فنانو البصرة ينعون المسرح في مدينتهم

تتنوع معاناة المسرحيين العراقيين في البصرة ما بين نقص التمويل والافتقار إلى القاعات المناسبة لعرض أعمالهم وغير ذلك من معوقات تؤثر سلبا على واقع الفن المسرحي في المدينة.

 


لكن هذه المصاعب لم تمنع شبابا مسرحيين في المدينة من العودة لممارسة تمريناتهم اليومية على أي قاعة يرونها مناسبة لذلك حتى لو كانت قاعة مخصصة للأعراس، بعدما توقفوا لفترة من الزمن لعدم وجود قاعات مخصصة لتدريباتهم وعروضهم.

ومدينة البصرة -التي قلما تجد فيها شارعا ليس فيه لافتة تشير إلى عمل مسرحي أو مهرجان فني أو شعري، والتي وصل عدد الفرق المسرحية فيها منتصف السبعينيات إلى أكثر من عشر فرق مسرحية كبيرة، منها جماعة البصرة للمسرح الحديث وفرقة مسرح الساعة وفرقة مسرح اليوم وفرقة البصرة للتمثيل التابعة لوزارة الثقافة- لم يعد فيها الآن إلا فرق تنظمها منظمات المجتمع المدني أو شباب تخرجوا في كلية الفنون الجميلة حديثاً، وبدلا من الانغماس بالبطالة كونوا فرقة للتعبير عن آرائهم، فيما فرقة التمثيل الرسمية التابعة لدائرة السينما والمسرح توقفت بشكل كامل.

هذا الواقع الذي يصفه مختصون بالمسرح بأنه موت سريري لركيزة مهمة من ركائز ثقافة المجتمعات، لم تسع الحكومة المحلية في المدينة إلى معالجته أو البحث في أسباب تدني الحركة المسرحية.

مخاوف المسؤولين
المخرج المسرحي والممثل هشام شبر يرى أن هناك عداءً أزلياً بين المسؤولين الحكوميين والمسرح، مفسرا ذلك بمخاوف المسؤول مما يحدثه المسرح من تغيير في المجتمع.

ويشير شبر -في حديث للجزيرة نت- إلى أن واحدة من وضوح صور خوف المسؤولين من المسرح، قد برزت حينما حولوا قاعات العرض المسرحي إلى محال تجارية، وغيّروا قاعات العرض السينمائي إلى محلات للأحذية، مؤكدا أن المسرحيين يريدون مكانا يليق برسالتهم.

ويرى شبر أن المسرحي البصري لا يحتاج فقط إلى دعم مادي -وهو ضروري لاستمراريته- إنما يتعدى ذلك إلى الدعم الذي يشترك فيه الوعي الجمعي للمجتمع ككل لصناعة مسرح بصري خال من الأمراض والعقد. 

من جانبه ينظر رئيس تجمع “مسرحيون، جماعة الإبداع” ومدير فرقة كتاكيت المسرحية للأطفال محمد العامري إلى المسرح من زاوية أخرى، فهو غير مقتنع بأن هناك مؤسسة ثقافية حكومية قادرة على دعم المسرح البصري دون أن يكون هناك أشخاص يعرفون جيدا دور المسرح في المجتمع.

وأشار العامري -في حديث للجزيرة نت- إلى أنه في تجاربه المسرحية استطاع أن ينتقد تغييب المسرح عن الحياة العامة إلا أن تفاعل المسؤولين لم يكن بالمستوى المطلوب.

ويضيف أن ما يزيد الطين بلة أنهم لا يعيرون اهتماما لما يطرحه الشباب المسرحيون ولا يحضرون عروضهم.

وزارة مشلولة
وانتقد العامري أداء وزارة الثقافة العراقية، التي من المفترض أن تكون هي محرك الثقافة في البلاد، إلا أنها -كما يقول- “مشلولة” ولا تحرك ساكناً رغم أن هناك مهرجانات تقام، وهذه تعتمد على أشخاص معينين ولا يمكن أن تكون معبرة عن الواقع الثقافي المؤلم. 

أما الممثل حميد العراقي -الذي عمل منذ الثمانينيات في المسرح إلا أنه انتقل للعمل الإعلامي في الإذاعة لأنه لم يجد هناك مسرحا- رأى أن المسرح في البصرة في حالة موت سريري وفي سبات طويل، وطالب -في حديثه للجزيرة نت- بانتفاضة تعيد للمسرح البصري ألقه.

ويرى الناقد المسرحي محمد الزبيدي أن المسرح العراقي منذ بواكيره الأولى، كان ولا يزال مسرح هواة لا يعرف فن الصناعة، ولا طرق الإنتاج والتسويق، لذا تبحث الفرق الأهلية دائما عن ممول لأعمالها.

وأشار الزبيدي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن هذه الفرق لا تجد طريقا إلا الاستعانة بالدولة، لكنه اعتبر أن رأس المال الذي يصرف من قبل أي جهة ممولة يجب أن يدر أرباحا على جهات التمويل عبر ثقافة السوق.

 

 

عبدالله الرفاعي-البصرةhttp://www.aljazeera.net/

 


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *