مسرحية ” البوابة رقم 7 “

أمجد ياسين – الصباح – مجلة الفنون المسرحية 

 

يوحي العدد 7 بان المسرحية تدخل في اطار مثيولوجي لاعتماد الرقم 7 الذي يرتبط بخلق الكون في سبعة ايام، وان ايام الاسبوع سبعة ايضا، كما يدخل في بنية الاساطير من ان الرحلة الى الجحيم تستغرق سبعة ايام، وأن نمو اي بذرة يتم بعد سبعة ايام من زراعتها، كل هذه الاحالات استحضرتها وانا اقرأ عنوان المسرحية البوابة رقم 7،ولكني لم اجد في العرض ما يدل على علاقة عميقة بين عنوان العرض ودلالة المحتوى،سوى أن العرض احتوى سبع شخصيات،وان كل شخصية منها ظهرت بلون مختلف.. مع أن عنوان أي عرض او نص هو الاستهلال او العتبة التي تمهد الدخول للنص.

وضعنا فولدر مسرحية ” بوابة 7 ”وصورة محطة القطار وسككها المتفرعة باتجاهات عدة اننا امام حال من التنوع والاختلاف والانتقال من الشأن المحلي الى العالمي، فالمحطة مكان مؤقت، لا تعني البوابة فيها شيئا،بل هي مكان نشط الحركة على مدار الساعة، الدخول إليها كالخروج منها، مكان يمور بالتنوع على مستوى الاشكال والاتجاهات، لا قرارة فيه اي انه يستقبل ويودع، وبالتالي نحن امام حال قلقة وجهه قفاه والعكس صحيح. 

صورة فولدر المسرحية التي عرضت على خشبة مسرح الرافدين يوم الخميس العاشر من آيار 2018 ادخلتنا كما الديكور في هذه الاجواء. وهي من اخراج سنان العزاوي، اما النص فهو  للدكتورة عواطف نعيم.

النص

سلط النص الضوء على الارهاب كفكرة اولا وكفعل ثانيا، اذ اقترنت الفكرة بمصادرة الآخر على مختلف المستويات والسيطرة عليه فكريا وجسديا ، واقترن الفعل بتحول هذا الكائن المشوه الى اداة تنفيذ. لم يتعرض النص للارهاب على المستوى الفكري بل لامس قشور لبه الدفينة، وركز اهتمامه على الارهاب كفعل قد حدث في الماضي القريب وتداعياته الان / الحاضر، اي اننا امام حالات فعل ورد فعل، بعض الشخصيات كانت ضحية، تقمصت لاحقا دور الجلاد والعكس صحيح، لذلك اقول ان النص لم يتعرض للارهاب بعمق، اي الحفر عميقا في مفهوم 

وفكر الارهاب. فكانت الشخصيات تستعرض قصصها المختلفة باختلاف زمانها ومكانها وطبيعة الفعل الذي قامت به.

 هي سبع شخصيات، لنقل سبعة انواع من الارهاب الفكري والجسدي والاجتماعي.. فنظير جواد “ العراقي” ليس قاتلا هو ضحية فقدت سمعتها اجتماعيا بسبب اخيه الارهابي، اخوه احد ارهابي سبايكر الذين مارسوا فعل القتل، اما التونسي / المغتصب فقد ربطه النص بالعلمانية، والمصري الاسلامي / المتشدد فكرياً والرافض لفكر الاخر، و السورية الهاربة من حجيم الحرب الاهلية، وقد تعرضت للاغتصاب، جعل النص منها في عيون الاخرين بضاعة بخسة لممارسة الرذيلة، والمغربي /  المتعاون مع داعش عن طريق تهريب السلاح والاموال، والفرنسية / الرسامة التي ربطها النص بفكرة الاساءة للاخرين باسم الحرية. 

هي سبعة انواع من الارهاب رسمت صورة كيف ينظر لنا الغرب كعرب، فانت مستباح في كل محطة، المحطة الفرنسية التي جمعت كل هؤلاء، كانت فكرة الارهاب والتوجس من الآخر موجودة حتى عند ابناء القومية والدين واللغة الواحدة. لقد وضع النص كل هذه التداخلات بذكاء امام طاولة المشاهد في هذا العرض الطويل جداً. ليقول لنا ان كل من يحرض او يساعد او يدعو للارهاب هو ارهابي.

الإخراج والاداء

 لعل السؤال الاهم هو، هل كان العرض موفقاً؟ هناك الكثير من الامور التي يجب الالتفات اليها ، بداية  من طول العرض المسرحي 100 دقيقة، وهو وقت طويل اصاب الجمهور بالملل، مما يضع المخرج قبل غيره امام حسه النقدي، فكثير من المشاهد غير ضرورية، وهي في الحقيقة اعادة للفكرة الرئيسة بمفردات مختلفة على لسان شخصيات مختلفة ليس الا ، اي لم تأت بجديد ، فالفكرة كما قلنا واضحة، وما استعراض قصة كل شخصية الا اطالة في عمر العرض وهذا يحسب ضده وليس له، ربما لو اختصر عدد الشخصيات وعمق الحوار بين الاخوين العراقيين، او بين الشخصيات كمجموعة على سبيل المثال لكان اجدى. لقد كان الحوار اشبه بقارب يعوم على بركان من الاحداث، لم يشأ التطرق للاسباب الحقيقية للارهاب، فكان التركيز على عرض اشكال من الارهاب وقد البسها لبوسا مختلفة.

الاخراج سار خلف هذه الفكرة ، وتبعها اداء الممثلين، فكانت حركة الممثلين ثنائية استعراضية متباعدة على خشبة المسرح اكثر منها جماعية الا في عدد من المشاهد، ولعل اجملها مشهد  مطاردة المغربي وهو يتسلق السكة/ السلم في عمق المسرح. لقد ركز الاخراج فعله على الشخصيات بصورة فردية، لم يشركها كثيرا مع نظيراتها الاخرى التي تشترك بمفهوم فكرة الارهاب. كما ذهب العرض الى تقديم كل شخصية وهي تتكلم بلغتها المحلية، المصرية والمغربية والتونسية والعراقية والسورية والفرنسية، وقد نجح بذلك، ولكن غاب عن الاخراج ، وربما هي كاركتر المخرج التي طغت على شخصيات العرض، ان رتم الكلام في كل هذه الشخصيات كان سريعا، فغاب عن فهم المشاهد، فليس من المعقول  ان كل الشخصيات تتحدث برتم واحد! كما ليس من المعقول ان تتحدث الفرنسية طوال العرض بالفرنسية، وان ترجمت بعض كلماتها لتضع المشاهد في صلب حوارها،  هذه الطريقة لم تخدم العرض، والاعتماد على الحركة لفهم الكلام  مشقة للكثير ممن حضر. امر اخر بالنسبة لحديث الارهابي العراقي المشارك بجريمة سبايكر لم يكن واضحاً، ويمكن ملاحظة ان العراقيين هما اقل شخصيتين في نسبة الحوار، وهذه علامة فارقة، ان تأتي بارهابي من داعش واخيه الذي قتل الكثير، ولا تضع على لسانيهما الا القليل من الكلام! هو يبحث عن الماء للتطهير، ولكن هذا الهاجس يضع على لسانه الكثير من الكلام على شك هوس او صرعات او هذيان، راينا شيئا خجلا من هذا مقارنة بهواجس الشخصيات الاخرى. ولنا على دور نظير جواد علامة استفهام كبيرة، اذ لم تستغل طاقة هذا الممثل المعروف على خشبة المسرح. ومن هنا نؤشر  التفاوت في الاداء بين الممثلين اعتمادا على دورهم وحصتهم في الحوار. فبرز التونسي والمصري والفرنسية والسورية اكثر من الاخرين.

مال الاخراج كما قلنا الى الاستعراض وهذا ليس عيبا، فالطاقات التي حضرت على خشبة المسرح تمتلك الكثير، ولعل الفتاتين وهما تؤديان دورهما الاول على الخشبة امر يبشر بخير، اما البقية فاغلبهم ممثلون محترفون. ارجو على المخرج ان ينتبه الى ان الجرأة في الطرح مفهوم فني بالاساس تتجسد بفنية على خشبة المسرح،، واذا ما كسر هذا الطوق فانها ستقع في مفهوم وتفسير آخر ..هو خيط دخان علينا التعامل معه بهدوء وحنكة وخبرة.هذه بعض الملاحظات على العمل الذي اذا ما اختصر زمنه وركزت فكرته فانه سيأخذ مساحة مهمة من النجاح. تحية لكادر العمل جميعا، وللفنانين: نظير جواد ، حيدر خالد، علاء قحطان، وسام عدنان، ياسر قاسم، اسراء العبيدي، وآشتي حديد.

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *