عين على المسرح-الجزائر بمونودراما التصريح الأخير لشهريار ضمن فعاليات مهرجان شرم الشيخ الدولي هشيم الأحلام وأنين العذارى …- بـقـلـم : عــبـاسـيــة مـدونــي – سـيـدي بـلـعبـاس- الــجزائــر

ضمن فعاليات مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في دورته الثالثة التي تأتي على شرف الفنان القدير ” محمد صبحي” ، التف جمهور المسرح في ليلة من ليالي البرنامج المسطر حول عرض المونودراما  في محور المنافسة للجزائر ممثّلة بتعاونية مسرح الديك من سيدي بلعباس .

عرض المونودراما كان ” التصريح الأخير لشهريار”  ، نص ” فرحان الخليل ” ، وتشخيص للممثل ” بن سميشة حوسين ” ، الهدوء المريب الذي عرى الأحاسيس وكشف الأحلام الدفينة ، جمع بين جمالية ورمزية السينوغرافيا ، وبين حضور الممثل جسدا وروحا وهو يستحضر ليلة من ليلي شهريار ، آخر الليالي التي نحتت دواخله وكشفت غرائزه وهو يتحسس الحنين القابع بين ثنايا روحه التي اختزل أنينها ووجعها منتظرا ومترقبا ، وهو بين أنقاض الغياب .

عرض المونودراما بلغته الفصحى قطف من رياض ألف ليلة وليلة  ثمار الربيع المنتظر ضمن فصول الفجع الذي يعتصر شهريار ، فصل الموت الخالد الذي راح ينتظره ولم يأت رغم مناجاته ، رغم وجعه ، رغم كل ما انتظره عند زاوية الحلم الذي لم يأت ، حلم العذارى اللائي فكّ بكارتهنّ ، باكيا مداريا بكائه بين سموات صداه الذي زلزل كيانه وأربك زمنه الذي مزّق شرايين مملكته .

ضمن تناول نصيّ بإيقاع شعريّ وسينوغرافيا وظيفية ، اجتاح الممثل فضائه الركحي ،  ووضع بصمة حضوره وحركاته بعذرية وبحب متناه ، وهو ينبش في الماضي ، ماضي العذارى والشوق الذي انهكه ، وما كانت سوى شهرزاد من قتله حبها وشوقها ، من أدخلته المصيدة التي أشعلت براكين روحه الخامدة .

بين زوايا سريره فتح كل أبواب الصرخات التي تتهادى بين حنايا روحه ، معلنا انتحاره ووفائه الأبديّ ، مناديا شهرزاد كي يعلن آخر اللعنات ، مناجيا ربّه حتى يزيح عنه  الأسى ، ليغدو بائعا لموته بعد أن مات به وفيه كل شئ ، وغاب بريق الأماني في صرخاته وحكاياته الأخيرة .

العرض كشف عن قدرات فنية واعدة للممثل ، هو الذي يجمع بين الصوت ، الحركة والايقاع  ، برزت فيه بصمته وإحساسه ، عانق من خلاله آهاته وأوجاعه ، عرّى أحلامه ويقظته ، فكان شهريار حاضرا بتصريحه الأخير ، مسلّما أمره الى النهاية الحتمية ، معلنا موته وتضاريس قبره الأبديّ  الذي يشهد على دم العذارى وشقائق النعمان وصدى صوت شهرزاد

عرض  ” التصريح الأخير لشهريار ” اشتغال على نص بالفصحى في مستواه الشعريّ ، واستقراء لثنايا المشاهد في ظل حكايات ألف ليلة وليلة ، لتكون الحكاية الأولى التي أراد شهريار سردها ولربما الأخيرة ضمن سلسلة أحلام تغفو  كانت شهرزاد ستكتحل بها.

“التصريح الأخير لشهريار”” تجربة مونودراما واعدة تحقق جسرا للتواصل وللتماهي في استقراء نداء الاستغاثة.

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *