كاظم النصار : العروض المسرحية عملية إبداعية لكن البعض حوّلها إلى مكاسب رخيصة

مازال المخرج  كاظم النصار  وفياُ لمشروعه  المسرحي  الذي بدأه بمسرحية نساء في  الحرب  قبل عام 2003  وتواصله بعد ذلك وصولا الى عمله  الناجح  مطر صيف الذي  توج  بعدة جوائز  مسرحية  في مهرجان طقوس وليالي  في الأردن .

كاظم  النصار من المخرجين  المتميزين في المشهد المسرحي العراقي , ويميل  في أعماله الى استقطاب النص المحلي العراقي, وتثويره بما يخدم المسرح العراقي لأنه  يعتقد ان الأسئلة التي يثيرها النص المحلي قادرة على علاج الكثير من معالم البلاد .
مع كاظم النصار  كان هذا الحوار :ـ

* قلت له  حدثنا عن مسرحيتك الأخيرة ( مطر صيف ) وفوزها بجوائز عدة  وهل  توقعت ذلك؟
–  أعمل منذ التغيير بعد  2003على مراجعة البنية الجمالية والفكرية لعروضي , واجتهد في الاقتراب من المحنة العراقية دون التنازل عن الشرط الجمالي والفني, بمعنى آخر أحاول التخلص من هوسي بالجمال من اجل الجمال و اللعب على الرقيب من خلال منظومة بصرية تحاول تعقيد المعنى أو التباسه.  صار كل  شيء بعد التغيير ممكنا صار من حقك ان تفتح ملفات ساخنة وتقدم فيها  رؤيتك ازاء الإرهاب والعنف والديكتاتورية والإقصاء السياسي لكن المسرحي  المثقف ينشغل بالظاهرة أكثر من انشغاله بالحدث السياسي اليومي .
صار علينا مسؤولية  صنع الرأي  العام والإسهام  في ارتباطه لكن ليس  على طريقة  ( الرتل )  بمعنى  إيقاف الممثلين صفاً واحدا  لترديد  النشيد الصباحي .. لا .. وانما وفق منظومة جمالية مبتكرة صادقة .. ومن هنا يأتي ( مطر صيف ) من هذه  المرجعية  من هذا الوعي  بالأزمة  ومن  هذا  الوعي  بالزلزال  الذي حدث بعد عام .   2003لذلك فأن الفوز هو وسيلة لتأشير الدرب الصحيح  ولتأشير الاجتهاد   والعرض الجيد هو الذي تسعى  إليه المهرجانات  والجوائز  وليس  العكس .

* كيف تنظر  الى مسرحنا  اليوم ؟
– انظر للمسرح  اليوم من زاويتين  أولهما مساحة وفضاء العرض  المسرحي  العراقي في ظل المتغيرات الحادة في المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي  وأرى ان هناك خارطة  طريق جديدة بدأت تتشكل  كماً ونوعاً , وهناك حسابات جديدة يحاول ترسيخها الشباب عبر عروضهم وهي تحتاج الى  سنوات للترسيخ  اكثر  ويكون لها شأن .. هناك ميل للنص العراقي  والحكاية العراقية وهناك ميل للمحكي,  كما هناك  هروب من  البكاء والميلودراما باتجاه الكوميديا السوداء .
وعروض أخرى  بمعالجات  مختلفة  أبرزها سجينة الماضي فكريا  وتقنيا .
ومن زاوية  أخرى  انظر للحراك المسرحي  وضرورة  إدامته عبر  المهرجانات  وعبر إنشاء  البنى التحتية  وعبر تحويل منظم , وكذلك  رؤيا  ستراتيجية  وإدارة  رشيدة  تستوعب  وتخطط للمستقبل المسرحي  وتكرس  حضور المسرح  في المدارس  والجامعات ودور الشباب  وهذا يحتاج الى  تخطيط قريب وبعيد .
والمسرح  متذبذب اقصد حراكه  وعروضه  فهذا  العام  شهد  أكثر  من مهرجان  وعرض  وموسم  مسرحي  في حين ان العامين  الماضيين  لم نشهد  مثل هذا الحراك , وقد يتراجع  المسرح لكنه  لن يموت  لأنه باق ما بقيت الحياة  كما يقول  أهل المسرح .

* هل ما زالت  إشكالية  النص  المحلي  والعالمي  في  اختيار  النصوص  ؟
– اعتقد وهذا ليس رأيا  حاسما  باننا  كنا في السابق  نذهب  الى النص العالمي  بسبب الرقابة  المشددة  كنا نذهب  الى  الميتافيزقيا  الى  الاسئلة  الكونية  هروبا  من  مواجهة  الواقع اليومي  الخطير .. كنا  نحاول  ان نعمل  مقاربات نصية  مع النص  العالمي  وكان  هناك  شفرة  مع المتلقي  وهي  عملية  معقدة .. لكن اليوم  وبتقديري  هناك  قراءة أخرى  للمشهد المسرحي  فامامنا  فسحة  من حرية  اختيار ومناقشة  الواقع  السياسي  بظواهره  الديكتاتورية  والعنف ومنابعها والهجرة  والاقصاء السياسي  وتجدها  من ظواهر  منذ  عام 2003  وانا مهتم بالنص العراقي وتقديم  رؤية  لظواهره وهذا  ما سأستمر عليه .

* مسرحيات الخارج  أو المسرحيات التي تعرض في المهرجانات قبل عرضها في العراق. كيف تنظر إليها ؟
– لا ضير في ذلك  لكن قبل  كل شيء  ان نختبرها  هنا في  بغداد امام جمهور  عراقي ونقاد عراقيين ، حيث نعطيها  بطاقة  ترشيح حقيقية  وليست مزيفة … العرض  هو عملية إبداعية  لكن  البعض  حولها الى عملية  رديئة  التصدير  لغرض  الفوز  بملذات  ومكاسب  رخيصة  وربما  نجح البعض  لكن  الضمير المسرحي  الحقيقي  يرفضه  حتى  لو لم يقل له  ذلك مباشرة .
من جهة اخرى  نحتاج الى المشاركة  الفعالة  في  الملتقيات  والمهرجانات  العربية والعالمية  لترصين وترسيخ  الرؤية  العراقية  نصاً وعرضاً فكراً وجمالاً .

*  هل ما زلت على استعداد للتمثيل في التليفزيون ؟
– ماضيا كنت أريد ترسيخ تجربتي  واليوم يبدو كذلك  وأخشى  انني  سأترك  عالمي  المدهش  المسرح  بمجرد دخولي  الى عالم الفضائيات   والدراما  او بتعبير  آخر  أريد ان أبقى  صافيا  مخلصا  متوهجاً  وهذا يحققه لي  المسرح فقط . لكن  لو توفرت  فرصة  درامية مؤثرة سأدرسها وحينها أقرر.

* الى أي مدى يؤثر المخرج  في النص؟
– المخرج  مؤلف  ثان للنص  والنص  ليس  مقدسا  فهو  قابل للتعديل  والحذف  والتكييف لصالح  الرؤية  ولصالح  التدفق الدرامي  وأيضا  لتقليل  البنية السردية  للنص .. وعلى مدى  العروض  التي  أنجزتها  كنت حرا  حرية  محسوبة للتعامل  مع النص  تعاملا  مسؤولا , ولكن لم  اصطدم  باعتراض  المؤلفين  الا نادرا . وهذا  مؤشر  على ان  المخرج  يضع النص  كمنطلق  وكورشة  عمل تنتج  نسقا نصيا لصالح  الرؤية المراد إيصالها  والرسالة  المبتغاة .

* كيف تنظر الى  مهرجان المسرح العربي للشباب ؟
– تظاهرة  مهمة  وينبغي  الاستفادة منها في القادم  من  خلال  لجانها وعروضها  بايجابياتها  وسلبياتها  ومن  خلال  التداعيات الفكرية  والتطبيقية  ومن خلال دعمها  اللوجستي  انها خطوة  لتكون بغداد قبلة  العرب من جديد . .. نحتاج الى تدارس  ما حصل  وتقديم  خطة  أخرى  نسندها  ونعززها لكي  تنجح باستمرار  . كنا  نحتاج الى ان نشرك  عرض  او أكثر  للمحترفين  ونشرك  أسماء أخرى لها ثقلها في اللجان  وفي التخطيط  وفي الخبرة .. ولدينا  هامش  لاختيار  عروض  أكثر جودة  واهم .. المهم نرسخ تقاليد ثقافية  تبقى للأجيال  القادمة .

 

قحطان جاسم جواد

http://www.almadapaper.net

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *