«مثلث برمودا»… إسقاطات سياسية واجتماعية لهموم المجتمع الكويتي

 

جاء عرض مسرحية «مثلث برمودا» التي يقدمها الفنان عبدالعزيز المسلم – إلى جانب مجموعة كبيرة من النجوم على مسرح سينما غرناطة وسط حضور جماهيري كبير – منسجماً تماماً مع الواقع الحالي الذي يعيشه الشارع الكويتي وحملت في مجملها إسقاطات اجتماعية واقتصادية وسياسية.

تدور أحداث المسرحية حول سقوط طائرة في المحيط، وتحديداً في مثلث «برمودا»، وكانت تحمل على متنها نخبة من كل أطياف الشعب الكويتي من بينهم نواب في مجلس الأمة وأعضاء في الحكومة كانوا في مهمة رسمية، وما إن واجهت الطائرة بعض العواصف حتى فوجئ كابتن الطائرة ومساعدوه باقتحام كبينة القيادة من قبل النواب وبعض الركاب مدّعين أنهم يعرفون كل شيء فبدأوا يكيلون تهديداً ووعيداً للكابتن نعيم قائد الطائرة بأن حسابه عسير حين يصل الكويت لأنه ليس ضليعاً في علم الطيران واستمر الجدل إلى أن سقطت الطائرة.
وبعد لوحة استعراضية رفعت ستار المسرح ليجد الجمهور نفسه في مثلث برمودا، وقد برع المهندس محمد الربيعان في الديكور والسينوغرافيا، فالجزيرة التي صممت كانت بعمق المسرح وامتدت إلى جنباته وكانت معبّرة إلى حد كبير في التضاريس والأجواء والأشجار التي حرص أن تكون طبيعية وكانت أكثر ملاءمة مع المؤثرات الصوتية.
وظهر في مثلث برمودا بعض الذين نجوا من الطائرة التي أعلنت الحكومة أن جميع الركاب قد فقدوا في هذا الحادث الأليم، بينما بدأ الناجون لاسيما المواطنين يتحدثون عما أصابهم، فالطيار «نعيم» – عبدالعزيز المسلم – يشتكي من مشاكل الطيران والصيانة وتعنّت الساسة من أجل خصخصة شركة الطيران لذلك أصابها ما أصابها. أما العروسان إبراهيم وسعاد، فكانا يقضيان شهر العسل وقد ذكرته زوجته بمشاكل الإسكان وطول الأمد للحصول على بيت حين كان يتحدث عن بيته الذي يحلم به. أما وجود «أبو صالح» وابنته «أم سالم»، فكشف عن معاناة العلاج في الخارج، فقد حصلت ابنته على قرض من أجل علاجه في الخارج لأن السفر على نفقة الدولة لم يعد للفقراء، وتحدّث أبو صالح عن المشاكل الطبية التي عانى منها في الكويت، إذ أوهمه الأطباء أن لديه ورماً وعندما سافر لم يجد لديه ما يستحق هلعه وسفره، كما أن تلميح ابنته عن أنها مطلقة وعانت الأمرين مع زوجها كشف عن قضية الطلاق المبكر بين الشباب والفتيات.
المسلّم نقل الجدل السياسي إلى مثلث برمودا، فالنواب والوزراء جزء من الأزمة التي تتعلق بحياتهم ومستقبلهم ورغم ذلك لم يتفقوا بشأنها ولا على كيفية العودة إلى الكويت إلى درجة أن أحدهم كان يكرر كلمة نريد تشكيل لجنة، وكأن البيروقراطية واللجان انتقلت إلى هناك، إلى أن فكر الكابتن نعيم في ضرورة العودة إلى الكويت من خلال سفينة إلا أنهم اعترضوا على بنائها بسبب الوقت التي تستهلكه نظراً لعدم وجود معدات بناء سفن واستقر الأمر على بناء قارب صغير.
وطلب نعيم أن يرافقه أحد الناجين إلا أنهم اعتذروا جميعاً عن عدم خوض المغامرة التي قد تأخذ جهداً ووقتاً لسنوات وتذرعوا بحجج واهية، وكانت المفاجأة هي رغبة الطفل سالم (الذي كان يشكل الأمل دائماً) في مرافقة الكابتن للعودة إلى الكويت للإبلاغ عن إنقاذ بقية الناجين، ولعل المفارقة أن نعيم قد عاد مع سالم بعد عامين لإنقاذ المتواجدين بطائرة مروحية وأثناء إبلاغهم بأنهم عائدون للكويت فقدت المروحية وما كان من الجميع إلا أن عبّروا جميعاً عن ضرورة المشاركة في بناء سفينة تعيدهم إلى الكويت، ليسدل الستار على عرض مسرحي لمس الواقع بهمومه وآماله. 
المسرحية حملت إسقاطات على ما حدث من اقتحام مجلس الأمة وما تلاه من أحداث سياسية وقضايا التعليم والصحة والزواج والطلاق والمشاكل التي تواجه البناء والتمنية بسبب الصراعات السياسية. وفي الجانب الآخر برز الجانب الكوميدي في العرض، ففي المقدمة كان عبدالعزيز المسلم وجمال الردهان يتباريان معاً، ففي يمين المسرح كانت انتصار الشراح ومشاري البلام وفي اليسار كان عبدالله البدر وعبدالله الخضر، وأشعل الأخير المسرح بطريقة أدائه وصوته بينما قدّم البدر «كراكتر» مؤثراً هذه المرة يكاد يكون هو الأفضل له منذ أن وقف على المسرح، أما في أعلى المسرح فكان كالعادة الفنان جمال الشطي الذي يضفي في كل مرة أجواء مختلفة من الكوميديا. 

بطاقة المسرحية

تأليف وإخراج: عبدالعزيز المسلم 
بطولة: عبدالعزيز المسلم، جمال الردهان، انتصار الشراح، مشاري البلام، مي البلوشي، جمال الشطي، عبدالله البدر، عبدالله الخضر، مشعل الشايع، عمر اليعقوب، ضاري الرشدان وغيرهم.
شارك في التأليف: أيمن الجبيل
مخرج منفذ: عبدالله البدر
كلمات الأغاني الوطنية: الشاعر الشيخ دعيج الخليفة
كلمات الأغاني: سامي العلي
ألحان: وديع البدور، عادل الفرحان وجاسم الخلف
ديكور: محمد الربيعان

 

كتب مفرح حجاب

http://www.alraimedia.com


 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *