خليف المطيري .. كاتب “الغرباء” البعيد في غربته

حتى كتابة هذا العرض المقتضب لمسرحية “الغرباء”، مازالت أخبار مؤلفها الكاتب المسرحي خليف منير المطيري أقرب إلى المجهولة، حيث لم أجد إجابة لدى كثير من المهتمين بالمسرح السعودي، والمشتغلين فيه عن أخبار هذا الإنسان. وخصوصا من جايلوا مرحلة إصداره مسرحيته الوحيدة عن الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة.

ولا يبدو واضحا إن كان إصدارها الذي قال المؤلف إنه استغرق 9 أشهر و”ولدت بعدها ولادة قيصرية”، إن كان بالاشتراك مع نادي الرياض الأدبي أم لا, إلا أن مقدم العمل، الدكتور عبدالمنعم إسماعيل الذي سبق وأن عمل أستاذا محاضرا بجامعة أم القرى، قال: “قرأت مسرحية الغرباء مرتين، الأولى حين أحالها الكاتب إلى نادي الرياض الأدبي، والثانية حين وقع الاختيار على الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة لطبعها”. وفي مسرحية الغرباء يتناول الكاتب المطيري قضية في غاية الحساسية والأهمية، ألا وهي القضية الفلسطينية، وهواجس وجود المحتل الصهيوني، بأسلوب بديع ولافت، ولغة من النوع الذي يمكن تصنيفه بالعادي الذي يصدمك بعاديته. فيجعلك تتوقف كثيرا، وطويلا، أمام غير العادي من الصور والأفكار والبناء السردي. يشير الدكتور إسماعيل إلى أنه لم يعرف المؤلف كاتبا مسرحيا قبل الغرباء، وإن عرف فيما بعد أنه كان يكتب باسم مستعار هو “فتى نجد”، ولكن أحد أسباب اهتمامه بهذه المسرحية هو التردد الذي يشوب إقبال الكاتب السعودي على المسرحية، لأسباب قال إنه لا يوافق على أكثرها. وبقراءة هذا العمل، لا يرد بذهنك غالبا أن تشاهد عرضها على خشبة المسرح. الأمر الذي يقف أمامه النقد المسرحي موقفين، أحدهما يعتبره دلالة ضعف والآخر يراها نمطا مستقلا من كتابة النص المسرحي بغرض تقديمه للقراءة فقط، حيث تتجاوز مهمة المؤلف من التأليف فقط إلى التأليف والإخراج والتمثيل أيضا، ولكن من خلال النص فحسب. ويرى الدكتور عبدالمنعم أن الكاتب قد أحسن صنعا بمخالفته جميع الاتجاهات المعروفة في الكتابة المسرحية، وأن المطيري لا يبدو من أنصار المسرحية التي تعتمد على الحبكة، بل على التعامل غير المعقول مع الفكرة. صدرت الطبعة الثانية من مسرحية الغرباء في 1990 عن دار الأصفهاني بجدة. وهي مهداة من الكاتب “إلى دعاة المحبة، الذين يؤمنون بانتصار, الحق وإن طغى الباطل”. لكن طبعتها الأولى عن الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة كانت قبل ذلك التاريخ بقرابة 6 أعوام، حيث يعود رقم إيداعها إلى عام 1984. يقول الكاتب خليف المطيري في مطلع الكتاب، وتحت عنوان “رؤيتي المسرحية” : ما أجمل العمل المسرحي الذي يرتقي بصاحبه إلى أعلى درجات الإنسانية. إنه مدرسة مستقلة تربي في النفس حب النظام والعمل والاكتشاف، وتجنى ثمارها بصورة مباشرة وسريعة. وأضاف أنه في هذا العمل، كان يقف موقف المحايد، حيث ترك لكل شخصية حرية الترافع كما ترى من وجهة نظرها الخاصة كيفما تشاء، قائلا: “إن كانت نتيجة (الغرباء) خلاف تصورنا، فليس لي إلا دور القاضي الذي وضع النهاية لقضية وضحت معالمها”. وفي أحداث المسرحية، كانت تلقائية الشخصيات، أو لنقل سذاجتها في التعاطي مع التحولات والمؤثرات التي تصنع العمل، من أوضح أدوات المؤلف التي أتاحت تناوله لأكثر المشاهد جدية، واحتداما، بأسلوب بالغ التهكم والسخرية. إلى أن ينهي المطيري مسرحيته، بحكم تهكمي، يقضي بعقد زواج بين “الفتاة” والفتى العربي الشهم، وهي النهاية التي يقولها تصميم الغلاف الأنيق، قبل كل الذي جاء في الكتاب، مؤكدا عمق رسالة “الغرباء” وأهميّتها.

 

أبها: بندر خليل

http://www.alwatan.com.sa

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *