“فيه أمل”.. في عين الحلوة

“نحن اليوم جئنا لنكرّم الأمل”.

 

تقف “زهرة” مخاطبة الحضور من خلال دميتها، ثم تختفي خلف الستارة البيضاء، لتعود مع رفاقها في لوحة من الظلال تجسّد قوافل النزوح الفلسطيني، قبل أن تعود الألوان للمسرح وتكمل الحكاية. يوم السبت الفائت (الرابع من الجاري) وعلى امتداد ما يقارب أربعين دقيقة، تحوّلت خشبة مسرح “مركز معروف سعد الثقافي” في صيدا إلى حوارية ما بين الألوان والظلال والموسيقى، قدّمها فريق من عشرين شابة وشاب من مخيم عين الحلوة، هم فريق المسرح في “مركز التواصل الاجتماعي” (أجيال). العرض المسرحي الذي جمع ما بين الدمى المتنوعة وخيال الظل والرقص، حمل عنوان “فيه أمل” بوحي من أغنية فيروز التي رافقت مقدمتها الموسيقية فواصل العرض واختتمت بصوتها مغنية عن الأمل “اللي بيطلع من ملل”. وقد تم إنتاج العرض بدعم من حكومة جزر البليار وشبكة المنظمات والأفراد “تاولا بير بالاستينا” المتضامنة مع فلسطين.
بملابس سوداء وملامح غابت خلف بياض الأقنعة، اجتمع الشباب في رقصة جماعية تجزأت فيما بعد إلى مشاهد صامتة توالت برمزية، راوية أقاصيص من واقع اللجوء والنكبة الفلسطينية. ولأنهم أرادوا أن يقولوا أن الأمل موجود رغم صعوبة واقع اللجوء صنعوا من ورق الجرائد دمى راقصة، محوّلين حبر الأخبار إلى مادة للفرح، فيما تركت الخشبة للدمية الأسفنجية لتروي قصصاً من الذاكرة الفلسطينية.
الجميل في عرض “فيه أمل” أنه ذاتي من ألفه إلى يائه، حيث قام الممثلون أنفسهم طوال شهور بصناعة الدمى التي استخدموها في العرض، إضافة إلى كتابة النص. “عن التمرين، تسأليش عن التمرين!”، تضحك آلاء (20 سنة) وهي تصف كثافة التدريبات التي خضعوا لها: “كنا لا نرى أهلنا في الفترة الأخيرة لكثرة التمرينات”. آلاء هي واحدة من أقدم أعضاء الفرقة، حيث انضمت إليها منذ كانت في الحادية عشرة من عمرها. أما المشرفة على الفريق والتي واكبته طوال تلك السنوات فهي لمى خميس التي تقوم أيضاً بإدارة مركز “أجيال” في عين الحلوة، خلية النحل التي شهدت ولادة العرض المسرحي. خميس التي نالت تدريبا في إقامات فنية من تنظيم “المؤسسة العربية لمسرح الدمى والعرائس” قامت بنفسها بالإشراف على صناعة الدمى وتدريب الفريق على المشاهد المسرحية التمثيلية والراقصة. تتحدث عن المشروع الذي استغرق التحضير له شهورا طويلة فتقول: “يستقبل المركز أكثر من أربعين فتى وفتاة بأعمار متفاوتة، اختار عشرين منهم أن يكونوا ضمن العرض المسرحي. ينطلق “فيه أمل” من حياة الشباب في المخيم وتجاربهم الخاصة، فالقصة “بدأت بعد “حفلة” اشتباك عنيفة حدثت في المخيم أثناء وجود بعض أعضاء الفرقة في باص المدرسة”. ومن تلك التجربة وغيرها تم العمل على صياغة نص للعرض مبني أيضا على مقابلات أجراها أعضاء الفرقة مع كبار أهالي مخيم عين الحلوة من جيل النكبة الأول، هذا فضلا عن بحوث أجروها لإغناء النص.
يستعد الشباب اليوم لعرض مقبل على مسرح قاعة “قصر الأونيسكو” في بيروت، في موعد يحدد قريبا. ويخطط حاليا لتقديم عرض في أوروبا في الخريف المقبل. تبتسم خميس عندما نسألها عن اسم فرقة المسرح الشابة “بعد ما في اسم، بس عم نفكر يكون اسم الفرقة “فيه أمل”.
“فيه أمل” بارقة أمل حقيقية انبثقت من قلب مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان، على الرغم من صعوبة العيش في مخيم ضيق المساحات وفي بلد جعلت سياساته من مستقبل الفلسطيني ضيق الأفق. ولعل رسالة الأمل الأحلى وصلت من خلال صرخة في العرض ملؤها التحدي وحب الحياة: “بس بدنا نضل نتنفّس!”.

 

أمل كعوش

http://shabab.assafir.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *