«دموع بالكحول» تروي إحباطات شخصيات في محيط الوحدة

افتتحت مؤخراً، فرقة أنفاس للمسرح، موسمها المسرحي الجديد في المغرب، بتقديم مسرحية «دموع بالكحول»، التي أخرجتها المخرجة المغربية الشابّة أسماء هوري، واستمتع بها عُشاق المسرح، بمسرح محمد الخامس بالرباط.

النص المسرحي كتبه عصام اليوسفي، وشارك في تقديه نخبة من الممثلين، منهم محمد الحر، وهجر كريكع، وزينب الناجم، ووسيلة صابحي، أما الموسيقى والألحان فمن توقيع رشيد البرومي والغناء لخديجة العامودي، والسينوغرافيا والإضاءة أنجزها الفنان عبد المجيد الهواس.

في مسرحية «دموع بالكحول» تتحَّرك، شخصيات هشة من جراء حياتها الخاصة والمهنية، تروي مشكلاتها، أحلامها، وإحباطاتها في محيط الوحدة والحاجة. إنها مسرحية تساءل عن قرب السلوك البشري والعلاقاتي المأزوم. تختلط على خشبة المسرح مونولوجات وحوارات تتخللها حركة مستمرة من الانهيارات والإخفاقات، من الهروب واللقاءات، وتقول مخرجة المسرحية أسماء هوري «دموع بالكحول» هي تفاصيل حياة داخل مكان من دون هوية ومن دون مخارج إغاثة أيضاً، حيث تسلط أربع شخصيات من دون هوية على حائطه مشروع صورة للفرد في قهره وأفوله.

وتضيف أسماء هوري أنها تراهن في رؤيتها الإخراجية على إعطاء المسرحية وظيفة شعرية ودينامية، موسيقية وإيقاعية. تتعدد وتتكاثر معاني النص عبر الاستعانة بالإشارات، بحركات خفية، بعلامات بصرية وبرموز مسرحية. الأداء الجسدي للممثل، ينقل النص إلى لغة حركية ودلالية ومجازية. يخضع النص المسرحي لمرحلة جديدة في سيرورة تحوله، إنها مرحلة إعادة كتابة مرحلة تصور جمالي جديد يقوم على الابتعاد عن الصور النمطية والأساليب التقليدية، وينفتح أكثر على الأداء التعبيري الذي يساعد على امتلاك معايير جديدة، وينفذ إلى فضاءات جديدة للتفكير والإدراك.

وتشير المخرجة إلى أن «الممثلين يؤسسون، ضمن روح تقنية الجوقة، لغة جسدية وأيديولوجية خاصة من دون اللجوء إلى إعادة بناء الشخصيات، من خلال طريقة أداء بمرجعيات نفسية وذاتية. ويفترض النص أن يكون لكل مؤدٍ خطابه وحواراته، لكن تقنية الجوقة، ضمن رؤيتنا الإخراجية، تسمح لهذا الخطاب أن يتخذ لبوساً مختلفاً أو أن ينتقل إلى صوت مؤدٍ آخر من دون أن يفقده منطقيته في توالي الأحداث. بهذا المعنى تصبح الشخصيات قابلة للتبادل، متكاملة ومتعددة الأوجه، ضمن جوقة تمثل القلب المحرك للمسرحية».

وتضيف «يعتمد الإخراج أيضاً على طريقة بناء ازدواجية وتعارض على مستوى اقتراح ألوان وأجواء المسرحية (ألوان أولية، رتيبة ومطفأة في بداية المسرحية وألوان زاهية وكثيفة في الجزء الثاني). حالة توازن واختلال التوازن للجسد، تناسب وتنضاف بشكل جيد للغاية، لمبدأ الازدواجية، لكي تؤثث عمداً لفوضى عارمة تسود المسرحية في جميع أطوارها، لتبلغ ذروتها في النهاية».

أما مؤلف المسرحية عصام اليوسفي فيقول عن نصه المسرحي إنه «ليس وليد ظرف محدد، شخصياته كانت حاضرة منذ مدة بشكل تعبيري ومبهم في الذاكرة والمخيلة، لم تكن كل العلاقات والمسارات واضحة، ولكن بالمرور إلى فعل الكتابة والنسج بدأت ملامح ورغبات ندى وصوفيا ونورة وأحمد تتوضح وتتجذر وتأخذ نفساً حياً. المسارات الأربعة هم حكايات شهادات حول إنسانية المرأة عشقها وعنفها، أحلامها وانكساراتها، وهذه المسارات هي أيضاً حكاية بلد وهوية وسؤال الحاضر: من نحن وكيف نرى ونفهم العالم؟» ويضيف «عالم المسرحية هو عالم معقد ومركب، ومعانيه متناثرة، شذرات حولنا، لتمثل هذا العالم فنياً لابد من التفاعل مع هذا التشذر، والبحث في أسلوب يقتنص ويحتضن كل ما هو منفلت في ثنايا الذات. دموع سارة ونورة وأحمد وندى ليست حزينة تراجيدية بل ثورية وشاعرية ولكنها في الوقت نفسه نابعة من حياتنا العادية، كل شخصية من هؤلاء تعيش أزمة ممتدة في الزمن يتداخل فيها العاطفي بالاجتماعي والمهني بالسياسي، كل رغبة هي مرآة لرغبات متعددة تتجلى وتختفي، لتتجلى مرة ثانية وثالثة بألوان ونبرات حادة تارة وخافتة أخرى، «دموع بالكحول » هي أيضاً رغبة في التحرر من كل أشكال الكتابة النمطية، نص يطمح في البحث عن أسلوب آخر ولغة أخرى للكلام والحكي. ليست هناك طباع أو نفسيات فقط مواقف ولغة، داخلها تعيش وتحيا هذه الشخصيات القريبة منا».

وسبق لفرقة «أنفاس» المسرحية أن قدمت مع المخرجة المغربية أسماء هوري مسرحيات لقيت استحسان الجمهور المغربي، من بينها مسرحية «بسيكوز»، ومسرحية «أنت هو»، قبل أن تواصل مشروعها المسرحي بمسرحية «دموع بالكحول».

محمد نجيم (الرباط)-http://www.alittihad.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *