المسرح منصة تربوية

الشارقة: علاء الدين محمود
على الرغم من كونه منصة لمسرح الصغار، إلا أن مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي، الذي يقام برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة، يعتبر من أهم الفعاليات الثقافية والمسرحية على مستوى إمارة الشارقة والدولة، لكونه من الفعاليات التي تتحقق فيها قيمة المسرح الأساسية من رسائل توجيهية وتربوية تسهم في تنشئة الأطفال واليافعين، إضافة إلى كونه يعتبر مدرسة تتخرج فيها كوادر المستقبل في مختلف مفردات العمل المسرحي، من تمثيل وإخراج وتأليف، وغير ذلك، إلى جانب الكثير من الممارسات الإبداعية، الأمر الذي جعل المهرجان منصة يعول عليها كثيراً.

ويهتم المهرجان بدعم وتشجيع المواهب المسرحية الشابة في المدارس الابتدائية والثانوية بكل مدن ومناطق الشارقة، وتضم فعالياته العديد من الورش التدريبية والمحاضرات، إلى جانب العروض المسرحية والتشكيلية، فهو بمثابة مدرسة متكاملة يتعلم من خلالها الطالب كل فنون وأشكال العمل المسرحي، مع مراعاة المرحلة السنية لهؤلاء المبدعين المشاركين في أعمال المهرجان المختلفة، إذ يركز المهرجان على الأنشطة المهمة التي تنمي في التلميذ الحاجات الأساسية، كالحاجة إلى اللعب والحاجة إلى المعرفة والحاجة إلى تحقيق الذات، ومعرفة الأشياء والعالم من حوله، ما يسهم بصورة أساسية في ترقية وتنمية شخصية الطفل، وهنا تبرز أهمية اللعب لكونه يساعد التلميذ في اكتساب المعلومات والمعارف، كما أنه يعمل على ترقية خياله، ويقوي من شخصيته بحيث يتولد فيه إحساس بأنه يستطيع عمل شيء ما، وأن يكون هذا الشيء له قيمة، كما أن المسرح يسهم في صقل موهبة الطالب ويولد فيه المقدرة على التعبير عن ذاته والواقع من حوله، وتعزز فيه روح المشاركة.
ويحمل المهرجان الكثير من القيم التي يريد أن يرسخها، مثل تعزيز الهوية الوطنية والأخلاق التربوية المنشودة في الميدان التعليمي، والعمل على تشجيع وتفعيل اهتمام المدارس بالنشاط المسرحي، وتعميق دور المسرح بصفته وسيلة تربوية تسهم في رفع الكفاية المعرفية والإبداعية لدى الطلاب، وكذلك يسعى إلى أن يجعل حضور المسرح حالة متعمقة في الواقع الاجتماعي والثقافي الإماراتي، وربما ذلك من الأشياء التي جعلت الإمارات اليوم من الدول العربية التي تتميز بالنشاط المسرحي

والواقع أن كثيراً من نجوم المسرح الإماراتي الذين يقدمون الروائع اليوم في مختلف تخصصاتهم، هم في الحقيقة أبناء المسرح المدرسي في مهرجاناته وفعالياته المختلفة في كل إمارات الدولة، الأمر الذي أدى إلى تأسيس هذا المهرجان الذي يقبل هذه الأيام على بدء فعاليات وعروض دورته العاشرة ، ولعل المتابع لمسيرة هذا المهرجان المهم يكتشف حجم التطور الكبير في عمل المهرجان عبر الرؤى والأفكار التي ظلت تبذلها إدارة المسرح في دائرة الثقافة في الشارقة، إذ إن المهرجان يجسد جانباً من جهود الشارقة المتعددة والمتنوعة للارتقاء بالبيئة المدرسية وزيادة جاذبيتها، ويستكمل بعروضه وأنشطته المصاحبة ومسيرته المتطورة الأدوار البناءة والفاعلة للمؤسسات التعليمية والتربوية الهادفة إلى تأمين كل الوسائل لحفز ودعم إمكانات المعلمين ومواكبة وإبراز مواهب ومهارات الطلاب.

وأصبح المهرجان في تطور مستمر، ويتضح ذلك الأمر من خلال حجم إقبال المدارس على المشاركة فيه، وعلى مدار سنوات مسيرته، وحتى اليوم، ارتقى المستوى الفني للعروض، وترسخت فكرته، وكان لذلك الجهد ثماره المرئية حيث توجت بعض الأعمال المسرحية التي أنتجها المهرجان بجوائز كبرى خلال مشاركاتها في المهرجانات المسرحية بالمنطقة، أو في الوطن العربي، وذلك يدل على المكانة الكبيرة التي بات يحتلها المهرجان في الحراك الثقافي في الدولة.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش