الفنانون الاردنيون .. لماذا لا يكتبون سيرهم ومذكراتهم؟

«كان معي الجامعة نور الشريف ومحمد صبحي وعفاف شعيب». وعادة ما كنتُ أسمع هذه العبارة من المخرج المسرحي حاتم السيد. وبحكم علاقتي به وسيرنا اليومي يحكي لي عشرات القصص التي حدثت معه أثناء دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة.



وكثيرا ما كنتُ أسأله لماذا لا تضع كل هذه الذكريات في كتاب بدل الاكتفاء بسردها كلما جاءت مناسبة. وكان الرد، أنه حاول مرة واراد نشرها في كتاب وحين ذهب الى جهة كي تدعم «النشر»، كان لا يجد التعاون ولا الجدية في التعاطي مع الفنان ولا مع ذكرياته.

تجارب الانسان، أي إنسان، مهمة. فهي تقدم «عصير الخبرة والسنوات» في صفحات، أو من خلال» فيلم سينمائي كما فعل يوسف شاهين عندما قدم نفسه وشخصيته في أكثر من عمل سينمائي مثل» إسكندرية ليه» وغيره من روائعه. وفعل سواه من فناني مصر مثل الفنانة سميحة ايوب التي جمعت مذكراتها في كتاب « حرره» الكاتب رجاء النقاش. ولبنان وتونس والجزائر وسوريا ولبنان فعل الفنانون ذلك.

ولكننا في الاردن، نفتقد الى مثل هذه الكتب والمؤلفات التي لو هي ظهرت لأرّخت للحركة المسرحية والدرامية الاردنية، ولعرّفت الجيل الحالي بالظروف الصعبة التي مرت على فنانينا منذ الستينيات وحتى الآن.

أحمد زكي في بيت عمر قفّاف

كان النجم احمد زكي يتردد على بيت الفنان الاردني عمر قفاف اثناء دراستهما الجامعية. وكان أحمد زكي فقيرا معدما يعيش حياة بائسة. ومن قبله كان النجم محمود ياسين. وجمعتهما بالفنانين الاردنيين زمالة دراسة وصداقة عمر. واستمرت حتى ظهرت نجوميتهما. وثمة ذكريات حميمة ، ولستُ هنا في حِلّ من الاشارة اليها، حتى أحصل على موافقة أصحابها. لكن يكفي تقديم اشارات حول تلك المرحلة التي شهدت بدايات نجومية العديد من الفنانين العرب. ليس في مصر وحدها بل في الكويت مثل الفنان محمد المنصور والفنان فؤاد الشطي (مخرج مسرحي) والسودان والامارات والسعودية ولبنان.

وما لا يعرفه كثيرون ان فنانينا يحظون باحترام وتقدير كبير من كبار النجوم في الوطن العربي.

ومن يذهب الى المهرجانات الفنية يدرك القيمة الكبيرة التي يتمتع بها فنانونا (عبير عيسى واياد نصار وصبا مبارك ونادرة عمران وغيرهم وغيرهم). لكن كما يُقال ( لا كرامة لنبي في وطنه). وما سبق، يؤيد سهولة قبول هؤلاء النجوم والفنانين في الاعمال العربية الدرامية والسينمائية والاذاعية.



مع المشاهير

نحن في الوطن العربي عامة والاردن تحديدا، نخشى ونفتقد ثقافة «المذكرات»، وفي الغرب، هناك جرأة أكثر في كتابة المذكرات بعيدا عن محاذير العائلة والاصدقاء وثقافة العيب . وندرك أن لكل مجتمع حرياته وثقافته التي تسمح او تمنع ذكر وتناول تفاصيل معينة كالعلاقات الشخصية والمغامرات التي تبدو ضرورية احيانا قبل الوصول الى القمة.

لدينا القليل والنادر من المؤلفات والكتب الصحفية التي تتناول بعض الفنانين الاردنيين وعادة ما تتم هذه الكتابات ضمن مهرجانات وبعد وفاة او تعرض الفنان لوعكة صحية.

المؤسسات ومنها وزارة الثقافة لا تبدو جادة في هذا الامر. فالتعلل بالميزانية والمخصصات دائما تظهر عندما يريد مخرج او فنان التصدي لعمل ومنها كتابة مذكراته. وكما حدث مع المخرج حاتم السيد عندما عرضت عليه امانة عمان مبلغا زهيدا مقابل تأليف كتاب يتناول سيرته، حدث مع آخرين، لا أسمح لنفسي بالتحدث نيابة عنهم.

الاجيال الحالية، لا تعرف سوى النزر اليسير عن رواد الحركة المسرحية (أساس الحركة الفنية الاردنية ). فماذا نعرف عن الكبير هاني صنوبر واديب الحافظ وهشام يانس وعمر قفاف وشعبان حميد وهايل العجلوني ونبيل المشيني وغيرهم وغيرهم؟.

الكتب هي الحياة في صفحات، ومن المحزن وربما المعيب، الا نعثر على مراجع للكتابة عن روادنا وفنانينا، سواء بسبب «كسلهم» أو «عدم قناعتهم بجدوى ذلك» أو بسبب « بُخل» المؤسسات في دعم مثل هذه المشاريع الحقيقية والمهمة.

 

الدستور ـ طلعت شناعة

http://www.addustour.com

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *