محسن العزّآوي .. ألضجيج الحلو

محسن العزّآوي .. ألضجيج الحلو …

——————————————-

عنهُ سمعتُ الكثير ، قبل أن يُتيحَ لي عقدُ السبعينيّات فرصة أن ألتقيه … وعندما تتفتحُ شهوة الحديث عن التجارب المسرحية الطليعية في العراق ، كانت تجربته ( طنطل ) ، من إخراجه وتأليف الكاتب العراقي ( طه سالم) ، تتصدّر الجلسة ، وتحضىٰ بحصّة الأسد من إهتمام الحضور ، وتدخلآتهم في إثرآء الحوار ، إلىٰ جانب تجارب مسرحية عرآقية أخرىٰ ، قـدِّر لها أن ترتادَ تلك الآفاق ، وتلامس ذاك الهوىٰ ، إنه المخرج والممثل والأستاذ والإداري الداينمو محسن العزآوي …

ما أن تُصادفه حتىٰ يُفاجئكَ بضجيجه الحلو ، حيويتهُ ، ورغبتهُ الساخنة في العمل ، ومشاريع أحلامه المسرحية التي

تنتظر التحقّق ، وجرس الإحتفال ، يُعزّزُ هذه الميّزة مُخيّلة غنية ، وميزانسين بهيج ، ضاج بالحركة وألوان الحياة ، وروحٌ تهوى الغرابة ، واختيار درب المخاطرة ، وعياٌ جماليّاٌ للفوز بالجاذب والمؤثّر …

ساحَ العزاوي مُحسن في فضاءات النص المحلّي والعربي والعالمي ، إقترب من عوالم المسرح الغنائي ، ولكن بحدود ، وبرأيي لو توفّرت للعزاوي العناصر اللازمة لإنتاج المسرح الغنائي ، لتمكّنَ أن يُقدّم الكثير في هذا اللون المسرحي المميّز ، والضروري لجمهورنا في تلك السنوات الحالكة ، سنوات الحرب والحصار ، اقولُ هذا ، لأنَّ للعزاوي مِزاجاً يُناسب وبشكلٍ كبير هذا الُمقترح الجمالي ، الذي قدّم من خلاله التماعات وُفّقتْ في إحراز درجة النجاح ، وما تزال الأهمية قائمة لهذا اللون المسرحي المُبهجْ …

هو مُخرجٌ انتقائي ولآ شكْ ، يُؤكدٰ هذا الرأي ، ما أنجزهُ من تجارب، وتنقّل فيه من أساليب ، تطبعها سَوّرة القلق ومَلكة الإبداع ، ورغبة حقيقية تعتملُ في داخله ، تدفعه أن يرفض الإقامة في محطات بعينها ، ويذهب إلىٰ خيار التنوّع والتلوّن …

شرّفني العزاوي أن أُشاركه ممثلاً في أربعة تجارب مسرحية هي :

( باب الفتوح ) ، وأسندَ لي دورَ البطولة في عمل مسرحيٍّ للأطفال يحمل عنوان ( ألنجمة البرتقالية ) ، ومسرحية ( الوهم ،أو مشنقة الإنتظار ) ، ومسرحية ( شخوص وأحداث في مجالس التراث )، بطبعتها الثانية ، لأن طبعة التجربة المسرحية الأولىٰ ، للنص المذكور ، كانت ، بتوقيع المرحوم ( قاسم محمد ) ، مؤلّفاٌ ومُخرجاً …

والطريف في هذه التجربة ، أنّني لم أكن ضمن كادرها الفنّي ، ولكن كما هي عادتي ، وأعتبرها ضمن وآجبي المُلزم ، أن أزور وقت التجربة اليومية ( ألتدريب ) ، لعدد من المخرجين ، ألذين تهمّني طروحاتهم المسرحية ، بقصد الإطلاع ، وتنمية سقف الخبرة ، لأنه أن تكون حاضراً ، لحظة إنبات أي تجربة مسرحية ، معنىٰ ذلك أنك تُمنح فرصة ذهبية ، بقراءة مخطوطةٍ مسرحية ، قبل أن تطبع وتُصبح في تناول قرآءٍ آخرين ، هذآ إضافة لما تختزنه التجربة اليومية ، البروڤة ، ألتدريب ، من أسرآر وسحر . فكان أن زر تُ في أحد الأيام – بعد أن استأذنتُ وسُمِحَ لي بالحضور – التدريبات اليومية للمسرحية المذكورة ، لمتابعتها ، للتعرّف والفائدة ، وبينما كانت حلقات البروفة تتواصل بحيوية ونشاط ، حتىٰ صاح العزاوي ، يستحوذ عليه انفعالٌ واضحٌ ، صمتَ للحظة ، ثم التفتَ حيثُ الصالة ، جهة المكان الذي أجلس ( عزيز .. اتفضل اصعد ) ، هكذا فاجأني والحضور ، وبين الإقبال والإحجام ، إرتقيتُ حائراٌ منطقة البوح ، منصّة التدريب ، وبدون مُقدّمات ، انبرىٰ يشرحُ لي مُحدّدات تصورّه لتلك الحالة المسرحية ، وما يطلبه من ضرورة تواجدي معهم في التجربة …

عشنا أعراس التجربة في بغداد العزيزة ، وواصلنا بهجتها في مدينة ( وجده ) علىٰ ساحل البحر الأبيض المتوسط ، و( مراكش ) ، و(الرباط ) ، في المغرب ، وعلىٰ مسرح قرطاج في تونس .

وأضاف الفنان المسرحي محسن العزاوي ، إلىٰ حاصل سلته الإبداعية ، في التمثيل والإخراج ، ثمرةً أُخرىٰ لآ تقلُّ في ضرورتها الإبداعية ، عن تخصّصه الفنّي ، ألآ وهي الإدارة ، فن الإدارة ، عندما أُنيطت بعهدته ، مسؤولية إدارة الفرقة القومية للتمثيل ، ألمسرح الوطني العراقي ، تكليفاً وتشريفاٌ ، حيثُ شهِدت هذه الفرقة المهمة عصرها الذهبي ، أيام إدارته لها ، في مجال التخطيط والبرمجة والإنتاج ، كمّاً ونوعاً ، والتحليق بها خارج المحلية …

محسن العزاوي مخرجاً وممثلاٌ وأُستاذاً وإدارياٌ ناجحاً ، وروحاً حلوةً في التَرحال والعمل …

?عزيز خيون مخرج وممثل وباحث

مُؤسّس ورئيس مُحترف بغداد المسرحي

ألعراق – بغداد

2018

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *