الطفل والمسرح – يوسف أبو لوز

نشاط عربي ودولي بالغ الحيوية تقوم به الهيئة العربية للمسرح هذه الأيام بدءاً من العاصمة الأردنية عمّان، وإلى اللقاء الثقافي المهم بين المسرحي إسماعيل عبد الله، الأمين العام للهيئة، والدكتورة حياة القرمازي، مديرة إدارة الثقافة في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

القاسم المشترك في نشاط الهيئة في عمّان، وفي التعاون الثقافي بين الهيئة و«إليسكو» هو المسرح العربي بشكل عام، والمسرح المدرسي بشكل خاص؛ بل لعلّ التركيز على المسرح المدرسي هو الأساس في نشاط الهيئة بين العاصمة الأردنية وبين المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

المسرح المدرسي تخصص إبداعي فني ثقافي له أهمية مباشرة في مشروع الشارقة الثقافي الذي يقوم على مكوّنات رئيسية منذ السبعينات وحتى اليوم: من «أيام الشارقة المسرحية» إلى مهرجانات المسرح العربي، إلى مسرح الطفل، إلى المسرح الصحراوي وغيرها من مبادرات مسرحية عديدة في الإمارات هي الأكثر على مستوى الكمّ والنوع على مدار سنوات العمل الثقافي في البلاد.

في هذه المرحلة من عمل الهيئة العربية للمسرح نلاحظ توجّهاً مهنياً متخصصاً يتعلق مباشرة بالمسرح المدرسي، وقد انتبهت الهيئة إلى الجانب التأسيسي في هذا المسرح المتخصص وهو المنهاج المدرسي.
تعليم المسرح في المدرسة هو المبتدأ لثقافة رفيعة إنسانية عالمية هي ثقافة «أبي الفنون» كما يُطلق على هذا الفن الاجتماعي والتاريخي والشعري منذ أن كان الشعر مرادفاً للمسرح، ومنذ أن كان المسرح تعبيراً حراً عن الفكر والجمال والحياة.
في المناهج العربية المدرسية، وربما في مناهج التعليم في العالم كلّه لا شيء مكتمل ومثالي، فكم من بلدان العالم تخصص مساقات تعليمية للمسرح، وأخرى للفلسفة، وغيرها للنحت أو الموسيقى أو الرقص، والقليل بل القليل جداً من وزارات الثقافة في العالم تخصص مناهج للفنون في المدارس، وهو تعليم نخبوي بامتياز.
هنا محاولة عربية ثقافية طموحها أكبر من البيئة التي تقع فيها، ولكن المسرح يظل حلماً دائماً. إنه الفن الذي يبدأ مع طفولة الإنسان منذ أن يصرخ لأنه رأى النور، وفي الوقت نفسه، سيصرخ عندما يرى الظلام.
الطموح، ببساطة، هو تعليم المسرح أكاديمياً، وتربوياً، وثقافياً، ونظرياً، وتطبيقياً منذ المرحلة الابتدائية في المدرسة، وحتى يقف هذا الذي كان طفلاً على خشبة مسرحية في الجامعة.
 ما تقوم به الهيئة العربية للمسرح من عمل عربي دولي كبير للعرب والعالم انطلاقاً من تعليم المسرح وثقافته وتاريخه ثم تطبيق تجاربه على الخشبات المدرسية، هو حلم كبير سهل التحقق إذا وجدت الإرادة والثقافة والمعرفة.
هل سنصل ذات يوم إلى شعار «فرقة مسرحية في كل مدرسة؟» ولِمَ لا؟ فالإنسان في طفولته وفي شبابه الأول يحب الحكاية، والضحك، وحتى المبالغة والتقليد، وفي كل ذلك ثمة شيء من المسرح.
yabolouz@gmail.com

https://www.alkhaleej.ae

 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش