مسرحية “شروق الأمل” للمخرج سمير الخوالدة تحصد تسع جوائز خلال المهرجان

 

 

 

لم يكن فوز مسرحية “شروق الأمل” لمخرجها سمير الخوالدة بتسع جوائز مفاجئا لدى الغالبية ممن تابع فعاليات مهرجان “مسرح الطفل” بدورته الحادية عشرة، إذ شغل العمل بصورة إخراجية منساقة نحو الحلم النابض في موجة الظلم التي تجتاح بلادنا العربية.
ومع أن العمل المسرحي الذي نافس الأعمال المسرحية الأخرى كان متفوقا بكثير من الجوانب، إلا أن ضاع في تحديد الفئة العمرية المستهدفة، فبدى أحيانا مناسبا لعمر من هم فوق سن الثامنة كونه يحتاج إلى إدراك حسي وعقلي.
وانتهت مسرحية “شروق الأمل”، حين اختتمت بطلة العرض التي قامت بدورها بتول الضمور بالقول “ليش حزنتو، لسا في أمل طول ما بمشي فينا دم وقلب بنبض في أمل، رح نحلم ونحقق كل اشي بدنا اياه”.
استهلالية المسرحية أيضا بدأت بحلم جميل لطفلة تسترجع الماضي وذكرياتها الجميلة، مع سريان العمل المسرحي، نكتشف أن تلك الأحلام الجميلة تتحول نحو واقع سيئ.
من تلك الأحلام التي يفترض أن تكون واقعية حلم الطفلة في غابة الحيوانات تنتصر فيها الحيوانات على الأسد والثعلب، اللذين يمكران للحيوانات الأخرى كي لا يتحدوا أو يحققوا أحلامهم.
الجميل أن فكرة تلك الغابة تمحورت حول الأطفال أنفسهم وأحلامهم المقموعة، وسلطة الأب والأم أو أبعد (كالمجتمع)، هي التي تريد لهؤلاء الأطفال أن يكونوا كما يريدون لا كما يريد الأطفال أنفسهم، إلا أن اتحاد الأطفال وإصرارهم على تحقيق هواياتهم بالعرف والغناء والانطلاق كان بالمرصاد، فمن ينتصر؟
مسرحية “شروق الأمل” كانت متفائلة حتى لحظات طويلة من العرض، فانتصر الأطفال لتحقيق أحلامهم وعزفوا وغنوا حتى انتصرت حيوانات الغابة الضعيفة على الأسد والثعلب.
تصحو الطفلة على واقعها الأليم من جديد وتستذكر والدتها ولعبها مع شقيقتها ولحظاتها بالمنزل الجميل وتنام لتحلم وتخبر قصة الحلم لشقيقتها.
حلم آخر “أعماق البحار” هي النقلة التي كانت ساحرة على طراز حكايات “الف ليلة وليلة” أخذها المخرج بأبعاد سينوغرافية “مدهشة” انسجمت مع الموسيقى والإضاءة وعلقت المشاهد والطفل حتى انتهى المشهد على وقع صحو الفتاة من الحلم.
هذا الحلم في عمق البحار تحاول فيه الطفلة معرفة الفضاء الآخر والذي تحاول والدتها “الحورية” إخفاء معالمه عن ابنتها من خلال وصفه لها بأجمل العبارات.
طرح لنا المخرج عبر النص مفتاح سؤال “علاجي” أكبر من أن يدركه طفل أقل من 8 سنوات خلال العرض، إلا أنه بالغ الأهمية، فهل حين نخبر أطفالنا بأن الفضاء الخارجي هو جميل عبر وصفنا له نكون قد أقصينا أطفالنا عن الآثار النفسية التي قد يقعون فيها جراء الحقيقة الموجعة، أم نكاشفهم بحقيقة ما يوجد بذلك العالم من خراب ودمار؟.
رويدا رويدا يكشف تسلسل الإحداث للطفلة حلم “أخير” حين استيقظت على واقعه ذاهبة إلى المدرسة لتعود وقد هدم منزلها وماتت شقيقتها الصغرى قبل أن تروي لها قصة الحلم.
صراخ وصدمة وربما حالة هستيرية أصابت الطفلة فبدأت تنثر الكلام من هنا وهناك، حتى إنها مست مشاعر الجميع في كلماتها التي اتسمت بأنها مبتورة تنتظر اكتمال “الحلم” حلم طفولتها.
ترتمي الطفلة بهذيانها وكأنها “بعمر” رجل شاخ للتو، وتروي كيف أنها وحيدة إلا من الحلم الذي ربما لم يعد بالإمكان أن تحلمه بعد قصف بيت عائلتها وتدميرهم بدون أن تكون الطفلة شريكة بأي حرب.
لا تريدنا تلك الطفلة كمشاهدين للعمل أن نحزن، فتنطلق بنا نحو عالم الأمل والحلم، وتخبرنا أنها يجري في عروقها الدم ويجب أن تظل تحلم وترقص وتغني من أجل استمرار الحياة ومن أجل الآخرين والمستقبل.
في النهاية يحمل العمل ثيمة العودة إلى حالة التفاؤل والايجابية التي طغت على المسرحية، رغم كل ما تخللها من صور موجعة وحديث مؤلم مشوّق لطفلة تسعى إلى تحقيق حلمها الذي انكسر على غفلة “حرب”.
النص الذي كتبته أمل المشايخ معد للطفل فوق 8 سنوات، خصوصا بعد اشتغال المخرج سمير الخوالدة على العمل بطريقة فنية بصرية عالية الجودة تستوجب على الطفل البحث والتمعن بما يدور على الخشبة.
السينوغرافيا التي كانت عبارة عن شاشة سينمائية متحركة ظلّت تشد الحضور لها رغم زخمها أحيانا، والمساحات التي تركها المخرج ساعدت في إيضاح رسالة المسرحية خصوصا حين غادرتنا عناصر متحركة على المسرح ليمتلأ الفراغ والحقيقة المرّة أمام الطفلة وأمامنا كمشاهدين كيف نحمي هؤلاء الأطفال؟.
عمل يستحق أن يقدم على مسارح المملكة ليتسنى للجميع مشاهدته لانشغاله بطريقة مميزة أسهمت في رفع ذائقة المشاهد طفلا كان أم بالغا، لكونه يرمي إلى إيصال معاني الإنسانية عبر حلم طفلة غزته “الحرب” فعادت لتحلم وترقص من جديد.
مسرحية “شروق الأمل” كانت بالتعاون مع المسرح الحر وهي من تأليف أمل المشايخ وإعداد وإخراج سمير الخوالدة، وتمثيل كل من؛ بتول الضمور، حنين العوالي، حنين خوري، وعد حسونة، سلمى المجالي، فرح المجالي، رهف العجارمة، حلا محمد المراشدة، هبة دنف، فرح محمود، وتصميم الديكور وليد ارشيد، الأزياء فكرية أبو خيط، تأليف الموسيقى جوزيف دمرجيان، مؤثرات بصرية عبادة الضمور، مصممة الاستعراضات إخلاص الكساسبة، مكياج حنين العوالي، تصميم الإضاءة محمد المراشدة.

sawsan.moukahll@alghad.jo

@smoukhall

 

سوسن مكحل

http://www.alghad.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *