مهرجان المسرحيات القصيرة يؤكد قيم المغامرة والتجريب

تعتبر فكرة مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة الذي تنطلق دورته الثانية يوم الأحد المقبل في مدينة كلباء، من الأفكار المهمة التي ستمنح المخرجين والكتّاب الجدد فرصة المغامرة والتجريب في إعداد نصوص تستند إلى مؤلفات عالمية كتبها: صموئيل بيكيت، وأوجين يونسكو، وجان جينيه، وبيرتولد بريشت وغيرهم .

في العروض التي قدمت في الموسم الأول في المهرجان في العام الماضي، كانت الملاحظات النقدية الموجهة لهذه التجربة تشير إلى تباين مستوياتها الفنية، ورغم ذلك فقد أكد أكثر من متابع متخصص، وعدد لافت من مشاهدي العرض أن هذه التجربة تستحق المشاهدة، لأسباب عدة منها على سبيل المثال: كسر رتابة الاعتياد لجهة تقديم مهرجان تجريبي خالص يقدم فضاء جديداً من حيث التمثيل والأداء التعبيري، الذي يعتمد الإيماء والإشارة، وحركة الجسد للتعبير عن الفكرة التي يطرحها العرض .


وأسهت هذه التجربة في إضافة مهرجان جديد، يضاف لتظاهرة الأيام المسرحية وغيره من المهرجانات كدبي لمسرح الشباب، وهذا بدوره يعزز الثقافة الفنية، وربما يراهن في المستقبل القريب على الإفادة المتبادلة في هذه المواسم، بما سيتبعه من ندوات تطبيقية ونقدية، تضاف إلى الحراك المسرحي في الإمارات .


وقدمت تجربة هذا المهرجان في العام الفائت مجموعة من الفنانين الشباب الذين برزت مهاراتهم الإخراجية والتمثيلية على نحو متباين، ولكنه لافت لجهة التراكم المسرحي، وإذا كان نحو 70 ممثلاً ومخرجاً شاركوا في الدورات التدريبية الممهدة للمهرجان في دورته الجديدة بحسب ما يفيد التقرير الصادر عن إدارة المسرح في دائرة الثقافة والفنون، فهذا يعني أن هناك 70 تجربة فنية – على أقل تقدير- قد يراهن على بعضها في النجاح المسرحي في الساحة المحلية .


في السياق ذاته، من المهم الإشارة إلى مسألة غاية في الأهمية، تتطلبها مثل هذه الأعمال، وتتعلق بالثقافة المسرحية، والهدف المرجو من تقديم عمل يستند إلى نص عالمي، فحين يقدم أحدهم عملاً لصموئيل بيكيت على سبيل المثال، وهو أحد أكبر الكتّاب شهرة في القرن العشرين ممن ينتمون للحركة التجريبية، وهو من رموز مسرح العبث، الذي تنزع أعماله نحو الكآبة السوداء، فمن المهم أن تكون التجربة المقدمة واعية لطبيعة الخطاب المقدم في المستويين الفني والفكري، الأمر نفسه ينسحب على النص المقدم أو المعد عن بيرتولد بريشت الذي يعتبر المشاهد العنصر الأهم في التكوين المسرحي، ناهيك عن هدم الجدار الرابع والتغريب والمزج بين الوعظ والتسلية واستخدام مشاهد متفرقة في العرض المسرحي تقدم أحداثها في أزمنة متفرقة وهكذا . الوعي بأهمية الزمن في سياقه التاريخي، هو عامل مهم في الأعمال المنوي تقديمها في مهرجان المسرحيات القصيرة، فالزمن ليس كتلة صماء، والسبب الذي استدعى كتابات مسرحية عالمية على غرار الأسماء الواردة آنفا، حتى وإن كتبت قبل مئة عام أو أكثر كان يستند لجملة من الإرهاصات الاجتماعية والسياسية والفكرية والوجودية، هي بمثابة محركات أساسية للفعل المسرحي في ذلك الوقت، غير أن ما هو مهم أيضاً أن من حق الفنان المسرحي أن يستدعي ما شاء من هؤلاء الكتّاب والمسرحيين، وهو على دراية تامة بالهدف الذي يريده من خلال العمل الذي يقوم بإعداده، فالتعامل مع أونسكو على أنه عبثي على سبيل المثال، لا يضير الفنان الجديد بشيء طالما أحسن توظيف فكرته في الزمن الجديد، وطالما كان قادراً على استثارة البعدين الفكري والجمالي لدى المشاهد، وكان قادراً أيضاً على حفزه لارتياد المسرح والبحث عن ذاته من خلال هذا الفن الجميل والمدهش .

 

الشارقة – عثمان حسن:

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *