ATI-LAP-AI

استخدامات الذكاء الاصطناعي في المؤثرات الموسيقية المسرحية

د. سعيد محمد السيابي أستاذ المسرح بجامعة السلطان قابوس

استخدامات الذكاء الاصطناعي في المؤثرات الموسيقية المسرحية
د. سعيد محمد السيابي
أستاذ المسرح بجامعة السلطان قابوس
تُقوم المؤثرات الموسيقية بدورٍ حيويٍّ في العروض المسرحية، حيث تعمل على العديد من المهام الرئيسة كتهدئة الجمهور للدخول في أجواء المسرحية، وتعزيز الأجواء للممثلين للدخول في الحالة المسرحية واستخدام اللحن الحزين في المشاهد الدرامية المؤثرة أو الإيقاعات السريعة في اللحظات المفعمة بالحركة والنشاط، بالاضافة إلى خلق الجو المناسب للمكان كاستخدام أصوات الطبيعة أو المؤثرات الصوتية لتمثيل البيئة مثل: أجواء الغابة وأصواتها الطبيعية أو ازدحام المدينة وتنوع الأصوات المتعددة فيها. كما تساعد المؤثرات الموسيقية لتهيئة الانتقال بين المشاهد عبر موسيقى انتقالية تربط الأحداث بسلاسة، وتُبرز لحظات الذروة، أو تكشف عن شخصيات الممثلين الرئيسية أثناء دخولهم، كما نشاهد ذلك في المسرح المصري قبل دخول نجوم الشبّاك أمثال: سمير غانم، وعادل أمام، وأحمد بدير، وغيرها من الوظائف المتعدّدة التي تقوم بها المؤثرات الموسيقية.
إن إنتاج المؤثرات الموسيقية التقليدية يعتمد على الفرق الموسيقية الحية، أو التسجيلات المُعدة مسبقًا، بالإضافة إلى وجود مهندسي الصوت الذين يتحكمون في التوقيت والجودة في كل عرض مسرحي، وهي مهمات مكلفة ماديا وتستهلك وقتا، وتعتمد على التحضيرات الطويلة لانجاز أعمال بعضها لا يتجاوز دقيقة زمنية واحدة، أما حاليا في مجال إنتاج المؤثرات وتجهيزها وخروجها بشكل نهائي في العرض المسرحي، فإننا نعيش طفرة من نوع آخر تعتمد في عصر السرعة/العصر الرقمي بأدوات كثيرة منها ثورة استخدام الذكاء الاصطناعي الذي بفضله تم تجاوز الكثير من الصعوبات وكسب الوقت وتقليل التكلفة، كما سنرى في نماذج هذا المقال.
في عصر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي(AI) دخلت المؤثرات والموسيقى المسرحية في ثورة عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) بشكل كبير في المجالات الفنية الدقيقة عند تنفيذها الأوامر والمتطلبات كإنشاء الموسيقى وإتقان الصوت وتدفق الموسيقى، كما يمكن لبعض البرامج التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في إنتاج أعمال بأسلوب ملحنين مختلفين، بينما يستخدم البعض الآخر خوارزميات التعلم الآلي لإنشاء أغانٍ وأصوات جديدة تمامًا، وبعض من هذه الأدوات مفتوحة المصدر وغير مكلفة ماديا للتجربة، مما يعني أنه يمكن لأي شخص الوصول إليها والبدء في تحسين التقنيات الموسيقية التي يرغب في استخدامها في المسرح.
هناك العديد من التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي وتساعد في التأليف الموسيقى التلقائي التي رصدها العديد من الخبراء والباحثين والموسيقيين ودعمتها شركات التسجيل عن طرق دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في توليد الموسيقى والالحان بأنواعها.
لقد تنوعت التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في عام 2025 التي رصدها العديد من الخبراء والباحثين والموسيقيين ودعمتها شركات التسجيل عن طرق دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الموسيقى فمن أفضل مولدات الموسيقى بالذكاء الاصطناعي التي تمارس في الفضاء الالكتروني مثل: (YESCHAT.AI) و(AIVA) و (OpenAI’s MuseNet) و (Soundful) و (Ecrett Music) و (Soundraw) و (Boomy) و (Loudly) و (WavTool) و ( Amadeus Code) وغيرها.
وللتوضيح نشير لنموذجين من جملة هذه البرامج التي تستخدم الذكاء الاصطناعي وهما: برنامج انتشار (Riffusion) وهو مولد موسيقى يعمل بالذكاء الاصطناعي ويسمح للمستخدمين بإنشاء موسيقى على الفور من خلال مطالبات نصية، إذ يمكن للمستخدمين إدخال مطالبات تحدد الأنماط الموسيقية أو المزاجات أو الآلات الموسيقية وتلقي الأغاني التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في غضون ثوانٍ. بالإضافة إلى ذلك، توفر (Riffusion) ميزات التخصيص مثل الغناء بالذكاء الاصطناعي وتعديل الصوت والمقدرة على تمديد أو إعادة مزج المسارات. وبرنامج أوديو (Udio) يقوم بتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لصياغة مقطوعات موسيقية مخصصة. هذا البرنامج يبسط عملية إنشاء الموسيقى، مما يسمح للمستخدمين بوصف الموسيقى وتحديد المرغوب منها من حيث النوع والآلات. كما تقوم المنصة بترجمة هذه المدخلات النصية إلى مقطوعات موسيقية كاملة وعالية الجودة، تعرض تطور تقنيتها وتصميمها ليسهل الاستخدام للقائمين على وضع الموسيقى والمؤثرات.
من جملة ما يمكننا الخروج به إن استخدام الذكاء الاصطناعي في المؤثرات الموسيقية المسرحية يستطيع توليد مقطوعات موسيقية، بسهولة ويسر،
بناءً على معطيات مثل: الحالة المزاجية أو السياق المسرحي كترشيح موسيقى كخلفية لمسرحية تاريخية باستخدام أنماط موسيقية من العصر المنتخب للمسرحية وبطريقة سلسلة بواسطة الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى خبرة موسيقية. كما يمكن للمخرج تحديد نوع الموسيقى وتوفير كلمات الأغاني بشكل سريع ومتعدد وفي دقائق وربما ثواني، مما سمح للذكاء الاصطناعي بتوفير باقة خيارات وإنشاء مقطوعات موسيقية متعددة المذاهب والمدارس الفنية مثل الكلاسيكية والبوب والروك والجاز وإنتاج مقطوعات موسيقية عالية الجودة. ومع ذلك وجب التنبيه إلى إن دمج الذكاء الاصطناعي في صناعة المؤثرات الموسيقى المسرحية لا يعني الاستغناء عن الإبداع البشري وتراجع الدور الإبداعي للإنسان لصالح الآلة، بل هناك احتمالية حدوث أعطال أثناء العروض المسرحية الحية. ولكن المستقبل يشئ باستمرار تطور تقنية الذكاء الاصطناعي وتنوع التطبيقات التي تنتج المؤثرات الموسيقى للمسرح وتقدم حلولاً أكثر تطورًا وسهولة في الاستخدام وتتيح موارد لا تقدر بثمن للارتقاء بالتجارب المسرحية الحديثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى