فن التعبير من دون كلمات..أونوديرا: أريد تشجيع الجمهور ليمضي في عالمه المجهول ويغامر ترجمة: عادل العامل

 

المصدر : المدى : نشر محمد سامي موقع الخشبة

ليس كل شيء يمكن تفسيره بالكلمات. فكل واحد منا يستمد تعبيراً مختلفاً من كلمة “حب”، على سبيل المثال”، يقول الفنان الياباني البالغ من العمر 51 عاماً شوجي أونوديرا. “ومع هذا فإني اكتشفتُ، خلال الرقص، جمالاً خاصاً وراء الكلمات”. وكان أونوديرا، وهو مخرج وفنان إيمائي mime، يتحدث هنا عن لغة الرقص بعد يوم طويل من التمارين التمهيدية لعمله الجديد “مغامرات أليس في بلاد العجائب”، التي افتُتحت في حزيران الماضي في المسرح القومي الجديد بطوكيو، كما تقول نوبوكو تاناكا في مقابلتها الصحفية هذه مع أونوديرا وشريكته في العمل موموكو فيجيتا (الظاهرين في الصورة).
ويشرح أونوديرا ذلك قائلاً، “لكن لأن الإيماء (التمثيل الصامت) يدمج الإيماءات الإنسانية في سلسلة حركاته البهية، فهو يمكنه بذلك أن يُظهر الخلفية الثقافية للشخصية بشكل أكثر واقعيةً مما يفعل الرقص لوحده”.
لقد بدأ أونوديرا طريقه نحو وضعه الفني الحالي منذ عام 1994، حيث درس الإيماء وعمل في بعض المسرحيات في الجامعة. وبعدها شارك مع عدد من الزملاء في إنشاء فرقة (الماء والزيت  Mizu to Abura)، التي كوّنت لها على مدى العقد التالي سمعة كبيرة لا في اليابان وحدها بل وفي عدة بلدان زارتها الفرقة. وفي عام 2006 حصل أونوديرا على منحة دراسية ليعيش ويعمل في باريس مدة عامٍ حيث شارك في تأسيس فرقته ” ديراشينيرا” مع زميلة له من الفرقة السابقة. وقد دعت الفرقة منذ ذلك الحين العديد من الممثلين والراقصين للأداء في عملها الأصلي، ” مسرحيات من دون كلمات”، غالباً ما استندت الى أعمال عظيمة مثل “روميو وجوليت” لشكسبير، وملحمة ” الأخوة كرامازوف” لدوستويفسكي، و”المسخ” لفرانز كافكا.
وفي الوقت التي تشتهر فيه هذه التكييفات الممتازة للتعبيرات الراقصة من دون كلمات عن هذه الكلاسيكيات، فإن مزج أونوديرا القوي لتلك الأشكال الفنية قد أدى أيضاً بالكثير من الفرق المسرحية الأخرى إلى مناشدته تصميم إنتاجاتها الخاصة ــ  وهو بُعد مستقل شهد فوزه بجائزة أفضل كادر عمل من جوائز يوميري عام 2011.
ونتيجةً لهذه النجاحات، ظل أونوديرا يعمل من دون توقف منذ أن أسس فرقة ديراشينيرا ــ وتلك نعمة لأي فنان، لكن ليس من دون ثمن بالنسبة لشريكته موموكو فيجيتا. وهي تقول، ” لقد كنا مشغولين جداً بالعمل مع المؤدين الجُدد ذلك أننا لم نكن قادرين على التفكير بالذاهب إلى الخارج كما فعلنا مع فرقة “الماء والزيت”. لكن الآن وبعد ثلاث سنوات مع جماعة من الفنانين الشباب الذي جربناهم في “سلسلة المسرح الأبيض”، حيث أنجزنا قطعة جديدة كل عام، أعتقد بأننا نستطيع البدء تدريجياً للقيام بذلك معاً”.
وقد قرر الشريكان مؤخراً التهيؤ لعملهما المقبل، “مغامرات أليس في بلاد العجائب” فاستدعيا عدداً من المؤدين للعمل فيه. وكانوا قد عملوا لفترة مع أونوديرا، الذي يقول عنهم ضاحكاً، ” وهكذا فإنهم يثقون بي، ويدينون لي، إلى مدىً معين، ببعض المعروف”!
ومع هذا، يُقر بأنه تحدٍّ صعبٌ القيام بخلق عمل جديد مستند على رواية فنتازية شهيرة بالعنوان نفسه للويس كارول عام 1865، قائلاً، ” أساساً، لقد أحببت القصة وعالمها التجريدي الفنتازي. ونحن في أعمالنا الخاصة نخلق في العادة مشاهد فنتازية لتحفيز خيال الجمهور، لكن الكتاب فيه الكثير من هذا ــ مثل تحول أليس إلى صغيرة ثم فجأةً إلى كبيرة ــ وهذا ما يجعل من الصعب معرفة الكيفية التي يُعرف بها استحداث عالمها الملغز”. وأضاف، قائلاً، “وكان سيكون من المضجر لو أننا اتبعنا فقط أوصاف الرواية بإظهار أليس الصغيرة الحجم وهي تستخدم التكنولوجيا الرقمية، مثلاً. وبدلاً من ذلك، أردتُ أن يتساءل الجمهور ما إذا كانت أليسنا هي تلك التي يعرفها الجميع أم لا. وفي الحقيقة، فإني لا أُظهر البطلة كأليس، بل أدخلتُ شخصية أخرى شبيهة بأليس”.
وتوضح فيوجيتا قائلةً، “إننا نود إعداد فخ للحمهور عن طريق جعله يفكر من هي أليس هذه ولماذا تحدث تلك الأمور الخاصة هناك. وهكذا سيكون المسرح بسيطاً تماماً بإعداد مكشوف، وستدق البطلة على ستة أبواب بحثاً عن الفردوس. وفي الحقيقة، فإن “الفردوس” فكرة أساسية في هذا الإنتاج، حتى وإن كان يروغ منها كما يبدو على الدوام”.
ويقول أونوديرا، ” هناك في ذهني، وأنا أقوم بهذا العمل، نوع من العالم الثنائي بين ما تحركه أليس.  وعن طريق تغيير المشاهد بشكل مربك من خلال حركات مؤقتة بدقة واستعمال كل تلك الأبواب، آمل في أن يتمتع الجمهور بمشهد بصري سحري ذي تحولات مذهلة”. ويضيف إلى ذلك ، ” لقد أدركت أنه ليس هناك فقط العالم الذي أعيش فيه، لأن هناك فعلياً عوالم مختلفة متعددة قائمة بشكل متزامن. وبالتالي، يمكنني أن أصور بلاد عجائب أليس كقصة حقيقية وليس كمجرد قصة حلم، وأنها تستطيع أن تقوم برحلتها بين الحياة الواقعية وفردوسها المجهول بينما هي تواجه الصعوبات بشجاعة في “بلاد العجائب” أينما كانت”.
وبهذه الفكرة في رأسه، فإن أونوديرا يريد أن يشجع الجمهور، كما يقول، على  السير في عوالمهم المجهولة والشعور بإثارة الدخول في مغامرة كما يحدث لأليس في بلاد العجائب.
 عن: The Japan Times

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *