محاضرة بصرية للكبار كشفت رحابة عالم الأنوثة وغناه ومتطلباته

حتى هي لا تعرف من تكون.
هي حاضرة، فاعلة، شاغلة الكون كله، هي نصف الكون وتلد النصف الآخر، لها في كل شيء، الأكثر لمعاناً أينما حلت، ولولاها لما كان للدنيا لا طعم ولا رائحة ولا وجود… ومع كل هذا هل يمكن إختصارها في 35 دقيقة فقط.


إنها الأنثى… والمحاولة مع تعريفها، تفنيدها، إختصارها، أو تقديمها إلى الناس عموماً خاضتها الفنانة الجميلة النظرة، دانيا حمود في عملها: محلي، من خلال الرقص الحديث الذي حبب الجمهور به وواكبه في أكثر من مناسبة أهمها التظاهرة المهرجانية الدولية التي أطلقها عمر راجح.
«دانيا» التي تحمل درجة الماجستير في الرقص الحديث والدراسات حوله من جامعة باريس الثامنة، مع إجازة في المسرح من معهد الفنون في بيروت، كان موعد العرض هو أول تعارف بيننا، لم نعرفها قبلاً وإن كانت مرت في بعض التجارب مع فريق: زقاق، وعرضها الخاص مين البطل، عام 2007، أما هنا، في: محلي، فهي تعود إلى عمل قدمته عن نص لها عام 2001 حتى قبل تخرجها (2003)، أعادته إلى النور مع ملامح حضارية عصرية، جريئة إلى حد البوح الكامل بمكنونات الأنثى من خلال أنثى، قالت بجسدها كل شيء عنه، عن شغفه، ولهفته، ونزواته، وإستعداداته، والألق الذي يحمله بحيث يتحول إلى دينامو من طاقة هادرة لا تحتمل أي أنثى وقفه، أو حتى تعديله، بل إن هناك في الكون كما يقول بول فاليري ما هو أقوى من أصحاب الأنوثة هي الأقوى ولا أحد يقدر عليها وإن شعر خطأ بأنه روضها.
مع «دانيا» حصلنا على كتيب عدد صفحاته 35 (دقيقة) قدمت فيه جمالها كان هذا ضرورياً فعنصر الإغواء كأحد معالم الأنوثة لا يستوي من دون جاذب الملامح والقياسات والبنية الظاهرة للعيان، حتى ولو وصل الأمر إلى مرحلة محاولة العيون إلتهام ما تراه من إمتاع بصري، غريزي،، متين ومتدفق، تماماً مثلما كانت دانيا، بكل ما حباها الخالق من وسامة وجه، وتناسق قوام، وقدرة على إنضاج صورتها في ذهن الآخر، قادرة على تعزيز الفعل الأنثوي فينا على مدى وقت العرض، وكان مفاجئاً لنا في ختامه، أن وجدناها أجمل وأقرب وأكثر شفافية بمعزل عن صورة الممثلة الراقصة، بعينين بارقتين بذكاء، بفطرة، وبخفر عفوي ضاعت معظم عناصره عن إناث اليوم.
نعم… صدمتنا دانيا حمود في أكثر من لحظة. لكن هذا ظل بيننا وبين ذاتنا، لم نشعر ولو لوهلة بأن علينا التمادي في اسكانها مخيلتنا، أبداً، كانت تخبرنا بما نعرف الكثير منه، لكن بقدرة واضحة على نبش حقيقة، قالتها من دون تردد عن هذا المخلوق الجميل: الأنثى. لم تتردد في الاعتراف لنا بأن ما نحبه فيها، تعرفه… لا بل هي تحبه أكثر منا وأبلغتنا ان كل رسائلنا مهما كانت نزوية – إذا صح التعبير – بلغت عناوينها عندها.
لكن هل كان ضرورياً فتح العلب السحرية كلها هكذا.
نحن نعتقد جازمين، أن ما شاهدناه كان مطلباً ملحاً، لكي نعرف نحن الجنس الآخر، ولو بتأكيد يؤكد المؤكد، أن الأنثى بكامل مفاعيلها تلتقط كامل الذبذبات الذكورية وسرعان ما تترجم أهدافها لتضحك كل أنثى من أنها كلما أخضعت هذا الآخر لإمتحان يقع في فخه كالشاطر، وهو لا يدري أنه أقرب إلى مادة الإختبار وحسب.
شكراً لـ دانيا على رسالتها التي حملتها إلينا، ونبلغها أنها جريئة أيضاً حين قررت أن يكون وقت العرض يساوي نصف مسرحية، لكنها قدمت عرضاً مضاعفاً في أهميته عن مسرحيات تقول الكثير الكثير من الكلام، ولا يعلق في الذهن الا القليل جداً. لذا فإن: محلي، تجربة بصرية، ذهنية، ذاتية، إنسانية، أنثوية بإمتياز، ويكفي أننا حسمنا معها مجدداً أن الأنثى لن تتوقف عن تحفيز ذاكرة الرجال، وإذا ما بقيت هذه خصبة، بقي هؤلاء في حال من النشاط، والاندفاع ، بعيداً عن الهزائم التي يمنى بها بعض الرجال في أول حياتهم أمام الأنثى، وبينهم وبين ذواتهم..

 

 

بقلم محمد حجازي

http://www.aliwaa.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *