“عشيات طقوس” المسرحي يكرس حضوره بين المهرجانات الموسمية

 

يعتبر مهرجان عشيات طقوس المسرحي الذي أنهى فعالياته مساء الخميس الماضي، بمثابة ركيزة مهمة من مسارح عمان الموسمية.وكان من المفترض أن تشارك ضمن فعاليات المهرجان ثماني فرق عربية ودولية استقرت في نهاية المطاف بمشاركة خمسة دول عربية وواحدة من النمسا، لاعتذار الفرق الأخرى.

 

 

وتنافست الفرق المسرحية الخمسة على جوائز قدمتها ادارة المهرجان لأفضل عمل مسرحي، وأفضل ممثل، وافضل ممثلة، وافضل سنوغرافيا، اضافة الى جائزة لجنة التحكيم وشهادة التميز.
ولعل اللافت بالمهرجان هو أن المسرحيات التي عرضت أخذت منحى تعبيريا ودلاليا عن الواقع الحالي، بعيدا عن إيجاد طقس مسرحي بما ينسجم مع الفكرة الاساسية لتنظيم المهرجان.
وشارك هذا العام أربع فرق عربية من فلسطين عن مسرحية “الكارثة..لا أعرف”، والعراق ” مطر صيف”، قطر “الغريب”، مصر “الامبراطور جونز”، والفرقة الخامسة من النمسا “مسرحية الصوت”.
ورغم تفاوت قيمة العروض بين عمل وآخر حقق العرضان النمساوي للمخرجان شامال أمين و نيگار حسيب عبر العمل المسرحي الفني والقريب الى الصور الفنية المصورة جائزة العرض الذي حقق غاية المهرجان وتناول “طقس” مسرحي من خلال توظيف الصوت بالمسرح.
فيما تناولت باقي المسرحيات مواضيع مختلفة ومنها المسرحية العراقية فكرة “الرحيل” والخيبة بعد طول انتظار، مشتغلة على الرمزيات النصية والسينوغرافيا الحادة الموشحة بالويلات والآلام بالصوت والصورة، مما جعل الاداء والصورة الكاملة لها كعرض مسرحي متميز وممتع للمشاهد.
ولم يتفاجأ الحضور يوم إعلان لجنة التحكيم، والمكونة من؛ حكيم حرب وعبدالرضا جاسم وحسين نافع، منح جائزة أفضل عرض مسرحي للمسرحية العراقية “مطر صيف”، مشيدة بعناصرها المتكاملة والمنسجمة مع مسرح طقوس.
وأفضل ممثل للفنان العراقي فاضل عباس عن دوره في مسرحية “مطر صيف”، وكذلك نالت الممثلة العراقية هناء محمد جائزة أفضل ممثلة عن دورها في ذات المسرحية.
فيما تسلم المخرج العراقي كاظم النصار جائزة أفضل مخرج أيضا للعمل العراقي المسرحي “مطر صيف”، والذي لامس وفق رأي لجنة التحكيم “كياننا في انسجام الرؤية النصية والاخراجية”.
أما جائزة السينوغرافيا فذهبت الى فيروز أتاسي من فلسطين عن مسرحية “الكارثة.. لا أعرف”.
فيما قدمت المسرحية القطرية الغريب صورة نمطية عن اختلاف وجهات النظر حيال الثورات العربية، دون أن تمعن النظر كثيرا في مضمون هذا الانقسام الدائر سوى بما تتناقله بالاصل وسائل الاعلام وهي “التدخلات” وكلمة “المؤامرة”.
أما العرض الفلسطيني العبثي “الكارثة .. لا اعرف” فهو نص مفتوح على تأويلات كثيرة منها حقيقة هوية الانسان العربي وتحديدا الفلسطيني، من خلال ايضاح مفهوم “السلطة” واستغلال “كرامة” الانسان وتسخير المحيط لخدمة هذا المشروع السلطوي.
في حين ذهبت مسرحية “الامبراطور جونز” للحديث حول السردية المطلقة في عرض تاريخ امبراطور مستبد ظلم أبناء جلدته الزنوج، ليستولي على العرش حتى يقهره شعبه وينتقمون منه، كاشفة عن خوف وهلع الانسان داخل هذا الزعيم “الامبراطور”.
وشهد المهرجان الى ذلك بادرة من قبل ادارة المهرجان، بدعوة بعض الفرق المسرحية المحلية للمشاركة في عروض المهرجان للمشاركة والتفاعل وتبادل الرؤى بين الممثلين والمخرجين العرب والمحليين.
ولم يمض مهرجان عشيات طقوس المسرحية لهذا العام، دون أن تقدم اللجنة توصياتها الى ادارة المهرجان والممثلين والمخرجين أهمها تكثيف الدعم المادي لمثل هذه المهرجانات التي تعنى بالثقافة والتراث والمحافظة عليه، الى جانب الانفتاح على مشاركات محلية متنوعة ودولية وعربية أكثر.
وقالت اللجنة إن على مهرجان عشيات طقوس أن يلتزم بالمسرح الطقسي والذي تشكّل لأجله، إلى جانب ضرورة أن تشاهد المسرحيات عبر الفيديو قبل حضور الفرق لضمان الجودة.
وأكدت أهمية وجود نشرة اعلامية ضمن فعاليات المهرجان، والتنسيق مع جهات المركز الثقافي الملكي لضمان آلية ومنع رنين الهواتف الخلوية آليا والتي تشكل ازعاجا للممثل والجمهور.
ويُعتبر أهم ما يُميّز هذه الدورة أنها دوليّة وتهتمّ بمسرح الدمى والطفل وبحثها الجديد حول الآثار من خلال خمسة أيام من طقوس الدراما والجمال والفرح.، ساهمت في لقاء الممثلين والمخرجين العرب والمحليين مع بعضهم البعض.
ومهرجان “عشيات طقوس” المسرحي تنظمه سنويا فرقة “طقوس” المسرحية بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية، ونقابة الفنانين الأردنيين، وفدم هذا العام ورش مسرحيّة متخصّصة بالدمى ومسرح الطفل، ومعرض الفنون التشكيليّة والكاريكتيرية والخزفيات وبعض الفعاليات الشعبيّة والطقسيّة إلى جانب عدد من الندوات الفكرية حول الآثار وسبل استرجاعها.
ويشار إلى أن المهرجان يختصّ بتقديم المسرحيّات ذات الطابع “الطقسي”، في محاولة للعودة لجذور المسرح التي لطالما اعتمدت مختلف الطقوس الدينيّة والأسطوريّة في مسارحها.
وتسعى الفرقة إلى خلق الوعي المسرحي من خلال الارتداد نحو الفكرة الأولى للمسرح، المنبثقة من الدين والأخلاق، مستفيدةً من الإرث الحضاري للإنسان وتراكماته المعرفيّة، عبر القرون، والعمل على تكوين نموذج مسرحي بالرجوع إلى ظاهر المسرحيّة العالميّة والعربيّة، والاستفادة من الموروث الحضاري والمعرفي والعربي، المتعلق بالعادات والتقاليد والمعتقدات والأساطير والأنماط الروحيّة بشكل مدروس وممنهج. والعمل على تحقيق التواصل الثقافي والمسرحي مع الحركة العربيّة والعالميّة والاستفادة منها والتأثّر بها من خلال الإيمان الطموح بأهداف الفرقة.

 

سوسن مكحل

Sawsan.moukhall@alghad.jo

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *