سلبيات الشخصية العربية في مسرح الطيب العلج – العراق

تترواح فترات النقد اللاذع للواقع في العالم العربي مابين سياسية في وقت زمني ما ثم تعاود الى الاجتماعية في زمن اخر وتكون هجائية للدين في زمن اخر ، وكثير من كتاب العراق كتبوا في نقد المجتمع وهجائه ورفض كل ماهو سائد في محيطه الحالي والسابق لانه جعل الإنسان مُهمَّشا مسلوب الحق والإرادة خاضعا للقدر المادي والسياسي والاجتماعي اضافة الى انهيار النظام الأخلاقي في المجتمع بعد متواليات الحروب والتحولات السياسية والفكرية . ومن بين الكتّاب العراقيين الذين كتبوا في نقد الطيب العلج (1928 _2012)، ممثل وزجال وكاتب مسرحي مغربي.له مسرحيات مهمة هي : دعاء للقدس, بناء الوطن ,السعد , عيطونة، النشبة، جحا وشجرة التفاح ,حليب الضيوف ,كان من ابرز الذين سلطوا الضوء على الوضع السياسي والقيم الاخلاقية منتقدا ذلك التردي الواضح في تمظهرات تلك الاوضاع وخاصة في مسرحية “حليب الضيوف” التي تبين لنا حالة الانفلات والتحرر عن سطوة السلطة ومحاولة فضح عيوبها والخروج عن قيود الحكومات والسياسات المتقلبة بين الحين والاخر في مجمل علاقاتها الداخلية والخارجية المتعارضة ووارادات الشعب وحريته . كتب العلج مسرحية « حليب الضيوف » والتي تعد من اكثر المسرحيات التهكمية حيث يصفها لنا رياض عصمت بقوله : تعالج المسرحية واقعاً أدى إلى الهزيمة واقعاً من الكسل وانتظار الهبات دون جهدٍ أو عمل من السادة الأجاويد. وتتوالى سلبيات الشخصية العربية، بدءاً من اعتياد الفقر، ومروراً بالرجولة الزائفة والاهتمام بالمظاهر الخارجية والهوس الجنسي والإغضاء عن العمل والتعلق بالخرافة، حتى ترتسم أمامنا صورة مجتمع مريض – ربما مبالغ في مرضه – يعيش على صراعات هامشية حول مباراة في الضامة أو جسد امرأة عابرة، ويتناسى أنّه عن طريق العمل وحده يمكنه أن يغير واقعه وقدراته إلى واقع وقدرات أفضل، فتراه لا يصم أذنيه عن سماع الدعوة إلى العمل فحسب، بل يوظف قواه جاهداً لمنع أي شذوذ في رأي الآخرين عن هذا الموقف المتخلف، مدعوما تارة بالدراويش، وتارة برجل دين دجال، وتارة أخرى بالمرأة مرسولة الأجاويد. الجميع ينتظر الحليب، ولكن الأجاويد يحضرون ولا يأتون معهم إلا بالماء.
بعدها قدم لنا مسرحية “السعد” التي يصور لنا فيها كيف ان ظروف الحياة وواقع المحيط به يجبرانه على ان يتخذ من السحر والشعوذة طريقا للوصول الى غاياته والتخلص من كل مايحيط به من سلبيات الزوجة والصديق والحاكم والسلطات برمتها لذا نجد في شخصيات المسرحية تعبير عن تشتت الفرد وانقسامه الداخلي ومعاداته للفرد الاخر.
ولاشك ان النقد اللاذع هو اساس يقوم عليه العلج مقامه الاول من حيث تبادلاته الفكرية والمعرفية ومدى تعارضاتها مع الواقع المعاش والذي ينظر نحوه على انه واقع سلبي لابد من ان يقال له انك على خطى غير صائبة وان كانت الكلمة الاولى لايسمعها الناس حينها ستخرج الكلمة الثانية اشد حدة منها وتتوالى حدية الكلمات في جميع مسرحياته.

———————————————————————
المصدر : مجلة الفنون المسرحية – فاتن حسين ناجي –   المدى

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *