مسرح الدمى.. من النقد السياسي إلى تربية الأطفال

من المعروف أن المسارح بمختلف أنواعها وأشكالها وسيلة مهمة في حياة أطفالنا، حيث تربية الأطفال الثقافية والأخلاقية، وأعتقد أن مسارح الدمى هي الأكثر حبا لدى الصغار. مسارح الدمى هذه دائما تهدف إلى اطلاعهم على الفن المسرحي وتعليمهم، فالجمال الحقيقي والعالم المحيط بنا موجود في هذه الدمى غير الحية

الأصل والبداية الفنية

مسرح الدمى نوع من الفن يقوم بأدائه شخص أو أكثر، وهو ابداع فني له صعوبته وقواعده، فن له تاريخ عريق، وجمهور محب، أغلبه وكما نعرف من الصغار ما يجعل هذا الفن أكثر صعوبة بالمقارنة مع غيره من الفنون، لأن الأطفال إذا ما شعروا بالصدق والحب للعمل المقدم شعروا بالغش تجاههم.

في كل مكان لمسارح الدمى أسلوب خاص، أشكال تمثيلية متحركة يحركها فنان، وهو أحد أصعب أشكال الفن القديم.

يقال عن أحد بدايته أنه قدم لأول مرة قبل حوالي 5000 سنة تقريبا، لكنه لم يحظ بالترحيب المطلوب بسبب إعدام الفنان الذي قدم العرض، حيث أنه انتبه لخيال زوجة الإمبراطور التي ظهر في العرض ومن ثم استخدمه في عرضه المقبل. هذه الحادثة ظهرت في الصين، ومنذ ذلك الوقت بقي هذا الفن حكرا على القصر الملكي، ومن ثم انتقل عبر رحلات التجارة التي كانت تتم بين بلاد الشام والصين والهند، حيث البداية الجديدة لهذا الفن في بلاد الشام وتركيا.

المشوار في بلاد الشام

ورغم أنه من المتعارف عليه في أيامنا أن هذه المسارح مخصصة للأطفال تحديدا فإنها لعبت دورا مهما في الحياة السياسية والثقافية في السابق، فقد تأثرت هذه المسارح بالحياة الاجتماعية التي كان يعيشها السكان في بلاد الشام في ظل الاضطهاد العثماني، فجسد حالات الفساد في الحياة الاجتماعية والمدنية والعسكرية والقضائية وكل نواحي الحياة.

وكان الفرق المتخصصة في هذا النوع من الفن تعرض أعمالها في المقاهي الشعبية، وتروى هذه الروايات لرواد المقاهي بطريقة مرحة لتسلية الحاضرين وكان من الممكن أن يؤلف أحدهم من المواقف التي حدثت معه خلال اليوم قصة أو حوارا.

أشكالها وألوانها

بالطبع أكثر القطع شهرة كانت الشامية والحلبية والتركية بسبب الحراك السياسي والتجاري الأقوى في هذه المناطق، وبالطبع تميزت فيما بينها:

الشامية التي كانت تمتاز بدقة الصنع والتفاصيل وكانت تمسك وتحرك من الصدر.

الحلبية وكانت تأخذ الشكل ولا تهتم بالتفاصيل وبالدقة وكانت تمسك من فوق الرقبة.

التركية كان شكلها هامشيا وكانت تمسك من منتصف الرقبة.

أما أغلب الدول الأوروبية فقد كان لدماها الشكل والدقة وكانت هي الأصعب في التحكم، إذ أن أغلبها أو شكلها الكلاسيكي كان دائما معلقا على الحبال.

هناك أشكال مختلفة من الدمى والمواد التي تصنع منها، حيث يعتمد ذلك على الشكل والغرض منها. قد تكون شديدة التعقيد أو بسيطة جدا في تركيبها.

رؤيتنا لكل جديد

هنالك العديد من الحسنات في الدمى وهي أنها لا تجادل أبدا، وكما أنها لا تمتلك رؤية فجة حول الفن كما أنها لا تمتلك حياة خاصة بها”. جملة قالها أوسكار وايلد قرأتها وقررت مشاهدة عمل ما لهذا النوع من الفن. رأيته بأمي عيني واستنتجت أنه بالفعل من أجمل وأعمق الفنون القديمة.

كل ما نراه اليوم من حراك سياسي واقتصادي وغيره من الممكن أن نراه في أعمال مثيرة، ولكنني وللأسف فهمت شيئا كان قريبا مني ومن أولئك المحيطين بي، أن جرأة المبدعين الأوائل قليلا ما تتكرر. وهذا الفن الذي بدأ كنوع من النقد والسياسة تحول فيما بعد إلى فن كغيره من الفنون، مبتعدا عن ذاك الأساس الذي يحتاجه في أيامنا هذه الشعب العربي الضائع.

 

 

بقلم هاني جبران

http://arabic.ruvr.ru

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *