محمد إسماعيل يودّع خشبة المسرح بابتسامة

 

 

 

ودع المسرح الإماراتي، أول من أمس، الفنان محمد إسماعيل عن عمر يناهز 50 عاماً، بعد إصابته بسكتة قلبية ألمت به، حيث شيع عدد كبير من الفنانين، وأسرة الفنان، جثمان الراحل إلى مثواه الأخير، بعد صلاة فجر أمس، في مدينته خورفكان.

ولم تخلُ شهادات أصدقاء ورفقاء درب الفنان محمد إسماعيل من الإشارة إلى أنه كان صاحب الابتسامة الحاضرة دوماً، والضحوك حتى عندما تشتد المحن ليهزم تصاعدها بضحكة، لدرجة أن جميعهم توقع أن تكون «الابتسامة» هي آخر ما انطبع على محيا إسماعيل قبيل ترجله، حيث فوجئت أسرته بمفارقته الحياة بـ«هدوء» داخل غرفته، حين اضطرارهم إلى كسر بابها.

عيسى كايد: سليم القلب

الفنان عيسى كايد أحد أقرب أصدقاء الراحل محمد إسماعيل، كان شديد التأثر لنبأ وفاته، حيث اشترك كايد معه في آخر إطلالاته المسرحية في الدورة قبل الماضية لأيام الشارقة المسرحية عبر مسرحية «أنت لست غاراً».

وقال كايد «ثنائية الأمل والتفاؤل أبرز ما ميز محمد إسماعيل، وكان على الرغم من معاناته المرضية يبدو كما الصحيح، ومن حوله هم الأكثر علة، وكان يكفي أحدنا جلسة معه كي ينفض عن كاهله هموماً كثيرة».

أحمد الماجد: الضحكة لم تفارقه

قال سكرتير جمعية المسرحيين، الكاتب أحمد الماجد، إنه لم يسبق له أن رأى الفنان الراحل محمد إسماعيل عابساً، مضيفاً «لم تفارق الابتسامة والضحكة والاستبشار محياه طوال سنوات معرفتي به».

وأضاف الماجد «كنت أتصور أن رئيس جمعية المسرحيين الفنان إسماعيل عبدالله يهاتفني للاطمئنان على الموسم المسرحي، أو جانب من جوانب عملنا اليومي، لكن المهاتفة جاءت الأقسى لتؤكد نبأ رحيل أحد أعمدة المسرح الإماراتي».

وفي اتصال هاتفي مع «الإمارات اليوم» بدا شقيقه الفنان إسماعيل عبدالله وشريكه الأول في مشواره الفني متماسكاً، وأكد امتنانه الشديد للمواساة الخالصة من أسرة المسرح الإماراتي، مشيراً إلى أن التعاضد الاجتماعي والنفسي أحد أبرز مقومات هذه الأسرة، مضيفاً أيضاً أن الإيمان بقضاء الله وقدره أهم مواساة في المصاب الجلل، وعظم الافتقاد برحيل محمد إسماعيل.

خمسة عقود في الحياة أمضى سنواتها جميعها إلا قليلاً على الخشبة، وقدم أدواراً يرى زملاؤه أنها ستظل محفورة في سجل أبرز نتاجات المسرح المحلي والخليجي والعربي، وتجاوز نشاطه مسرحه «خورفكان»، فكان أحد أكثر الفنانين الذين عرفوا بانفتاحهم على مختلف مسارح الدولة، خصوصاً مسارح إمارتي الشارقة والفجيرة.

وعلى الرغم من أنه الأخ الشقيق لرئيس جمعية المسرحيين إسماعيل عبدالله إسماعيل، الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، فإن حظ الراحل من الألق الإعلامي كان ضئيلاً جداً، بل إن حضوره التلفزيوني أيضاً كان ضئيلاً، حتى في التوقيت الذي شغل شقيقه منصب مدير تلفزيون أبوظبي، حيث استمر محمد إسماعيل ملتصقاً بخشبة المسرح وأهله.

وبالإضافة إلى خصوصية حضوره على الخشبة، فإن الإمساك بتلابيب «الفصحى»، كان أحد أبرز الأدوات الفنية تمكناً لدى إسماعيل، الذي لم تحل معاناته الدائمة من ضيق الشرايين القلبية دون أن يكون في مقدمة الفنانين الأكثر التزاماً بالاستعدادات والبروفات المسرحية السابقة للعروض، لدرجة أن معظم الذين عملوا معه لم يكونوا على علم بقصته المرضية التي اضطرته إلى الخضوع إلى عملية جراحية في أميركا، لا سيما أن الراحل كان متمسكاً بخفة ظل فطرية، أضحت بمثابة طابع شخصي لوجوده.

وانحاز إسماعيل مبكراً للمسرح الذي اجتذبه من عمله الرسمي مدرساً في وزارة التربية والتعليم، وكانت البداية في أواخر سبعينات القرن المنصرم بكتابة نص «الخطأ وين» مع شقيقه إسماعيل عبدالله إلى آخر أعماله المسرحية في عام 2013 ومسرحية «أنت لست غاراً»، مع مسرح الشارقة الوطني، التي جمعت عدداً كبيراً من الممثلين المحليين ضمن عروض «أيام الشارقة المسرحية».

ولم تقتصر رحلة محمد إسماعيل على التمثيل، حيث خاض تجربة الإخراج والكتابة، وإن بدرجات أقل، بتحريض من شقيقه الذي يكبره بعام واحد فقط، إسماعيل عبدالله، بل وصل بهما التآخي في حب الخشبة إلى تأسيس فرقة مسرحية في المدرسة، بعد أن كانت البداية الخطأ وين».

شرارة البداية بالنسبة للراحل كانت في فريق مسرح مدرسة الخليل بن أحمد في خورفكان، وأعقبها أعمال أخرى عديدة كانت ثمارها حركة مسرحية ازدهر بها مسرحا خورفكان الشعبية والطليعة، حيث اجتمعا في أكثر من عمل مسرحي تحت مظلتيهما، قبل أن يعاودا التعاون في السنوات الـ10 الأخيرة، في مسرحية «غصيت بك يا ماي» مع مسرح أم القيوين الوطني بالإضافة إلى مسرحية «اللوال» مع مسرح الشارقة الوطني، ومسرحية «ليلة مقتل العنكبوت» ومسرحية «خلطة ورطة» العام الماضي.

التكريمات الفنية كنت ضئيلة في مسيرة إسماعيل قياساً بحضوره الحقيقي، لتعمق من واقع ظلمه الإعلامي، لكن مهرجان أيام الشارقة المسرحي أنصفه أخيراً في دورته الأخيرة بحصوله على جائزة افضل ممثل، عن دوره في مسرحية «الرهان»، التي شكلت علامة فارقة في عروض هذه الدورة، رغم أنها شهدت اشتراك عدد كبير من نجوم المسرح الإماراتي. وتواترت رسائل النعي وعبارات التأبين الرسمية، طوال يوم أمس، ناعية الراحل، حيث قدمت جمعية المسرحيين نعياً مؤثراً لرحيل محمد إسماعيل، جاء في سياقه «هو حيّ في قلوب كل المسرحيين.. بما قدمه من عطاءات عظيمة على الخشبة.. وإن كنا كبشر زائلين، فإن مسرح محمد إسماعيل سيبقى خالداً». ونعت مسارح الدولة المختلفة رحيل إسماعيل، وأعربت في بياناتها الصحافية عن أن «مصاب المسرح الإماراتي جلل برحيل صاحب الابتسامة التي لم تغب عن محياه إلا برحيله».

 

سعيد سالم: أسمع ضحكاته

 

بدا الفنان سعيد سالم شديد التأثر وهو في طريقه إلى خورفكان لتقديم واجب العزاء في فقيد المسرح الإماراتي، حيث يعد سالم أحد المقربين لإسماعيل.

وقال سالم «لاتزال ضحكاته في سمعي، والمفارقة أنني كنت أذهب إلى غرفته كي أشد أزره حينما يرحل أحد أحبائه، والآن أنا ذاهب للمكان ذاته، لكن لمواساة نفسي برحيله».

وأضاف «الالتزام الفني والأخلاقي وخفة الظل أبرز ما ميز الراحل، وكان يشترط إيقاف التمارين المسرحية بعد كل أذان كي يتمكن من أداء الصلوات في أوقاتها».

عبدالله صالح: مصاب المسرح الإماراتي جلل

 

قال الفنان عبدالله صالح إن مصاب المسرح الإماراتي جلل برحيل محمد إسماعيل، الذي ظل متمسكاً بخفة ظله وروحه المرحة، رغم معاناته المرضية، التي حرص على ألا تكون معروفة في الوسط الفني، لأنه كان مقبلاً ومصدر تفاؤل للجميع.

وبرر صالح عدم تسليط الضوء الإعلامي الكافي على موهبة إسماعيل بزهده في الدراما التلفزيونية، وتفضيله أن يكون مقلاً في أعماله، وهو أمر لم يكن الكثيرون يعلمون أن وراءه «قصة مرضية».

حبيب غلوم: دائم الابتسامة

 

نسب الفنان حبيب غلوم، الراحل إلى الرعيل الثاني من جيل الحركة المسرحية الإماراتية، واعتبره أحد رموز هذا الجيل الذي أسهم في تطوير المسرح المحلي، بانفتاحه وسعة ثقافته.

وأشار غلوم إلى أن خفة ظل الراحل لم تكن من باب القفشات المجانية، بقدر ما كانت وسيلة مهمة للتغلب على المشكلات التي تواجه أسرة العمل المسرحي، والابتعاد به عن أجواء التوتر والمهاترات.

ورأى غلوم أن إسماعيل كان بمثابة حلقة وصل بين العديد من المسارح، فخاض تجارب مهمة مع العديد من مسارح الدولة المختلفة.

 

 

محمد عبدالمقصود – دبي

http://www.emaratalyoum.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *