قراءة في مهرجان الخليج المسرحي العاشر للشباب

لم تكن الدورة العاشرة لمهرجان الخليج المسرحي العاشر للشباب، بمستوى الطموح أو التطور الذي ينشده محبو «أبوالفنون»، بدليل العروض المتواضعة والناقصة فنياً إلا عملين فقط.

فالمهرجانات تعقد للأعمال الفنية المتميزة، وليست لتلك غير مكتملة العناصر، وبكل صراحة نجد أن بعض المسرحيات التي عرضت على الهامش قد تفوق على عروض المسابقة الرسمية للمهرجان. وكما يقال فإن الكتاب يتضح من عنوانه، فافتتاح المهرجان لم يكن في المستوى المرجو، فالإطالة في كل شيء هي سيد الموقف، من الكلمة الافتتاحية، وحديث عريفة الحفل، وفتح عرض «درب السلامة» الباب على مصراعيه للخروج على النص، على حساب العمل، وإيقاعه، ورسالته.

وبالطبع فالكارثة الكبرى هي عدم الالتزام بقواعد وشروط الأمن والسلامة في يوم الافتتاح، فالممرات على جانبي الصالة ووسطها ازدحمت بالجمهور وكاميرات المحطات التلفزيونية، عوضاً عن «البرتكبلات»، فإذا شب -لا سمح الله- أي حريق، فستكون النتيجة مأساوية، لوجود ما يعوق حركة الجمهور إلى المخارج.
كما أن مقدرة التنظيم لم تكن في مستوى هذا الكم الهائل، الذي حضر إلى مسرح الدسمة، فثمة عدد كبير لم يحظ بدخول المسرح.
أما حفل الختام فلم يأت بجديد، ومسلسل الرتابة والإطالة مستمر، من كلمة الختام، والحديث المطول لمقدمة فقراته، والتكريم للجميع، وتوزيع شهادات تميز، وكانت المصيبة التي صرح بها رئيس لجنة التحكيم د. فهد السليم «ما نبي أحد يطلع زعلان»!، مضيفاً أن سبب المناصفات في الجوائز كانت تميز العروض وصعوبة الاختيار، وأنه سيعلن عن التوصيات في مؤتمر صحافي لاحقاً! إذن كانت الترضيات هي الهدف من إقامة هذا المهرجان!
وقد علمنا من أحد أعضاء الوفود الخليجية المشاركة، قبل بداية الحفل بساعة أو أكثر أنه تمت إعادة توزيع الكعكة! فجاءت النتائج غير متوقعة، ما أثار تعليق الجمهور الحاضر على مسلسل المناصفات تطبيقا لمبدأ الترضية (ما راح نزعل أحد)، والسؤال هنا: «كيف سنخلق جيلاً جديداً يمسك بزمام الحركة المسرحية مستقبلاً، بإحباطه».
فالعروض كما أسلفنا منقوصة، ونستثني عرضين منها فقط، هما القطري «مساء للموت» والكويتي «حنظلكم واحد»، فهما العملان الوحيدان المتميزان والمدروسان والمكتملان، فأين صعوبة الاختيار؟.
وما يثير الدهشة هو عدم حصول الفنان الكويتي عبدالعزيز النصار على جائزة أفضل ممثل دور أول، عن أدائه المتميز لدور محوري هو «حنظلة»، فلماذا لم يمنح هذه الجائزة مناصفة؟!
لنترك النتائج المخيبة للآمال، وننتقل إلى النشرة اليومية للمهرجان، كانت بحجم جرائد «التابلويد»، إذ تتكون من ثماني صفحات، صعبة الحفظ لمن يريد التوثيق، والعدد الأول منها – وزع في الافتتاح- مليء بالأخطاء، وحتى في بعض العناوين، إضافة إلى تكبير الصور بحجم ضخم!
أما مؤتمرات المركز الإعلامي، التي عقدت مع كل وفد خليجي على حدة، ثم مع مخرجي العرضين الموازيين «محطة 50» نصار النصار و»بروفايل» محمد محب، إضافة إلى مؤتمري رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان، فهناك جهد واضح فيها، لكن يبقى السؤال: لماذا لا يحضر جيل الشباب هذه المؤتمرات، فهل هي للصحافة الفنية فقط؟
ونأتي إلى الجلسات النقاشية للعروض أو الندوة التطبيقية، إذ لمسنا أن هناك خللاً كبيراً في آلية اختيار المعقب الرئيسي للعرض، فهل الأمر مقتصر فقط على من يحمل لقب «أكاديمي»، فالعملية النقدية يشترك فيها أيضاً نقاد صحافيون ومن ذوي الخبرة في عالم المسرح. نعود إلى معقبي الجلسات في المهرجان، اكتشفنا عدم دراية البعض بعملية النقد التطبيقي للعرض، وتفنيد عناصره، بالتفسير والتحليل وأخيراً التقييم، ونستثني ثلة منهم.  مهرجان الخليج المسرحي للشباب، حتى يواكب التطور، يجب أن تتغير لوائحه، وأن توضع آلية لاختيار العروض من دول مجلس التعاون الخليجي عبر تشكيل لجنة متخصصة لها خبرتها في المسرح، كذلك تغيير عملية اختيار المحكمين ليكون أعضاؤها من العرب والأجانب، وليسوا من الوفود الخليجية المشاركة، لكي نضمن الحيادية في الحكم من دون عواطف، نأمل أن يتحقق ذلك في الدورة الحادية عشرة المقبلة في سلطنة عُمان.

فادي عبدالله

http://www.aljarida.com


شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *