«الصندوق».. فرجة جيدة ونص تجاوز اســـتيعاب الطفل

طرحت مسرحية الصندوق للمؤلف والمخرج محمود أبوالعباس قضايا مهمة، يصعب أن يستوعبها مسرح الطفل خصوصاً من هم دون ثماني سنوات، وذلك بعد أن أجمع مسرحيون على أن العرض وإن كان جيداً، إلا أنه غير موجه لفئة مسرح الطفل إنما يمكن تقديمه للشباب أو الكبار.

 

 

بساطة ورشاقة

 

قدم المؤلف والمخرج محمود أبوالعباس فرجة جيدة لمسرحية الصندوق، خصوصاً انه طرح اسئلة جيدة في نص قائم على السؤال، بالإجماع وفي الندوة التطبيقية التي تلت العرض اتفق المداخلون أن العمل متميز، لاسيما أن هناك بساطة في الديكورات ورشاقة في الأداء.

نضوج فني لمسه المسرحيون في أداء بعض الممثلين الشباب.


تجاوز الطفل

رصد بعض الأطفال وهم يغادرون قاعة العرض، وذلك لأن المسرحية تجاوزت الطفل وقدرته على استيعاب قضايا ذات أهمية طرحها كاتب النص، الذي أكد بنفسه أن «النص لا يفي حق الأطفال دون الخامسة وإن بات طفل الثامنة قادراً على استيعاب بعض التفاصيل التي يعجز الكبار عنها، لاسيما أننا لا نعطي الطفل مسرحاً كاملاً، إذ يجب ترك مساحة لديه للتفكير والتحليل وإعمال ذكائه لاستيعاب الفكرة».


شخصيات مميزة

برزت في العمل شخصيات مميزة تمكن فنانون من تجسيدها بصورة صحيحة، منها شخصية مرمر التي قام بأدائها الفنان ذيب داوود، إذ برع داوود في تجسيد الشر وكأنه متأصل في ذاته، كما يحسب للمخرج ظهور الفنان يوسف الكعبي بشخصية تخالف ما كان معتاده، أما الحارسان حاصل وفاصل فكانا شخصيتين كاريكاتوريتين بامتياز قدمهما الشابان خالد الحمادي وحميد عبدالله ببراعة، إضافة إلى ذلك شخصية الدمية التي قدمها الطفل خلفان المازم وكانت من مميزات العمل.

فاليوم الثالث لمهرجان الإمارات لمسرح الطفل كان من نصيب فرقة المسرح الحديث ومسرحية الصندوق، التي قدمت فرجة جيدة لعمل تجاوز الطفل وقدرته على استيعاب قضايا ذات أهمية، فبعضها يصب في وعاء الأسرة والآخر يتناول الانتماء، فضلاً عن علاقة الحاكم بالمحكوم في ظل وجود البطانة الفاسدة، كل تلك القضايا حاول المخرج والمؤلف تبسيطها وايصالها للطفل الحاضر لمشاهدة المسرحية، وإن غادر بعض الأطفال قاعة العرض حين لم يستوعبوا هذا النوع من الأعمال.

قدم أبوالعباس، نصاً لعمل يحمل وجهين، وأغرق كثيراً في تفاصيل صغيرة أوقعته في مطب التطويل في الحوارات والتكرار في نص يصلح لسن متقدمة وليس لفئة الأطفال، وتحديداً في مهرجان مسرح الطفل، كما أن الإغراق في الإطالة كشف عن نهايات كثيرة وفي وقت مبكر، إذ كان يجب أن ينتهي العمل قبل المشهد الأخير. في المقابل، يحسب له الجهد والتعب في الاهتمام بأداء الممثلين، خصوصاً حالات النضوج الفني التي لمسها المسرحيون في أداء بعض الممثلين الشباب مثل الشاب باسل التميمي، فضلاً عن توظيفه الجيد للموسيقى والأغنيات المختارة التي صاحبت العمل.

بدأت المسرحية كما انتهت، بأغنيات مميزة شارك في أدائها جميع الممثلين، وحملت الكثير من العبارات والمعاني الإنسانية والأخلاقية التي توجه الطفل وتعلمه العادات الحسنة، إضافة إلى النصائح والإرشادات، ليبدأ المشهد الأول في سوق المدينة الذي بات خالياً من زبائنه بسبب اغلاق السوق من قبل أمير المدينة (باسل التميمي)، الذي فرض عقوبة إغلاق السوق ثلاثة أيام إذا لم يتمكن العاملون في السوق من الاجابة عن ألغازه.

ولأن القصة تضم أميراً، فلابد من وجود البطانة الفاسدة التي تتحكم في مصير الشعب باسم الحكومة، وجسد هذا الدور الفنان ذيب داوود، الذي برع في تجسيد شخصية الشر بحذافيرها، وذلك بحسب مسرحيين شاهدوا العرض، حتى جاء يوم يزور فيه الأمير سوق المدينة ويطرح عليهم سؤالاً جديداً، إلا ان الحطاب (الممثل يوسف الكعبي) وزملاءه الثلاثة أبوالحرير (خالد الروسي) والحديد (يوسف آل علي) وأبوالخضار (سلمان راشد)، وقفوا عاجزين أمام صعوبة سؤال اللغز.

وفي أثناء عودة الحطاب إلى منزله المتواضع، بدأت قضية أخرى بين الحطاب وزوجته، التي بسبب الفقر والحرمان باتت تتعارك مع زوجها بسلوك خشن، لأنها تعبت من الفقر الذي تعيشه وأسرتها، ولكن الحطاب لا يملك سوى الوقوف مكتوف اليدين أمام رغبات الأمير.

ولكن حياة ابنة الحطاب (الممثلة شمسة) وضعت حداً لمشكلات أصحاب السوق، بأن حلت لغز الأمير الذي ألغى قرار اغلاق السوق، غير أن حياة دفعت ثمن ذكائها، إذ أمرها الأمير بالانتقال لقصره والعمل معه في حل مشكلات سكان المدينة، وبسبب انتمائها لبيئتها الفقيرة رفضت حياة، رغم رغبة والدتها (الممثلة سلوى الأميري) التي رأت في عرض الأمير نجاة لها وخلاصاً من حالة الفقر التي تعيشها مع الحطاب.

توطدت علاقة الأمير بحياة وتدريجياً صار يعتمد عليها في حل شؤون المواطنين، ما أثار قلق مرمر مساعد الأمير الشرير (الفنان ذيب داوود) الذي كان وراء كل تصرفات الأمير الظالمة تجاه شعبه، فقرر التخلص من حياة والأمير والاستيلاء على الحكم والأموال، عبر دس المخدر في عشاء الأمير وحياة، ووضعهما بمساعدة معاونيه الحراس فاصل وحاصل (حميد عبدالله وخالد الحمادي) في الصندوق، ولكن الأمير اجبر مرمر على مشاركته في طعامه لينقلب السحر على الساحر، هنا تحركت حياة ووالدتها لإنقاذ الأمير، بعد أن وضعاه في الصندوق وذهبا به إلى منزلهما القديم، ليتمكن الأمير من العيش معهما في كنف الحطاب.

 

المصدر:

    سوزان العامري ــ الشارقة

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *