رحيل المخرج الدرامي الفرنسي الكبير باتريس شيرو الثورة المسرحية الهادئة!

رحل رجل المسرح الفرنسي الحديث والمعاصر باتريس شيرو عن 69 عاماً بعد معاناة مع المرض، وقد تناولته الصحافة الفرنسية اثر اعلان النبأ بمقالات هي أقرب الى التكريم

بالحديث عن مسيرة فنية ابداعية ان في التمثيل السينمائي والمسرحي أو في كتابة السيناريو، غير ان عمله في الإخراج المسرحي كان قد طغى في السنوات الأخيرة على كل شيء. وعرف شيرو بغزارة اعماله ونشاطه وإبداعه على كل الجبهات وتميز بقوة في اخراجه للأعمال الأوبرالية. والأعمال التي تركها والتي تعد بالمئات تحدثت عن ثورته واسلوبه وايقاعه في عناوين لا تنسى، في السينما: “الرجل الجريح” و”الملكة مارغو” و”الذين يحبونني سيركبون القطار” و”غابرييل” حيث كان المخرج، وفي “دانتون” لاندريه وجدى وفي “وداعاً بونابرت” مع يوسف شاهين وفي “آخر الموهيكات” لمايكل مان وفي “لوسي اوبريك” مع كلود بيري وفي “الزمن المستعاد” لراوول رويز وفي “الاقرب الى الجنة” مع طوني مارشال وفي “زمن الذئب” مع مايكل هانكيه حيث كان ممثلاً. أما في الاخراج المسرحي فالحديث عن العشرات من الأعمال ابرزها: “الشجار”، و”أنا الريح”، أما “في عزلة حقول القطن” و”شجار الخادم والكلاب” و “السكة الغربية” فالأعمال الثلاثة من نصوص برنار ـ ماري كوليتس التي لم يجرؤ الكثيرون على إخراجها. واشتهر شيرو في اقتباساته المسرحية من نصوص الكبار، فاقتبس اعمال موليير، وماريفو وشكسبير وفيكتور هوغو واوجين لابيش وبابلو نيرودا وهنريك إيبسن وهانير موللر وتشيخوف وراسين ودوستويفسكي ومارغريت دوراس… انما في اقتباساته اضاف الى نصوص مناخات عالمه وأسلوبه الابداعي الخلاق، فحاز جوائز عديدة وكان أولاها عن سيناريو فيلمه السينمائي “الرجل الجريح” وعن فيلمه: “الذين يحبونني سيركبون القطار”، جائزة “سيزار” افضل اخراج وافضل فيلم “الملكة مارغو” (جائزة لجنة تحكيم السيزار) كذلك حاز جائزة “الموسترا” من البندقية عن “غابرييل” و”ملاحقة”.. اضافة الى “جوائز موليير” للمسرح عن اقتباسه “لهاملت” و”الوقت والغرفة” وافضل اخراج مسرحي عن “في عزلة حقول القطن”، وافضل عرض لأعماله “فايدر” و”حلم الخريف”.

ولد باتريس شيرو في 2 تشرين الثاني 1944 في منطقة ليزينيه الفرنسية من ابوين رسامين زرعا فيه حب الفنون على أنواعها. دخل معهد لويس ـ لوغران حيث التحق بفرقة مسرحية خاصة بالمدرسة فاكتشف التمثيل غير انه لم يكن كافياً له. فبدأ باخراج الأعمال المسرحية في مدرسته ومنها انطلق في مسيرة إبداعية استمرت حتى الرمق الأخير.
كان شيرو معروفاً باستعجاله الدائم: فكان سريعاً في كل شيء: يأكل بسرعة، يمشي بسرعة وكان شعاره الدائم: “لا تنظر الى الخلف فبذلك مضيعة للوقت… اليوم الحالي هو الوحيد الذي يجب ان نصب اهتمامنا عليه…” ولطالما لفت باتريس شيرو انظار النقاد واهتمامهم وأطلقت عليه دوماً ألقاباً ابرزها “المتفوق” في بداياته، ووصفه الباحثون حول مسرحه بالخلاق في كيفية طرحه لمناخات مسرحية مشوقة.
وفي النقد من حول احد اعماله كتب ناقد: “لا أحد مثل شيرو يعرف كيف يصنع الوجوه وملامح الوجوه كما الأجساد في وحشتها ثم في رغباتها من التقارب من بعضها، في صراعها ثم في سكونها في الكره كما في الحب.. وفي كل مرة تترك هذه الوجوه كما هذه الأجساد شيئاً ما منها ليبقى في الذاكرة المسرحية الخاصة به والتي لا يقوى عليها النسيان. أما آخر عمل له فهو سيبدأ بعد رحيله، في 15 تشرين الأول الحالي ويستمر حتى العاشر من تشرين الثاني، وعنوانه “الوجوه والأجساد”. هذه المسرحية من أعماله سيعدها فيليب كالفاريو وسيلعب فيها دوراً رئيسياً لتكون أجمل تحية الى رجل المسرح الفرنسي الذي رحل وقلبه لا زال معلقاً بأحلام من حول مسرحيات لم يكن الوقت كافيا له لانجازها.

كوليت مرشليان

http://www.almustaqbal.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *