«الموسم المسرحي».. جرعات من الكـوميديا الهادفة والتميز

بخمسة عروض تجمع بين التميز الفني والكوميديا الهادفة، انطلق الموسم المسرحي الذي تنظمه جمعية المسرحيين في الإمارات، أخيراً، إذ اختيرت العروض الخمسة من قبل لجنة انتقت عروضا مميزة، شاركت في الدورة الأخيرة من أيام الشارقة المسرحية.

وقال رئيس جمعية المسرحيين والمشرف العام على الموسم المسرحي إسماعيل عبدالله، إن «الموسم المسرحي جاء بعد تشكيل لجنة لاختيار وانتقاء العروض المسرحية المتميزة، من العروض التي شاركت في الدورة الأخيرة من أيام الشارقة المسرحية، إذ اعتمدت اللجنة في ذلك المعايير الفنية والجمالية والفكرية والأخلاقية، إضافة إلى التوازن الفني المطلوب للعروض، ومدى تجاوب الجمهور معها، وتشكلت اللجنة من الفنانين أحمد الأنصاري، ويحيى الحاج، وغنام وغنام». ويأتي الموسم بتنظيم جمعية المسرحيين، بالتعاون مع دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، ووزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ومؤسسة الشارقة للإعلام، وعدد من المؤسسات والدوائر الحكومية داخل الدولة.

الدخول.. مجاني

أكد عبدالله، لـ«الإمارات اليوم»، أن «الدخول لمشاهدة العروض المسرحية سيكون مجاناً، برعاية كريمة ودعم سخي من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إذ تم الإعداد والتحضير لتنظيم الموسم المسرحي التاسع منذ أشهر بعقد الاجتماعات التحضيرية اللازمة لذلك، وتشكيل لجنة عليا لتسيير أعمال الموسم، الذي انطلق أخيراً في قاعتي المركز الثقافي بمدينتي كلباء ودبا الحصن في إمارة الشارقة».

وتابع رئيس جمعية المسرحيين والمشرف العام على الموسم المسرحي أن «أهمية استمرارية عروض الموسم المسرحي في الإمارات، تكمن في أنها تخلق بيئة مسرحية محلية مستمرة ومستدامة، عبر عروض تطوف أرجاء الدولة، الأمر الذي منح العروض فرصة المشاهدة من قبل أكبر شريحة في المجتمع،  كما أن الموسم أعاد الحميمية بين المسرح والجمهور، من خلال عروض منتقاة بعناية تجمع بين الفائدة والكوميديا الراقية، فضلاً عن أنه زاد من روح التنافس بين الفرق المسرحية، وقام بالتعريف بالفنان المسرحي الإماراتي وبإبداعاته، إضافة إلى أن الموسم وفر دعما ماليا للفرق المسرحية المشاركة». وأوضح أن «عروض الموسم المسرحي توزعت على خمس مناطق، منها مدينة كلباء، ومدينة دبا الحصن، وجامعة الشارقة في الشارقة، كذلك هناك عروض ستقدم في إمارتي أم القيوين وعجمان، فالأسبوعان الأول والثاني من الموسم سيخصصان لمدينتي كلباء ودبا الحصن، والأسبوعان الثالث والرابع لإمارتي أم القيوين وعجمان، والأسبوع الخامس لجامعة الشارقة»، لافتاً إلى أن «اختيار المناطق التي ستقدم بها العروض جاء وفق عدد من الاعتبارات، منها الأماكن التي يوجد فيها الجمهور بكثرة، ويحضر العروض بكثافة، على اعتبار أننا نظمنا ثماني دورات في السابق، وأصبحت لدينا في جمعية المسرحيين خبرة تراكمية في معرفة الأماكن التي تشهد حضورا جماهيريا كبيرا وتشجيعا للمسرح».

كوميديا «راقية»

حول اختيار المسرحيات المشاركة، أفاد إسماعيل عبدالله، بأن «هناك عروضا مسرحية جيدة، لكنها للنخبة، ولها أن تأخذ حقها في تمثيل الامارات في المحافل المسرحية الخارجية، كذلك هناك عروض أخرى أيضا جيدة، غير أنها مناسبة لأن تعرض للجمهور، فيتم اختيارها لتكون ضمن الموسم المسرحي، وهذا كله تقرره لجنة اختيار عروض الموسم، وفق لائحة أعدت من قبل جمعية المسرحيين».

وأوضح أن «الموسم له شروط ومعايير تختلف عن نتائج لجنة التحكيم في (أيام الشارقة المسرحية)، إذ نبحث دائما عن العروض الأقرب للجمهور، من ناحية الشكل والمضمون، والأعمال التي تضم جرعات الكوميديا الراقية، بعيداً عن الابتذال والتهريج، كما أن الموسم يضم عروضا مسرحية فائزة في الدورة الأخيرة من (أيام الشارقة المسرحية)، منها مسرحيات (التريلا)، و(أنت لست كارا)، و(نهارات علول)، و(الطوفان)».

مشاركة العروض الخمسة في الموسم كانت شبه متوقعة، لاسيما أن بينها أفضل عرض مسرحي متكامل لمسرح عجمان الشعبي مسرحية «التريلا»، وكذلك أفضل ممثل دور أول عبدالله زيد عن دوره في مسرحية «أنت لست كارا» لمسرح الشارقة، فيما يشارك مسرح الشارقة الحديث في الموسم بمسرحية «نهارات علول»، إذ إن المسرحية حائزة جائزة أفضل إخراج (الفنان حسن رجب)، كما دخلت ضمن الموسم المسرحي مسرحيتا «الطوفان» لمسرح الفجيرة، و«زيت وورق» لجمعية حتا للثقافة والفنون والتراث.

ومن أبرز المسرحيات، التي ستقدم خلال الموسم مسرحية «التريلا»، التي تحمل أبعاداً وإسقاطات على الواقع العربي، وتحاول فضح لعبة بعض الساسة المتمسحين بالدين، لسطحيتهم في التعامل مع أمور الشعب، ولا يفكرون سوى في الكرسي، بعيدا عن المصلحة العامة.

وتضم المسرحية مشاهد كثيرة وشخصيات كاريكاتورية، جسدت بشكل مبالغ فيه، وتدور المسرحية حول قرية سكانها مغيبون يقادون مثل قطيع، ولا يدركون أين يتوجهون أو ماذا يريدون، يقودهم مجلس يضم ستة من رجالات الحكومة ولا يفقهون هم أنفسهم شيئاً، ويخلطون بين الدين والسياسة.

«علول» و«كارا»

أما مسرحية «نهارات علول» للمسرح الحديث في الشارقة، فهي حصيلة التقاء الفنان حسن رجب، والفنان مرعي الحليان، اللذين شكلا حالة ابداعية في الدورة 23 لمهرجان أيام الشارقة المسرحية، إذ ابتدعا شخصية علول، الشاب الذي يقطن في قرية يسكنها «الحرافيش» أو «الصعاليك»، الذين ما أن يبزغ الفجر حتى يقوموا بجمع العبوات الفارغة من الحاويات والشوارع وأزقة المدينة، بحثاً عن لقمة العيش، فأدمغتهم برمجت على هذا العمل اليومي دون توقف، وفي الليل ينامون كجثث هامدة أنهكها العمل الشاق، هذا الواقع كان يرفضه علول ويعتبره ثقلاً حلّ على رؤوس الجميع، فيحاول التمرد لكنه لا يستطيع في ظل مقاومة صديق له، يعتبر تصرفاته ضرباً من الجنون، رغم أنه كان مؤيداً لفكرة التمرد، لكن ليس على طريقة «علول».

كما تشكل «أنت لست كارا»، لمسرح الشارقة الوطني، حالة مسرحية، يجتمع فيها النص القوي والأداء المبهر والسينوغرافيا الجيدة والجوقة المبدعة، وهي من إخراج محمد العامري. وتجسد مسرحية «أنت لست كارا» كيفية تزييف التاريخ، إذ تتناول كيف تحول صعلوك إلى بطل حرب، ونصب له تمثال لتخليد ذكراه. ومن لا يعرف كارا يصدق أنه بطل مغوار لا يخشى الموت، بل يقاتل من أجل نيل شرف الشهادة في سبيل الحفاظ على الأرض والعرض، وهذا ما أراد الجميع تصديقه، وتكريماً لتلك الروح الخالدة التي عانت من أجل الحفاظ على شرف المدينة والذود عنها، أقيم احتفال شعبي ضخم للشهيد كارا، وشيد نصب تذكاري في ساحة المدينة للراحل.

 

«زيت» و«الطوفان»

من العروض المميزة التي دخلت الموسم المسرحي، مسرحية «زيت وورق» لجمعية حتا للثقافة والفنون والتراث، التي تروي كيف يتحول المثقف إلى ثوري حاقد على ورقه الذي طالما قدسه. يقدم العرض، شتاء مؤلما وخريفا منكسرا قاد إلى ربيع ثوري، وعلى الرغم من البساطة التي ظهرت على الخشبة خلال أيام الشارقة المسرحية إلا أن هذه البساطة كانت إحدى أهم جماليات «زيت وورق»، خصوصاً ما رسمته الأوراق والحبال المتدلية من أعلى خشبة المسرحية من دهشة، جعلت المتفرج يتماس مع خيال المخرج، لاسيما في وجود أداء عالٍ من الممثلين علي جمال وعبدالله سعيد.

أما مسرحية «الطوفان» لمسرح الفجيرة، فتدور أحداثها في الماضي، تحديداً في زمن صراع النواخذة والتجار وسيطرتهم على الفرجان، وتبدأ الحكاية من النهاية، وتبين كيف أن العم سيف (عبيد الهرش)، والعم زيد (عبدالحميد البلوشي)، يتقاتلان من أجل السيطرة، رغم أنهما أخوان، إلا أن الغريب شاهين (عبدالله سعيد) دخل بينهما وأجج الخلاف ليضعف الأخوين، ويتمكن من السيطرة على كل شيء. ومع بداية العمل يظهر سيف وزيد وهما يتصارعان على المال والتجارة، فسيف يريد أن يكون النوخذة الوحيد ذا الكلمة المسموعة، إذ تمكن من السيطرة على أهل بيته وطمس حقهم في الكلام أو التعبير، وصار ينمي في شاهين، ابنه بالتبني، روح القتال والثأر، وأن الحق لا يؤخذ إلا بالسلاح، إذ لا وجود للغة الحوار في صراع الكبار.

 

المصدر:

    سوزان العامري •- الشارقة

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *