«دبي لمسرح الشباب» أحدث حالة مسرحية لافتة وحيوية

 

أحدث مهرجان دبي لمسرح الشباب السادس الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون، وأقيم خلال الفترة من الأول وحتى الثامن من الشهر الجاري، حالة مسرحية لافتة في دبي، بطابعها الشبابي الحيوي، حيث تميزت العروض بصرامتها في الالتزام بالمعايير، ولم تمرر العروض الضعيفة بتبريرات مثل التشجيع والمجاملة وما إلى ذلك.

 

 

وحول مدى نجاح المهرجان وما أفرزه من نتائج تسهم فعلا في تكريس واقع افضل للمشهد المسرحي الإماراتي يقول الممثل والمخرج حميد سمبيج “إن العروض بدت متفاوتة في مستوياتها؛ وإن الأعمال التي تميزت هي التي تم اعدادها باجتهاد وصبر واهتمام فيما كان الضعف من نصيب تلك العروض التي لم يجتهد اصحابها كثيرا في تجويدها” وأضاف “لاحظنا الفرق في عملين، هما الجلاد للمخرج مرتضى جمعة والطين للمخرج فيصل علي، ومن هنا نجد ان الجوائز بمعظمها ذهبت إلى هذين العملين”. ويقول “حين نخلص من تسعة عروض إلى خمسة، فهذا مؤشر على ان المعاينات التي تمت للعروض لم تهتم إلا لمستويات هذه العروض وقيمتها الفنية، وهو مؤشر على الجودة وعلى كل حال من الأفضل أن نعثر على اعمال قليلة، ولكن قيمة بدلاً من اعمال كثيرة بلا قيمة”.

مغامرة


ولفت حميد إلى أن المسرحي الشاب دائما ما يكون على قدر من الحماسة والانطلاق، وقد يغامر هنا وهناك، ويقول “لذلك وجب ان نكون أكثر دقة وانضباطاً في تقييمنا لما يقدمه”. وفي اجابته على سؤال حول مستوى الأعمال، مقارنة مع ما قدمه المهرجان في دوراته السابقة قال “يمكن القول إن هذه الدورة طبعها التوجه إلى الجودة، وهي كانت انتقائية ولم تفتح الباب للجميع..”.

وأخذ حميد سمبيج، على إدارات المسرح تقاعسها في الاهتمام بـ”الفريق الثاني” على حد تعبيره؛ وقال “بدا واضحا أن إدارات المسرح لم تهتم بفرقها الشابة، ولقد لاحظنا ان معظم العروض كانت بحاجة لأن تدعم فنياً، ولكن يبدو لي ان هؤلاء الشباب لم يجد الاهتمام اللازم من إدارات فرقهم لذلك وقعوا في اخطاء كان يمكن تفاديها بسهولة مع وجود مشرفين أكثر خبرة وتجربة”، وناشد سمبيح إدارات الفرق ان تدرك هؤلاء الشباب قبل ان يفوت الوقت، وختم افادته بالقول إنه متفائل بالمهرجان، وهو يرى ان المخرج الشاب مرتضى جمعة الذي قدم مسرحية “الجلاد” كان هدية ثمينة من المهرجان للساحة المسرحية المحلية.

دراماتورج

من جانبه، دعا المسرحي العراقي محمود أبو العباس إدارة المهرجان إلى ان تدرس الإجراءات المتبعة في الإعداد للدورات المقبلة، وتعمل على تجنب المشكلات التي انتبهت لها في هذه الدورة او التي سبقتها، وقال أبو العباس الذي اشرف على العديد من المجاميع المسرحية الشابة إن الدورة الأخيرة تميزت باختيارات صارمة؛ وقال “اتمنى ان يتواصل هذا التقليد وأن يتم العمل بتوصيات لجنة التحكيم التي دعت إلى ايجاد دراماتورج ومشرف لكل فرقة، وألا يترك الأمر للمصادفات والحظوظ، إذ لا بد من صقل المواهب وتطويرها ليحق لنا أن ننتظر أعمالاً متميزة في المستقبل”

شفرة

أما ياسر القرقاوي مدير إدارة الفنون الأدائية في هيئة دبي للثقافة والفنون، فقال “نحن كجهة منظمة نشعر بالرضا التام ونشكر الجهود التي وقفت خلف العروض المسرحية الخمسة التي شاركت ولقد تميزت بتوهجها الفني وذكرتنا بالدورة الأولى التي كانت عرفت تنافساً عالياً بين الفرق، ووجدت استقبالاً حاراً من المسرحيين”.

وفي اجابته على سؤال: كيف يفسر فوز عرض واحد بمعظم جوائز المهرجان؟ قال القرقاوي “هذا الأمر يتعلق بحساسية لجنة التحكيم وطريقة نظرها، ولا دخل لنا به وأنا متأكد لو تغيرت لجنة التحكيم لكانت اختياراتها مختلفة، وهذا يحصل في كل المهرجانات”؛ اضاف “كما أن الأمر يتصل بضعف وعي بعض الفرق المشاركة بطبيعة المنافسة في المهرجان، وأعتقد ان فرقة مسرح دبا الحصن كانت الأذكى في هذا الجانب”. ولفت القرقاوي إلى ان الموضوع يتعلق بالوعي الانتاجي وليس بالمستوى الفني تحديداً؛ فلقد وجدت الممثلة الحائزة الجائزة الأولى نفسها بلا منافسة، كما أن جائزة التمثيل نساء الثانية حجبت لعدم وجود ممثلة، وعلى ذلك يمكن القياس.

توصيات

يشار إلى أن توصيات لجنة التحكيم تضمنت إشادة بالمستوى التنظيمي للمهرجان، ودعت إلى تنظيم مسابقة تأليف مسرحي للشباب تتبناها هيئة دبي للثقافة والفنون، وأيضاً نادت اللجنة باعتماد مشرف للدراما يقدم رؤية فنية في العرض المقدم للمسابقة، كما حثت على ضرورة تأسيس مركز للتأهيل المسرحي المستمر لرعاية الفائزين في دورات المهرجان وابتعاثهم للمشاركة في النشاطات والمهرجانات العربية والدولية وإصدار كتاب سنوي يتضمن ملفات ومحاور تعنى بالثقافة المسرحية وغيرها.

وكان المهرجان قد شهد تقديم خمسة عروض مسرحية هي: “ضحكة سلم” لمسرح الشارقة الوطني، و”التراب الأحمر” لمسرح دبي الأهلي، و”فبركة” لمسرح دبي الشعبي، و”الطين” لجمعية الشارقة للفنون الشعبية و”المسرح” للمسرح الحديث، و”الجلاد” لجمعية دبا الحصن للفنون والمسرح.

وكونت إدارة المهرجان لجنة للإشراف والاختيار على رأسها حسن رجب، وضمت إبراهيم سالم وعبدالله صالح كأعضاء، ويحيى الحاج عضواً ومقرراً، وهي اللجنة التي فرزت العروض الخمسة من بين تسعة عروض.

أما لجنة تقييم العروض المتنافسة، فضمت الدكتور يوسف عايدابي، ووليد الزعابي، ومرعي الحليان، وجمال السميطي وحميد سمبيج.

واختار المهرجان الفنانة القديرة مريم سلطان شخصية دورته لهذا العام اعترافا بمساهماتها المسرحية الثرة، وتقديراً لجهودها في تأسيس الحركة المسرحية المحلية.

وانتقل المهرجان هذه السنة من مسرح ندوة الثقافة والعلوم بمنطقة الممزر في دبي الذي شهد عروضه على مدار خمس سنوات ماضية، إلى المسرح الاجتماعي في مول الإمارات، وأرادت إدارة المهرجان بهذا التغيير ان تضيف إلى شريحة جماهيرها جنسيات أخرى، إذ اعتمدت ترجمة فورية إلى اللغة الانجليزية للعروض والندوات النقدية التي كانت تعقبها.


عصام أبو القاسم

http://www.alittihad.ae

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *