مهرجان مسرح الطفل الاردني.. دعوة للمراجعة والتطوير

 

 

 

الطفل عنوان المستقبل، ومن حقه المعرفة في كافة المجالات حتى ينشأ لدينا جيل، قادر على البناء والعطاء، بعيد عن التشوهات، التي تنشأ بسبب الاغتراب عن البيئة والمجتمع التي يفرضها ايقاع الحياة العصرية، الامر يفرض علينا افرادا ومؤسسات تحمل المسؤولية تجاه الطفل، ومن المؤسسات المؤثرة بشكل كبير في هذا العصر المسرح .

ومن هنا نسجل لوزارة الثقافة اعادة احياء مهرجان مسرح الطفل، ونؤكد اهمية وضرورة استمراريته، وتطويره، ودعمه، وتعميمه على الاطفال اينما كانوا، في مدارسهم ونواديهم واي تجمعات لهم. ولا بد من الاعتراف بالنجاح الذي حققه المهرجان الحادي عشر، وقد كان الجمهور هو نجم المهرجان، الى جانب سلاسة ادارة مختلف مفاصل المهرجان، واعجبني رقي المسرحيين، بتقبلهم نتائج لجان التحكيم.

الا انه من خلال العروض، والندوات التقويمية، برزت عدة مسائل، لا بد من تداركها، للخروج من حالة ارباك كانت تسيطر على العروض وعلى الحوارات، وانا على يقين بان المسرحيين الذين شاركوا بالعروض، والذين تابعوا وناقشوا، لديهم الرغبة بالوصول الى مسرح طفل اكثر نضجا، فنيا وفكريا، وهذا يعني ان لدينا بيئة ملائمة للحوار، وطرح الافكار، والمراجعة، حتى نصل الى السؤال الاهم وهو «اي مسرح للطفل نريد؟؟». وكما تشاركت وزارة الثقافة ونقابة الفنانين والقطاع الخاص في المهرجان، فان هذه الجهات، قادرة على عقد مؤتمر، او ورشة عمل، تدعو لها المختصين في مسرح الطفل، اردنيين وعربا، وتوفير الظروف لحضور اكبر عدد من الكتاب والفنانين، للوصول الى حالة تفاعلية ينتج عنها تعريفات واضحة، سواء لمسرح الطفل واهدافه، وعناصره، واّليات العمل، او الفئة المستهدفة، ومراحلها العمرية، والادوات، والموضوعات. ومن ثم الخروج بتوصيات، تكون بمثابة مرجعية يتم الاحتكام اليها «بمرونه» في مختلف المراحل، بدءا من اختيار الكوادر التي تشرف على المهرجان، مرورا باختيار النص، والرؤية الاخراجية، ومتابعة المخرجين، وبشكل جدي اثناء التحضير والبروفات.

ومن اجواء بهجة المهرجان في دورته الاخيره، فاننا لا بد من المراجعة الشفافة، حتى نرتقي الى ما يقارب الطموح، فقد كان هناك ضعف واضح في النصوص المقدمة، وهذه بداية الازمة، واول طرق طرق الخروج من مأزقها، وقد ظهر ذلك في العروض، وان كان بشكل متباين، لكنها واحدة من المشاكل التي انتبه لها الكثيرون، وكانت مدار نقاش في الحوارات، وفي توصيات لجنة التحكيم. واكتفي بتوصيف

الكاتب المسرحي والمخرج عبدالكريم دكروب حيث يقول: المشكلة هي أنّه عندما يكتب أحدنا لمسرح الطفل فإنه يخاطب نفسه أولا؛ أقصد يخاطب فئته العمرية ثم يراعي بعد ذلك الفروقات والمراحل العمرية الأخرى، فيأخذ بعين الاعتبار القدرات الذهنية لكل فئة، وغير ذلك، مما تتطلبه الكتابة لمسرح يخصّ الطفل. وهو يعود ويؤكد ان اهم مشاكل مسرح الطفل هو غياب الفكر عن الكتابة المسرحية، وكذلك الضعف في المعالجة الدرامية، وهو بذلك يضع الكاتب والمخرج، في مرمى القصف، وفي دائرة المسؤولية، وذلك في حال تحققت الارادة بتقديم مسرح حقيقي للطفل، يحمل كل عناصر العرض المسرحي. وفي هذه الحالة فان العناصر الاخرى للعرض المسرحي، حكما ستكون منسجمة مع السوية العالية لفكر النص، ومع الرؤية الاخراجية الواعية، فالتمثيل سيتم الاشتغال عليه من خلال فهم عميق للشخصية، بمكوناتها، وهواجسها، واحلامها، وتطلعاتها، وطبيعة علاقاتها المتداخلة مع الشخصيات الاخرى، والمؤثرة في مجمل الحبكة الدرامية، وبالطبع مخارج صحيحة للحروف، ونطق سليم، وحوارات متلائمة مع الشخصية، وضعها النص اصلا في اعتباره.

وهذا حكما سينعكس على مصمم الازياء الذي سيعتني بتصميم ازياء منسجمة مع موقع الشخصية، وبيئتها، وينطبق الامر على الموسيقى بدلالاتها الجمالية والمعرفية، وكذلك الاضاءة، ومفردات الديكور، وكل مكملات العرض، لانه اذا توافرت الموهبة والوعي، فان المسرحية ستكون بمجملها، وبالشكل النهائي للعرض، مثل نسيج الدانتيل، كل شيء في مكانه، ليشكل عرضا جميلا ومدهشا. ويحقق مواصفات مسرح الطفل، من لغة سهلة ومفهومة، واغنية ورقصات واستعراض يجذب انتباه الطفل، وافكارا سهلة الوصول الى عقل الطفل بما فيها ما تطرحه من منظومة القيم والسلوكات، وذلك في اطار التشويق، والدهشة والابهار، فالمعادل البصري المدروس للنص، من شانه ان يثير البهجة والمرح.

ان من شان اقامة حوار في هذا الاطار، وباية صيغة كانت، سيخلق لدينا مسرحا، يحقق الاهداف المرسومة له، ويكون عندها من السهل، تعميم هذه العروض خارج عمان، والتعاون مع وزارة التربية والتعليم، لتعميمها على المدارس، لان الامر لا يحتاج الا قرار اداري، يسهل اتخاذه اذا استطاع المسرحيون ان يديروا رقاب المسؤولين، قبل الاطفال الى عروضهم.

 

 

رسمي محاسنة

http://alarabalyawm.net/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *