المسرح اليمني والرؤية المستقبلية2 – 2

• أهمية التأصيل في المسرح اليمني


إن المعنى المعجمي للفظة تأصيل (( يعني الارتباط بالأصل ومعنى الأصل أسفل كل شيء أو أقدم صورة لشيء تبدل فهل يلتقي المعنى المعجمي مع مصطلح التأصيل كما طرحه المسرحيون العرب؟.
يعني مصطلح التأصيل التجذير أي جعل هذا الفن جزءاً أساسياً من حياتنا وذلك من خلال استنبات التقاليد المسرحية في التربية العربية ورعايتها بشكل يضمن لها البقاء والاستمرار.
فالتأصيل في المسرح لا يعني البحث في تراثنا عن أشكال وظواهر مسرحية والتقاطها لتكون أصولاً يمكن أن تعد أحد فروع التأصيل ولكنها ليست التأصيل كله وكذا الانبثاق عن الذات والاعتماد عليها في إنتاج الإبداع الفني وفي تشكيل عناصره يشكل قيمة إيجابية في عملية التأصيل إلا أنه لا يعني التأصيل كله بل جزءاً منه، إذاً فالتجاوب مع الحضارة الغربية والاستفادة مما توصل إليه إبداع العالم الخارجي شرط أن يتوافق مع خصوصيتنا ويتماشى مع ذوقنا أمر مشروع يسهم في عملية التأصيل فالمسرح وكذلك سائر الفنون تراث إنساني يأخذ بعضه من بعض ويتأثر بعضه ببعض ويؤثر ويتحول إلى ظاهرة أو عادة اجتماعية.
فالتأصيل كما ذكر الكاتب السوري فرحان بلبل في كتابه (المسرح العربي المعاصر في مواجهة الحياة) يعني الخصوصية والخصوصية هي وجود تقاليد مسرحية وأشكال فنية منبثقة عن مضمون يحتوي الواقع العربي وتبرز وجودا عربيا وقوميا وإنسانيا من خلال رؤية فكرية وسياسية معينة.
إذاً فالتأصيل في المسرح اليمني له أهمية كبيرة لأن التأصيل يعني البحث عن هوية يمنية للمسرح اليمني والهوية هي الاختلاف عن الآخر، هي التميز والتفرد بميزات وخصائص تنبع من ذاتنا ومن واقعنا ومن تراثنا اليمني ومن اللغة العربية، إذاً فالتأصيل في المسرح اليمني يجب أن يرتبط بالظاهرة المسرحية للمجتمع اليمني وتغيرها عنه وتكوينها ظاهرة تحمل سمات مجتمعنا اليمني وتمثل هويتنا في اللغة والتاريخ والتكوين الفكري والحضاري والروحي.
• مسرح الطفل كجزء من بناء الرؤية المستقبلية للمسرح اليمني:
إن خصوصية مسرح الطفل تنبع من مراعاة هذه الاعتبارات التربوية التي تتبادل التأثير مع الاعتبارات الفنية وهو ما ينبغي مراعاته عند نقل فن من فنون أدب الأطفال عبر وسيط ثقافي ما كالمسرح وهي عملية مزدوجة فكتابة مسرحية الطفل يراعي اعتبارات فنية عامة تتصل بطول المسرحية وتخيل فعلها وحركة شخوصها ووحدة مكانها وزمانها ولغتها ثم تلحق بها اعتبارات فنية خاصة عند نقلها عبر وسيط ما كمسرح العرائس أو المسرح الغنائي أو مسرح الأطفال أو…
أي ملاءمة المسرحية لتقنيات هذا الوسيط الثقافي وهكذا يصبح البعد التربوي حاضرا في مسرح الطفل ويفرز أشكالا مسرحية بذاتها مترافقة مع العملية التربوية والتعليمية مثل المسرح التعليمي مسرح المناهج والدراما الخلاقة، ففي المسرح التعليمي يدعم الخبرة التربوية والتعليمية بالخبرة الدرامية عن معرفة واسعة بالمناهج المسرحية وحاجات الصياغة المسرحية واختيار الشكل المسرحي الأنسب للأداء المسرحي وبناء وحدة المسرحية التعليمية من تحديد الأهداف إلى اختيار المحتوى إلى تحديد خبرات التعلم إلى إعادة إعداد المواد والوسائل اللازمة إلى أدوار المنشط والمتدربين إلى شروط تحويل فصل الدرس أو حجرة الدرس إلى حجرة مسرحية، إذاً فعند تفعيل استخدام الطريقة الدرامية المسرحية كطريقة من طرق التدريس في المرحلة الابتدائية فإنها تقدم للتلاميذ الفكرة بطريقة جذابة ومسلية بما تحتويه من مواقف وحوارات كما انه يحقق كثيراً من جوانب النمو عند التلاميذ إذا ُأحسن اختيار المواقف المناسبة لاستخدام المسرح في التدريس.
ü ((كتاب المسرح التعليمي للأطفال عن المسرح العرب المعاصر قضايا ورؤى وتجارب د.عبدالله أبو هيف)).
أما الدراما الخلاقة فهي المسرحية التي يقوم بها الأطفال أنفسهم داخل حجرة الدرس وفي أماكن النشاط الطفلي المختلفة ويعرفها المختصون بأنها الدراما التي يتدرب عليها الأطفال بوصفها دراما الفطرة التي ينشأ عليها الأطفال.
ü مسرح الطفل نقلاً عن المسرح العربي المعاصر قضايا ورؤى وتجارب د.عبدالله أبو هيف.
إذا فالرؤية المستقبلية لمسرح الطفل ترتهن بمعاينة واقعنا لأنه منطلق الرؤية المستقبلية ولذا يجب الاهتمام بالآتي:
1- المسرح المدرسي والتنشيط المسرحي التربوي والتعليمي وهذا ناتج عن غياب معاهد التأهيل والإعداد وغياب المنشآت وإهمال التظاهرات التي تنهض بهذا المسرح وغياب تظاهرة المسرح المدرسي.
2- إيجاد مسرح العرائس والاهتمام به
3- زيادة التبادل المسرحي العربي والدولي مع بلادنا
4- إصدار أعداد خاصة عن مسرح الطفل
5- تطوير النشر المسرحي للأطفال تأليفاً وترجمة.
6- تنشيط مسرح الطفل التلفزيوني.
7- دعم الروافد العلمية والاحترافية من مخرجين وممثلين وسينوغرافيين ونقاد كلا في مجال اختصاصه.
8- إعادة النظر في عمل معهد جميل غانم للفنون بعدن من حيث البناء والمناهج والأطر التعليمية المؤهلة وإحداث اختصاصات جديدة تلبي احتياجات الحركة الفنية ببلادنا.
• التوصيــــات
لخلق ثقافة وحركة مسرحية جادة تلبي تطلعات المجتمع المتعطش لهذه الثقافة الراقية ومواكبة لتطورات العالم في هذا المجال باعتبارها سلاح العصر وجزءاً من منظومة الدفاع الثقافي والفكري نوصي بالآتي :
1- نوصي أصحاب القرارات العليا والجهات المسئولة وبكل صراحة وشفافية أن يضعوا على أنفسهم وضمائرهم هذا السؤال الهام جداً في إنقاذ المجتمع: هل فعلاً لديهم الاستعداد والنية الصادقة لإقامة مسرح حقيقي في اليمن الذي يصحح ثقافة الفرد من ثقافة السلاح إلى ثقافة الكلمة والمنطق.
2- تبني الدولة في خططها مشاريع البنية التحتية للمسارح وإعطائها الأولوية القصوى والعاجلة.
3- الاهتمام بالكوادر المحترفة والأكاديمية المتخصصة في هذا المجال الراقي الإبداعي وتقديم الدعم المالي والمعنوي لهم.
4- إيجاد حل عاجل وجذري للمؤسسة العامة للمسرح والسينما من كل الجوانب المادية والمعنوية كجهة حكومية تنفيذية وحيدة مسئولة مباشرة عن إنعاش الجانب الثقافي في بلادنا.
5- تخصيص الموازنات المالية الكافية لدعم هذا الفن المتفنن في بناء حياة الشعوب وإيجاد أنظمة وتشريعات مالية تنظم المسار المالي لهذا الفن ويمكن الاستفادة من الدول المتطورة في هذا الجانب.
6- على وزارة التربية والتعليم إدراج المسرح كمادة تدرس في المدارس وخلق مسرح مدرسي وإقامة المسابقات والتظاهرات الخاصة بالمسرح المدرسي بين المدارس في كل أنحاء الوطن.
7- إقامة التظاهرات والمهرجانات المحلية والدولية السنوية والموسمية الخاصة بهذا الفن.
8- إعادة النظر بمعهد جميل غانم للفنون بمحافظ عدن ونقترح بهذا الخصوص تحويله إلى معهد عالي للفنون ويمكن الاستفادة في هيكلته وتحويله من الدول العربية التي تمتلك معاهد عالية وأكاديميات فنية.
9- نوصي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بفتح المسرح كاختصاص أكاديمي عالٍ ودعم كلية الفنون الجميلة بالحديدة وعدن وتشجيع الاهتمام بالمتخصصين فيه.
• المراجــــــع
– تأصيل المسرح العربي بين التنظير والتأصيل في سوريا ومصر
للدكتورة حورية محمد حمو
– المسرح العربي المعاصر قضايا ورؤى وتجارب
للدكتور عبدالله أبو هيف
– مجلة المعرفة السورية تصدرها وزارة الثقافة والإرشاد القومي بسوريا الأعداد الأولى
• الخاتمــــة
لعل إقامة مثل هذه الندوات والمؤتمرات الثقافية لعامل مهم جداً من عوامل رسم مستقبل الحركات الثقافية وتطويرها وخاصة المسرح. وإن ما تناولته من رؤية مستقبلية في ورقتي هذه عن المسرح اليمني قد تساعد القائمين والمسئولين عن الثقافة في بلادنا للاستفادة مما طرح من أفكار ونقاط مهمة وتحديد مستقبل الثقافة بشكل عام والمسرح بشكل خاص وكذا معالجة وتذليل وتسهيل المعوقات التي تحول دون إيجاد مسرح جاد يهتم بقضايا المجتمع ومشاكله.
فبلاشك إن الثقافة والمسرح سلاح العصر وجزء من منظومة الغزو الثقافي والفكري فقد دخل هذا الفن الملتبس بجذوره وطبيعته المتعلقة مع الظاهرة الاجتماعية في صلب عمليات التنمية الثقافية الشاملة.
ومما يلاحظ في ورقتي هذه هو أنني تناولت المسرح اليمني ورؤيته المستقبلية برؤية تتطلع لمسرح جاد وحركة مسرحية مستدامة بشكل نقدي للواقع انطلاقاً من إصلاح الواقع الراهن المتخبط الذي تمر بها الثقافة بشكل عام والمسرح بشكل خاص وإعادة النظر برؤية وطنية خالصة في هذا الفن المتميز بأداة التميز للشعوب المتبنية له والمتحلية به في بناء ومعالجة قضاياها.
فالمسرح ثورة حقيقية نحو البناء والتغيير والدولة المدنية الحديثة.
• ورقة عمل قدمت إلى مؤتمر السياسيات الثقافية

 

 

منصور مطير

http://www.althawranews.net

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *