“الطوق والإسورة”.. مسرحية تواجه السلطة الذكورية #قرطاج_21

تقابلاتٌ عديدة تجمع الماضي بالحاضر من خلال السينوغرافيا وتيمة العمل، لتسليط الضوء على معاناة المرأة المصرية الصعيدية من قبل السلطة الذكورية ووقوعها ضحية عادات متوارثة، ينقلها العرض المسرحي “الطوق والإسورة” للمخرج ناصر عبد المنعم.

في المسرحية، برزت “فهيمة” كبطلة تراجيدية، تلقى حتفها بسبب الجهل والخرافة، فواجهت حياة قاسية وتحملت أوجاع أسرتها، كما أنها فشلت في زواجها وحملها من حارس المعبد، وغدر الشيخ هارون (رجل الدين) بها، كلها أحداث جعلتها تعيشها حياة مأساوية.

واختار المخرج نهاية تراجيدية لعرضه، حيث جعل المرأة الضحية تواجه نظرة المجتمع الدونية، وبدلا من تعاطف الناس معها لحل قضيتها اعتبروها رمزا للعهر، وتسبب ذلك في تدهور حالتها النفسية، حتى أصبحت أكثر بؤسًا وحزنًا.

وعلى الرغم من تعاقب الأجيال ومرور سنوات على زمن الرواية، فإنّ المخرج انتشل أبطال عرضه من النص، مسلطا الضوء على معاناة الشخصية المحورية “فهيمة”، مع هيمنة واقعية “الزمنكية” على العرض المسرحي، إذ ارتسمت على خشبة المسرح تفاصيل القرية من خلال الديكور والأزياء والأكسسوارات، حيث تتجاور المعابد الفرعونية الضخمة مع شخصية فقيرة؛ بينما يقبع الجمهور ما بين الزمنين في منطقة التجسيد للحدث، ليصبح جزءا من عملية مساءلة الحالة المزرية التي وصلنا إليها، بالإضافة إلى حضور التراث المصري الغنائي في العمل.

العرض المسرحي المصري، الذي يتنافس على جوائز أيام قرطاج للمسرح في دورته الـ21، يقول عنه مخرجه: “على الرغم من مرور سنوات على إنتاج أول عرض للمسرحية، فإن “”الطوق والإسورة” قابلة للتجديد والطرح في كل فترة؛ لارتباطها بالظرف التاريخي والسياسي في الوقت الراهن”، يورد ناصر.

الناقد رياض موسى سكران علق على العرض قائلا: “المسرحية خلقت حالة تواصل مع المتلقي الذي تفاعل مع تلك لشخصيات بأبعادها التي تنتقل بين كونها شخصيات رمزية وشخصيات واقعية، لتلج إلى أعماق الواقع وتكشف النتائج المترتبة عليه، وهي تتماهى مع القيم الجمالية والفكرية للعرض في الدعوة إلى تغيير الواقع كما ينبغي أن يكون”.

وأشاد الناقد المسرحي بالدور الذي قدّمته الممثلة فاطمة محمد علي التي أعادت تشكيل شخصية حزينة من الداخل، بتركيزها على البعد النفسي بين أبعاد الشخصية، واصفا إياه بـ”الخيار الأصوب من أجل إبراز أفكار وانفعالات وهموم وهواجس الشخصية على وفق مقتضيات خطاب العرض، وتعبيرها عن الحزن المكتوم في أقصى حالات الفرح، فضلاً عن الإمكانات الأدائية التي تميزت بها مارتينا عادل في شخصية (فهيمة) التي جسدتها بحضور خفيف الظل ورشاقة في الأداء”.

وشارك في بطولة هذه المسرحية، المقتبسة عن رواية الكاتب يحيي الطاهر عبد الله، كل من فاطمة محمد علي ومارتينا عادل ومحمود الزيات وأحمد طارق وشريف القزاز وأشرف شكري وشبراوي محمد ومحمد حسيب وسلمى عمر وسارة عادل وفرح عناني ونائل علي.

(هيسبريس)

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش