المسرح السعودي.. تجارب خجولة من عيد إلى عيد وغياب رسمي

اعترف عدد من الممثلين السعوديين والمختصين في الجانب الفني أن المسرح السعودي أصبح جثة هامدة لا إحساس فيه، بعد أن كان أحد روافد الحركة المسرحية في الخليج، مشددين على أن المسرحيات التي تعرض في فترة العيد لا تكفي لإنعاشه.

وقلل ممثلون ومخرجون سعوديون من أهمية النشاط المسرحي المحلي متهمينه بالجمود وعدم الظهور محملين المسؤولية للجهات الرسمية التي لم تحاول دعم المسرح وبث الروح فيه، في الوقت الذي انحصر فيه النشاط المسرحي على ما تقوم به أمانة مدينة الرياض في الأعياد الموسمية فقط وبعروض مجانية لا تستمر أكثر من يومين أو ثلاثة على الأكثر.

واعتبر الممثلون أن هذا النشاط المحدود بثمانية أيام فقط في العام لا يكفي، مطالبين بتفعيل دور جمعية المسرحيين السعوديين (الغائبة) حد وصفهم.. وأن تعمل وزارة الثقافة والإعلام بشكل أكثر جدية لتفعيل دور المسرح.. بدلا من الاعتماد على مسرحيات موسمية ومجانية الدخول من أجل عودة مسرحيات مميزة كـ(للسعوديين فقط) و(دروب المحبة) و(لقاء مفتوح) وغيرها من المسرحيات السعودية القديمة.

بقايا مسرح لا أكثر

ووصف الممثل أسعد الزهراني المسرح السعودي حاليا بأنه بقايا مسرح لا أكثر وشدد على أن المشكلة ليست في النصوص ولكن في الأماكن التي تمثل فيها هذه النصوص، مبينا “لا يوجد لدينا مسرح من الأساس.. كل ما لدينا هو قاعات مؤتمرات تستعار لتقام عليها بعض المسرحيات لا أكثر.. وهي غير متاحة لنا إلا في حدود ضيقة”.

وأضاف الزهراني: “ليس دور الممثل أن ينشئ مسرحاً بل أن يؤدي دوره على خشبة المسرح ونحن للأسف لا نجد هذا المسرح وحتى مركز الملك فهد الثقافي العملاق أغلق لأكثر من 15 عاما.

وأشار إلى أن جامعة الملك سعود هي من لديها مسرح حقيقي ولكن “عندما نطلب استخدامه يطلبون منا موافقات رسمية.. وأمور صعبة.. يفترض أن يكون لدينا مسرح مهيأ في الرياض وآخر في جدة وثالث في الشرقية”.

وشدد الزهراني نجم الكوميديا السعودية على أن جمعية الثقافة والفنون لا تؤدي دورها المطلوب منها ويقول: “لا دور للجمعية هي فقط تجمعات لشرب الشاي والقهوة”، مشيرا إلى تجربة أن “ينشئ الفنان مسرحا كما يحدث في مصر والكويت عندما يكون لديه إمكانيات كبيرة ولكن نحن لا نملك هذه الإمكانيات”، ويشدد الزهراني على أن المشكلة ليست في النصوص ولكن في الأماكن التي تمثل فيها هذه النصوص.

بداية قديمة

ولا يعد المسرح جديدا على السعودية، حيث ظهر أول نص مسرحي مكتوب عام 1932 وكان من تأليف حسين عبد الله سراج الذي أتم دراسته بالجامعة الأميركية كما كتب سراج عام 1943 نصا مسرحيا حمل عنوان (جميل بثينة) ثم عام 1952 وكتب مسرحية (غرام ولاده).

وبدأت المحاولات المسرحية الجادة في عام 1960 على يد أحمد السباعي الذي أسس فرقة مسرحية في مكة المكرمة ومدرسة للتمثيل أسماها (دار قريش للتمثيل الإسلامي)، وفي عام 1980 برزت الجمعية العربية للثقافة والفنون وعرضت مسرحية (بيت من ليف) لناصر المبارك، و(الحل المفقود) لعبد الرحمن المريخي، في المنطقة الشرقية.

كما كان من أهم الأعمال، مسرحية (كان هنا بيتنا) لمحمد خضر، و(حضارة الإسلام) لمحمد سليمان الشايقي، و(من يكمل الثاني) لمحمد عريف في المنطقة الغربية.. ولكنها ظلت عاجزة حتى الآن في إظهار المسرح السعودي كما يستحق.

غياب الدعم

بلهجة حازمة يؤكد الممثل والمنتج عبدالرحمن الخطيب أنه لا يوجد مسرح في السعودية ويتهم قلة الدعم بالتسبب في هذا الغياب مشددا على أن الحراك المسرحي المحدود بمناسبات الأعياد كافيا للقول بأن ليس هناك مسرح سعودي.

وأضاف الخطيب، “نشاهد المسرحيات في الأعياد فقط.. ولا يمكن القول إنها بداية جيدة.. هي جهود مشكورة ولكنها لا تكفي.. لدي شخصيا مشروع مسرحية لعرضها في الرياض ثم سأجري بعض التعديلات عليها وأدخل فيها العنصر النسائي كي أقوم بتصويرها في البحرين كي أبيعها للمحطات الفضائية”.

وراهن الخطيب على قدرات الممثل السعودي: “عملنا مسرحيات كبيرة في السابق وشاركنا في مهرجانات كبيرة وفزنا بجوائز.. وأنا لا أتكلم عن المسرحيات التهريجية بل المسرحيات المهمة كـ(الرقص مع الطيور) ولكن للأسف الكثير أدخل التهريج على المسرح وأفسدوه بشكل أفسد التجربة تماما”.

نشاط مفقود

من جهته أكد المخرج سمير عارف على أنه لكي يكون هناك مسرح سعودي يجب أن يكون هناك نشاط اجتماعي يحث الممثل على الوقوف على المسرح وعلى المشاهد الحضور.. ويقول: “كانت جامعة الملك سعود تقدم مسرحيات جميلة ذات قصص وأبعاد وليست مجرد متعة وتهريج.. ولها قيمة فنية تشعرك بأنك في مسرح.. ولكن في الفترة الأخيرة حضرت بعض المسرحيات وأجدها عادية ولا تقارن بالمسرح الذي نشاهده في إيطاليا أو إسبانيا فهناك نوع فن مختلف تماما”.

ويتابع: “لو قدم الممثلون السعوديون مسرحيات لها قيمة فنية فجامعة الملك سعود ستفتح لهم مسرحها على مصراعيه.. ولكن كي يكون لدينا مسرح لابد أن تكون هناك جهة رسمية تسعى لتطوير المسرح السعودي ولكن هذا الأمر معدوم الآن.. فلا يوجد لدينا ثقافة مسرح وكثيرون يعتبرونه مثل التلفزيون وهذا خطأ كبير جدا.. فالمسرح فن مختلف تماما وله مجالات واسعة جدا”.

ويشدد المخرج السعودي على أن لابد أن يكون الحضور مدفوع الثمن كي يمكن القول إن هناك مسرحا سعوديا.. ويتابع: “الأهم أن يقدم شيئا له قيمة وأن يحفز الناس على الحضور ومشاهدته والدفع من أجله”.

يتذكر السعوديون بحسرة مسرحيات حققت الكثير من النجاح في بداية التسعينات كتبت مولد نجوم الكوميديا السعودية أمثال محمد العلي وبكر الشدي (رحمهما الله) وعبدالله السدحان وناصر القصبي وخالد سامي وعبدالإله السناني وغيرهم.. ولكن في ظل الأوضاع الفنية الحالية لا يتوقع مشاهدة مثلهم.. إلا إن تحسن الوضع وبات هناك نشاط حقيقي كما كان في السابق.

 

الرياض – خالد الشايع –

http://www.alarabiya.net

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *