المسرح اليمني .. بين الإهمال المتعمد والفهم القاصر لدى الجهات المعنية

 

المسرح اليمني يعد أول مسرح ظهر في الجزيرة العربية والذي تأسس في اليمن منذ قرن من الزمن إلا أن هذا التاريخ العريق للمسرح اليمني، لم يشفع له بالصمود والانتشار على المستوى المحلي أو المنافسة والتألق، في الجزيرة والخليج أو على المستوى العربي، لأسباب عديدة منها عدم وجود اهتمام الجهات المعنية بهذا المجال الهام من خلال التأهيل والتدريب وإقامة ورش العمل وبناء وإنشاء المسارح وغيره، وكذلك نتيجة للفهم القاصر لرسالة المسرح، بالإضافة إلى عدم توفير الدعم اللازم.
“فنون الثورة” قامت بإجراء هذا الاستطلاع مع عدد من الفنانين والمسرحيين لمعرفة أسباب ركود المسرح اليمني


في البداية تحدث منير طلال – كاتب مسرحي – قائلاً: من يزعم بأننا نعيش أزمة نص مسرحي فإنه لا يعرف شيئاً عن المسرح اليمني، فلدينا المئات من النصوص المسرحية التي كتبها الكتاب والأدباء اليمنيون، فالعزيز الباحث المسرحي يحيى سيف عمل بلجرافيا للنصوص اليمنية خلال القرن الماضي فبلغت أكثر من (400) نص مسرحي وهناك نصوص للراحل الأديب اليمني والعربي علي احمد باكثير وهي كثيرة والنصوص المسرحية من المكتبة المسرحية العربية والعالمية وهي موجودة ومتوفرة، أذاً أزمة المسرح في اليمن ليست أزمة نص ويمكن ان نلخصها في عدة نقاط هي عدم توفر أماكن العرض المسرحي حيث لا يوجد سوى قاعة واحدة للعرض في صنعاء وهي صالة المركز الثقافي وهي تستخدم للاحتفالات والمناسبات الوطنية والأهلية وليست مفرغة للعروض المسرحية، وعدم الاهتمام بالفنانين والعاملين بالمسرح من خلال التوظيف والتأهيل والتدريب لاسيما الفنيين العاملين في المسرح حيث لا يوجد فني إضاءة مؤهل وفق أفضل الإمكانيات وكذلك الديكور، والميزانية المرصودة للأعمال المسرحية ضئيلة وغير كافية لتقديم عمل مسرحي مشرف، والنشاط المسرحي موسمي مرتبط بيوم المسرح العالمي ولا يوجد نشاط مسرحي على مدار العام، وأيضا سقف الحرية في النقد بالمسرح اليمني مازال ضئيل والمسرحيون هم الذين يضيقون على أنفسهم عندما يستسلمون لمن يضيق على أفكارهم وراؤهم والفكرة التي يتم تحجيمها تخرج معاقة.
غياب الدعم الرسمي
ويضيف منير : أن سبب ضعف دور المسرح عدم وجود معاهد أو مدارس مسرحية متوسطة، وانعدام اهتمام القنوات التلفزيونية بالمسرح لصالح الاسكتش، والاتجاه نحو التمثيل باللهجات الدارجة رغم ما يسبب من مصائب، وكذلك إحباط رئاسة الوزراء موضوع المشاركات الخارجية بالمهرجانات الدولية إلا للذين يتمكنون من ذلك بالوساطة مما أدى إلى عزل المسرح اليمني عن المسرح العربي والدولي، وأيضا ضعف الميزانية المرصودة للمسرح، وعدم وجود نشاط للمسرح المدرسي وكذلك بالنسبة للمسرح الجامعي المسرح أبو الفنون عرف بذلك من فجر التاريخ أيام الإغريق والرومان لكنه في اليمن شاخ وهرم نتيجة الإهمال والنظرة القاصرة لصاحب القرار السياسي للثقافة والمسرح والفنون وأهمية دورها في بناء الأمم حيث والثقافة تقع على هامش الهامش، ولذلك فعلى الجهات الرسمية ان تلتفت إلى ضرورة إرسال عدد من الشباب للدراسة في مجال المسرح ولاسيما فنون المسرح كالإضاءة والديكور والرقص وكتابة السيناريو والنقد المسرحي.
تضافر الجهود المختلفة
ويشير الكاتب المسرحي طلال قائلا: إن الاهتمام بالمسرح يتطلب تضافر الجهود المختلفة لكل أجهزة الدولة لتفعيل دور المسرح في الحياة اليومية وقديما قال احد المفكرين “أعطني مسرحا أعطيك شعبا مثقفا “فالمسرح يحارب التطرف والإرهاب والثأر ويعمق روح التعايش بين أفراد المجتمع ودوره غير مقتصر على التسلية فقط .
دور وزارة الثقافة والدولة
وحول هذا الموضوع يقول الفنان يحيى إبراهيم: اشكر (فنون الثورة) هذه الصحيفة التي واكبت وتواكب كل أعمالنا المسرحية دائما، وبالنسبة لدور المسرح في اليمن فقد اجمع فقهاء المسرح جميعا في كل أنحاء اليمن بأن غياب المسرح اليمني ليس بسبب غياب النص المسرحي ولا بسبب الكادر البشري من الممثلين والصوت والإضاءة ولكن بسبب عدم الاهتمام والدعم الرسمي وعدم وجود خشبة مسرح نقدم من خلالها مسرحياتنا ليس في العاصمة صنعاء بل في كل المحافظات.
ويضيف: بالنسبة لوزارة الثقافة المطلوب منها الاهتمام بقطاع المسرح وإعادة المسرح الوطني والقومي ليعود كما كان في السابق له صولات وجولات كان المسرح الوطني شعله من النشاط بدعم سخي من الثقافة والدولة.
عدم وجود دور العرض
وفي السياق ذاته يقول الفنان كمال طماح: يعود غياب المسرح للعديد من الأسباب أهمها عدم وجود دور عرض يتم من خلالها عرض مسرحيات الفرق المسرحية وذلك مقابل بيع التذاكر للجمهور ومن خلال بيع التذاكر يستفيد الممثل ويستفيد المؤلف ويستفيد المخرج، وبذلك يكون احد البدائل لتعاطي القات لكن الحاصل وجود مراكز ثقافية بكل محافظة وتتبع للوزارة وهذا لا يكفي، وأيضا عدم وجود اهتمام كبير من قبل وزارة الثقافة نحو المسرح والمسرحيين وكذلك توعية المواطن الذي لا ينظر أو يهتم نحو المسرح حتى ولو كان نادراً.
ويسترسل طماح: والمطلوب من وزارة الثقافة تفعيل إدارة المسرح وإعطائها الدعم اللازم لكي تقوم بعمل المسابقات المسرحية ودعم الفرق المسرحية والممثلين برواتب شهرية حتى يتم بناء دور مسرح ويكون هناك جمهور عندها سيقوم الممثل بدعم الوزارة.
رعاية المسرحيين الشباب وتأهيلهم
بدورها اعتبرت الفنانة شروق محمد أن عدم وجود اهتمام لهذا المجال الفني الإبداعي الهام من قبل الجهات المعنية أدى إلى غيابه في مراحل عدة وتعثره من كوادره العاملة فيه، ويحتاج المبدعون في هذا المجال إلى إعادة المسرح من جديد وتأهيل الشباب وذلك من خلال دورات وورش العمل والمنح الدراسية وغياب النص المسرحي من المشاكل الموجودة للأسف.

 

أسـامة الغـيثـي

http://www.althawranews.net/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *