“سحّارة” العُمانية: عرض يحاكي الوضع العربي الراهن

 

تواصلت فعاليات مهرجان فيلادلفيا الحادي عشر للمسرح الجامعي العربي مساء أول من أمس بعرض جامعة “صحار” العمانية التي حملت عنوان “سحارة”، وذلك على خشبة مسرح محمود أبو غريب بالمركز الثقافي الملكي.
واستلهمت المسرحية الأوضاع العربية السائدة ضمن عملها بشكل مباشر أحيانا وآخر رمزي، يؤكد قدرة المخرج على تطويع خشبة المسرح والممثلين بهدف إيصال الرسالة المرجوة.
في البداية تطرح “سحّارة” اهتمام شخصين بحياتهما الطبيعية داخل غرفة التمثيل بالدمى والتهريج وإضحاك الجماهير بلحظات صمت مرافقة للموسيقى الصاخبة.
ولكن سرعان ما تدخل إلى الحكاية في “السحارة”، وهي القمع الممارس على حياة الشخصين اللذين حظيا بتربية من قبل شخص ديكتاتور، وذنبهم هو التشرد من ضغوطات الحياة الأسرية.
روابط اجتماعية عديدة انطلقت لتحاكيها مسرحية “السحارة” العُمانية، لتصل في ذروتها للحديث عن شخصية الديكتاتور.
فكرة “الزعيم” لوصف معاني الدكتاتورية، كانت رائجة في المرحلة الحالية في العديد من المسرحيات، إلا أن المسرحية العمانية وإن قصدت الحديث عن الزعماء أينما حلّوا؛ راحت تصف علاقة المشردين بهذا الشخص الذي أواهم من الشارع.
وتتضمن العلاقة الكثير من الرمزيات التي تدور على أرض الواقع بشكل أو بآخر، وتلتصق بالديكتاتور السلطوي الذي يبيح كل المحرمات لأجل البقاء في السلطة والزعامة.
التمرد والمطالبة بسقوط السلطة الغاشمة مفردات طلبها المتشردون بعد عدة مناكفات مع زعيمهم.
وتبدأ مجريات المسرحيات بالصعود أكثر نحو الحقيقة التي ينتظرها الجميع، ولربما يعتقد المشاهد وهي حنكة من المخرج، أن الانتصار سيكون للمظلوم ربما بوقت آخر كما هي في نهاية العمل.
وتتواصل المسرحية بحيث يتحرك الضعفاء والمقهورون نحو المطالبة بالتحرر من الغرفة التي يزجون فيها عنوة فقط، بهدف تنفيذ طلبات الزعيم، تتسع المعاني لتلك الغرفة فهي مليئة بالدمى، وهي أيضا رمزية موفقة من المخرج كايحاء للمشاهد أن الجميع مسجون في هذه الغرفة قاصدا “الجمهور” أو الشعب.ومن ثم يبدأ الصراع بين الضعفاء والحاكم السلطوي الديكتاتوري الذي يعلم ما في نوايا المتشردين ويهددهم بطريقة مباشرة من عدم جدوى الوصول الى تحطيم كيانه.
يخذل أحد المشردين صديقه بسبب الخوف بعد الصراع الحقيقي مع الحاكم، إلا أن الصديق الأول يصرّ على بقائه وكيانه، مشيرا إلى أنه إنسان لا دمية وبات لا يخاف أحدا.
المفصل الحقيقي بالعمل المسرحي والأهم، هو طلب الحاكم من الصديق الخائف الذهاب لقتل صديقه الذي أصر على القتال، أي اتباع قاعدة “فرّق تسد”.
هذا الصديق (الخائن) أو (الخائف) ربما، ليس مجرما بقدر ما صنعته الظروف ليكون كما هو عليه. وتسدل الستارة ومن ثم يقع عراك بين المشردين وربما أحدهما قتل الآخر.
مسرحية “سحارة” وقعت ببعض السردية محاولة استخدام التغريب (دمج عصر بآخر)، لخلق الدهشة والابتعاد عن الواقع المعاش، ورغم ضروريته وارتباطه بالسلطوية، إلا أنه كان من الممكن ضبطه بشكل أكثر حيوية أو إيجازا.
سينوغرافيا العمل من إضاءة وأزياء وخشبة كانت جيدة، ومتماشية كذلك مع مجريات الأمور بشكل مميز لم يؤثر على العرض، وهي نقطة أيضا في صالح العمل.
أداء الممثلين الثلاثة على الخشبة جاء بشكل مهذب، حتى إن الذين أدوا أدوار المشردين كانوا على تناغم شديد مع أجسادهم وإيماءاتهم، وبرعوا في إيصال مبتغاهم من العمل المسرحي، رغم بعض الهفوات بالصوت عند الحديث من قبلهم.
الموسيقى رغم جماليتها إلا أنها استخدمت بكثرة وأغرقت العمل المسرحي، خصوصا مع طغيانها أحيانا على صوت الممثلين.
شخصية الحاكم “المتسلط” أيضا جاءت قوية من ناحية الأداء، وكانت حكمة المخرج واضحة في إدخال هذه الشخصية بمنتصف العمل المسرحي، لأنه أراد أن يعطيه حيزا أقل قاصدا عكس حقيقته على أرض الواقع.
مسرحية سحارة من إخراج أحمد البريكي وتمثيل كل من؛ حمود زهران المعمري، محمد الشبلي، حارث البريكي، فني صوتيات أحمد السعدي ورئيس الوفد سيف الهنائي.
وتتنافس عروض الجامعات المحلية والعربية على جوائز مهرجان فيلادلفيا للمسرح الجامعي العربي في دورته 11، الذي يستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر الحالي والدعوة عامة.

 

 

سوسن مكحل

http://www.alghad.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *