د.محمد عنانى: شكسبير أبو المسرح الحديث بلا منازع

 

 

 

يعد الناقد د.محمد عناني، أستاذ الأدب الإنجليزى وعميد المترجمين العرب بلا منازع، من أكثر المترجمين الذين تعمقوا فى فكر وفن ولغة الكاتب الإنجليزى وليم شكسبير، الذى حاز على اهتمام عنانى منذ عقود فقام بترجمة نحو 19 عملاً من مؤلفات شكسبير البالغ عددها 37 عملاً، وأشهرها روميو وجولييت وتاجر البندقية وهاملت وماكبث وعطيل والملك لير والعاصفة وضجة فارغة وغيرها.

> لماذا اخترت ترجمة أعمال شكسبير؟

بداية اخترت ترجمة أعمال شكسبير لأنه الكاتب الأكثر تأثيراً فى مبدعى العالم حتى اللحظة الراهنة، وقد وضع مفهوماً جديداً للإبداع المسرحى الشعري، فضلاً عن نجاحه فى استكشاف النفس البشرية وتصويرها بأسلوب بليغ، كما أعتقد أن ترجمات أعماله السابقة للعربية، ابتعدت عن روح إبداعه الفريدة، وغفلت كونه شاعراً مسرحياً، لذا قررت استيعاب لغته وفكره وفنه ثم ترجمته شعراً للحفاظ على روح النص فى المعنى والأسلوب، بحيث يشعر القارئ أنه يستمع إلى شكسبير لو قدر له أن يكتب العربية، مع محاولة تقريب ما كان مقصورا على ثقافة عصر شكسبير إلى روح عصرنا الحاضر البعيدة عنها كل البعد.

> ماذا يمثل لك شكسبير؟

شكسبير يمثل للعالم كله أنه أبو المسرح الحديث، ومن أعماله انبثقت كل أنواع المسرحية الحديثة سواء أكان فى المأساة أو فى الملهاة أم فى المسرحية الاجتماعية، السياسية، التاريخية. لقد قدم شكسبير 37 مسرحية غطى فيها المسرح بتجلياته خصوصًا الشعري، كما تميز بكتابة أغلب المسرحية شعرًا مع نثر أقل وخاصة مع المسرحية الكوميدية.

بصفة عامة لا يستطيع كاتب أن يبدأ التعرف إلى دراما المسرح الحديث إلا بالرجوع إلى شكسبير، الذى قدم مسرحاً مختلفاً تماماً عن المسرح اليونانى القديم، الذى لم يعد يقدم على المسارح اليوم، وتتم قراءته للتعرف على التراث المسرحى التاريخي، أما المسرح الحالى فهو من إنتاج تقاليد شكسبير.

> وما هى تقاليد شكسبير فى كتاباته؟

أرسى شكسبير قواعد عدة للمسرح يمكن تلخيصها فى أربع نقاط، أولا: طول المسرحية المحدود بساعتين إلى ثلاث ساعات، وبناء المسرحية بحيث يمكن تقسيمها كما يحدث فى مسرح اليوم إلى جزءين (رسميًا يقسم إلى خمسة فصول). لدى شكسبير لم تكن تقسم المسرحية إلى فصول، بل إلى مشاهد، ويستطيع المخرج الحديث أن يجمع عددًا من المشاهد فى جزء، والبقية فى جزء أخر.

ثانيًا: القدرة على تناول المسرح لقضايا إنسانية عامة من خلال أحداث محددة، وهو ما يفعله كُتاب المسرح الشعرى المعاصر فى العالم أجمع، ثالثًا: القدرة على استخدام الإسقاط السياسى الرمزى لما هو محيط، رابعًا: القدرة على النزول بمستوى اللغة إلى العامية فى الكوميديا، وهو ما أثار أسى قراء تراجيدياته مثل: هاملت، وعطيل، والملك لير، عند مشاهدة أوقراءة مسرحياته الكوميدية. أذكر فى هذا الصدد ما لاقته مسرحيةزوجات مرحات من نجاح ساحق عند عرضها على مسرح الطليعة عام 1981، رغم كونها كوميديا فاقعة، ولا تتفق مع صورة شكسبير التقليدية، باعتباره شاعر المآسي.

> وما مدى تأثير شكسبير على الأدب العربي؟

تأثر به كثير من الشعراء العرب والمصريين، فمثلاً أمير الشعراء أحمد شوقى حاكىشكسبير فى البناء والمادة والنظرة الشعرية خاصة فى مسرحيتيه روميو وجوليت،وأنطونيو وكليوباترا، وهو ما عمل شوقى على التوازى معه فى مجنون ليلى، ومصرع كيلوباترا، فضلاً عن تأثره بنزعة شكسبير التاريخية والكتابة عن تاريخ انجلترا، حيث كتب شوقى مسرحيات تاريخية عربية، مثل: قمبيز وعلى بك الكبير.

نجد أيضاً ثمة تأثر عند الأديب الراحل عبد الرحمن الشرقاوى بشكسبير فى كتابته لمسرحية الفتى مهران، ونلاحظ أيضاً وعى الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور بأهمية شعر شكسبير المسرحي، وهو ما شرحته تفصيلاً فى مقدمة طبعة جديدة صدرت مؤخراً متضمنة ترجمة إنجليزية كاملة لمسرحيات عبد الصبور الخمس، بالتعاون بينى وبين د.نهاد صليحة التى ترجمت مسرحية له. وقد أشرت فى المقدمة إلى محاكاة عبد الصبور المتعمدة أحياناً لشكسبير، وخاصة فيما يتعلق بتقديم حادثة تاريخية معينة تلقى بظلالها على الحاضر فتشرحها شرحًا دراميًا وشعريًا، وهذا ما فعله الراحلان السوريان: عبد الله ونوس، ومحمد الماغوط، وكذلك بعض الشعراء المعاصرين، بمسرحياتهم، ومنهم: الشاعر المصرى محمد إبراهيم أبو سنة، فى كتابته والى مصر محمد على باشا (1769 – 1849)، لإلقاء الضوء على الأوضاع السياسية الراهنة، ومثلما كتبت شخصياً المسرحية الشعرية الغربان، وجاسوس فى قصر السلطان.

> من بين كل ما ترجمته، ما هى أقرب أعمال شكسبير إليك ؟

أقرب أعمال شكسبير إلى قلبى هو أخر عمل قمت بترجمته ترويض الشرسة، المسرحية الكوميدية التى صدرت قبل أيام عن الهيئة العامة المصرية للكتاب، والتى تتناول الزوجة النكدية وكيفية تعامل زوجها للتوصل إلى وفاق، وهى مسرحية الساعة من وجهة نظرى مع ما فيها من رمزية تشرح الكثير.

 

حوار: جيهان محمود

http://www.ahram.org.eg/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *