلح للمسرح )
ـــ لغة  تداعي الأنساق البصرية  في الفضاء  الإبداعي  البصري(أي الحوار بين ذاكرة  الجسد  وتداعيات الفضاء بما فيها ذاكرة  الأشياء  والأنساق الأخرى مثل الديكور والضوء والهذيان الإيقاعي واللوني ، وبين الفنان البصري ـ المخرج والممثل ـ  و المتفرج)
أن هذين الجانبين اللغة الادبية البصرية   والتداعي  البصري للأنساق  هما اللذان يعيدان خلق اللغة الفنية بصريا سواء كان ذلك في النص أم في العرض  ، فمن خلالهما  يمكن أن نعيد الكلمة وأبعادها الأدبية السردية  والحوارية  إلى كينونتها التأويلية والدلالية والبصرية  في زمن جديد هو  زمن العرض البصري ، وهذا ينطبق أيضا على الأنساق الأخرى للعرض  مثل  الذاكرة الجسدية للممثل  وذاكرة الأشياء ، أي خلق كينونتهما و تداعياتهما البصرية،  منذ  البذرة الأولى التي تكون  النص البصري وتتطور بعد ذلك في  العرِض البصري الذي يعمل على تعميق  وإغناء أبعادها الميتافيزيقية نتيجة لإمكانات التأويل التي يمنحها والتي تؤدي الى تغير الزمن الإبداعي وزمن المشاهدة من واقعي
الى زمن بصري(إبداعي )، ويتغير أيضا معنى المكان ، من ديكورـ هندسي الى سينغرافيا  وحركية الفضاء البصري ، مما يخلق ديناميكية بصرية للعرض المسرحي ضمن مفهومنا للمسرح .

 

د. فاضل سوداني

http://www.almadapaper.net

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *