عبد الحفيظ زياني / مسرح الطفل إلى أين ؟

بدأت في العصر الراهن بعض الفنون الراقية في الاختفاء ، وأصبح  يتهددها  الانقراض إلم نقل أن بعضها انمحى من الوجود ،و البعض الأخر تغيرت تلويناته و غلبت عليه صبغة المنافسة التجارية ، فولى  زمن الفكر و الفن النبيل الذي يحمل رسالة من أنبل الرسالات ،ويخدم  القضايا الراهنة و يرتكز على القيم الفضلى .

اختفت المبادرات الفنية و فقدت لدتها و بات مآلها الزوال لانعدام الجمهور الذي وجد ضالته في البديل الذي يفتقد لقيم الخلق و الابداع .

إن المسرح شكل من أشكال  التعبير عن الذات الانسانية بأساليب يكمن رقيها  في بساطتها وخطابها الروحي الذي يجد صداه بقوة الإشارة و الرمز، بل يسمو بالأحاسيس إلى مجالات الخيال و يبحر في كينونة  الإنسان ، بل يسهم بقسط وافر في  خلق مجتمع الأفكار و الثقافات، و يجسد بجلاء لمنظومة القيم   .

لا أحد ينكر دور مسرح الطفل في لعب أكبر الأدوار في التربية على القيم النبيلة ، بل هو مظهر من مظاهر تلقين و تهذيب النفس و تعويدها على التنوع و غرس العادات السليمة و إخراجه من الأشكال الروتينية الباعثة على الملل ، لكونه يملك طابعا ترفيهيا  .

إنه من أرقى الفنون لكونه صورة واضحة للأحداث و الوقائع  في انسجام تام مع مختلف الأصعدة و المجالات، و رحيل بالذات إلى عالم ما يجب أن يكون ، و توجيه السلوك و اكسابه المهارات و المساهمة في بناء أساس متين  لشخصية الطفل  .

لكن هناك أسئلة قد تجد صداها  لدا كل متتبع للحقل التربوي التعليمي في بلادنا ، و لكل مهتم  بواقع المسرح المدرسي على وجه الخصوص .

لماذا لم يتم استثمار المسرح المدرسي و إدماجه باعتباره قيمة من القيم الجمالية في البرامج  و المناهج الحديثة ، و الاكتفاء فقط بإشارات لا تسمن و لا تغني ؟

فهل نستطيع يوما ما  أن نهتم بالقسط اللائق بهذا الشكل الفني الراقي ؟ أم أن الجماليات أفرغت من دلالاتها ؟ و هل للوزارة الوصية خطة واضحة تعير المسرح الأهمية التي يستحق ؟

إن الواقع الراهن يظهر بوضوح مجموعة من الاختلالات البنيوية فيما يتعلق بالمجال الفني الابداعي عوما و المسرح المدرسي خصوصا ، اللهم بعض الاجتهادات التي لا ترقى إلى الشكل المطلوب ، لانعدام برنامج واضح و مندمج .

من دون شك فإن استرجاع  مسرح الطفل لقيمه الفنية و الجمالية بكل  أبعادها ، و إدماجه في الحياة المدرسية  باعتبارها فضاء فسيحا للتعلم ، و تنمية المهارات الإبداعية و المعارف ، و تقويم السلوك ، يعد إسهاما في بناء شخصية  قادرة على التعبير عما بداخلها بلغة الرموز و الدلالات   .

لقد فقد الفضاء المدرسي قيم الجمال و الفن ، بل أهمل الجانب الروحي و أصبح يرتكز على  التلقين التقليدي حتى و إن كان ظاهره يبدو مخالفا  في غياب استراتيجية تعيد لمسرح الطفل مكانته  و إشعاعه ، ليتمكن من خلق  مجتمع  متحضر يهتم بقيم الجمال و الفن .

 

http://oujda-portail.net/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *