‘افتراض ما حدث فعلا’.. خطاب العقلاء لمجانين العالم

“افتراض ما حدث فعلا” مسرحية من تأليف العراقي علي عبدالنبي الزيدي وإخراج لطفي بن سبع، وتمثيل كل من هشام قرقاح، سيف الدين بركاني ووليد لمودع ومرزوق لوصيف وزايدي عنتر ورمزي عاشور ونوادري أنور السادات وقاسمي الخطاب.

وترتكز مشاهد ”افتراض ما حدث فعلا” على التعبير الجسدي للممثلين، أي على اللوحات الكوريغرافية التي ضبطها عيسى شواطي، في الوقت الذي تخللتها وصلات موسيقية من إمضاء عصام بلعيدي.

وتدور أحداثها في مستشفى للمجانين حيث يقرر هؤلاء القيام بلعبة تتمثل في البحث عن جثة لدفنها في نصب الجندي المجهول، القائد يأمر والمستشار ينفذ، لكن لا وجود لجثة الجندي المجهول، هي لعبة مجانين يتهيأ لهم أنهم يملكون العالم.

كيف يمكن لمجنون أن يحكم العالم؟ هل يختلف المجنون عن الحاكم؟ وهل الحرب المجانية شيء آخر سوى لعبة حاكم مجنون بالسلطة والتسلّط وفرض الأوامر وتلاوة البيانات على مرأى ومسمع من المحكومين؟

كيف يمكن لحرب تبدأ بلعبة أن تورّط من قررها وتنسج خيوطها لتأسر الكل في أتونها؟

إما أن تكون مجنونا فتقبل هذا المنطق وتنخرط في اللعبة، أو أن تكون عاقلا فتتعظ من خطاب يقوله مجانين. ولكن كيف يمكنك وأنت جالس على مقعد تتابع الحرب أو ما سمي بلعبة المجانين أن تتبين الخيط الفاصل بين الجنون والحكمة؟ وهل يمكن أن تتقبّل حكمة من أفواه المجانين؟

وترى الناقدة ناجية السميري أنّ النص يقول لمشاهد المسرحية، “أنت المجنون إذا اعتبرت الحوار مجرد هذيان أو لعبة مجانين”.

وتقول “استفق فهذا الخطاب يرجك ويقذف في وجهك بحقيقة صادمة: أنت لعبة في حرب يديرها حاكم مجنون”.

وتضيف “ما أكثر الأسئلة التي تقفز إلى الذهن في هذا العمل المسرحي الذي لا هوية له، تقع أحداثه في زمن ما وعلى أرض ما مع أشخاص لا فكر ولا ماض ولا حاضر ولا مستقبل لهم، هو نص كوني يمكن تنزيله في كل الأزمان والأمكنة”.

“وكانت الفصحى لغة الحوار، وصورة أرادها الكاتب كاريكاتورية موغلة في السخرية والعبث، فحرب المجانين هذه بلا هدف، وما أسهل أن يوجد لها هدف حتى وإن كان لمجرد البحث عن رفات لدفنها في نصب تذكاري أعد سلفا”.

“الواقع يقتضي وجود رفاة عقب الحرب، والجنون يبرر دخول حرب للعثور على جثة، والمجنون أيضا من ينتصر في حرب ولا يكون مزهوا لأنه ببساطة لن يعثرعلى جثة للنصب التذكاري وبالتالي سيحرم من تلاوة البيانات واتخاذ القرارات، فيشير عليه مستشاره الأبله بدفن جندي من جنوده حيا على خلفية وجود علاقة بين اسمه الذي هو معلوم وفعل الدفن المبني للمجهول، وإزاء رفض الجندي القيام بهذه التضحية يقرر القائد ومساعده دفن جثة لأحد الجنود الأعداء ولكن يتضح أن الجندي مازال حيا يتحدث عن حبيبة تنتظره وحياة يريد أن يعيشها وسلام يحلم به، ذاك خطاب الشعب للحاكم المهووس بالسلطة، وتلك نهاية المسرحية والرسالة”.

وقامت المسرحية على خشبة خالية تماما من الديكور، ثمانية ممثلين لم يغادروا المسرح على امتداد ساعة وربع مبرهنين على قدرة عالية في أداء شخصيات مركبة، اختار المخرج لطفي بن سبع أن يترك المسرح فارغا معتمدا على كل الممثلين سواء كانوا في الحوار أو خارجه.

لقد مثلت أجسادهم قطعا أساسية لديكور هذا العمل وتركيبته فكانت تتشكل وفق السياق الدرامي للمشاهد، تتحول أبوابا وكراسي وتابوتا وسلما يعتليه الماريشال أو جملا يركبه أو عرشا يستلقي عليه وسريرا أو جدارا عاليا.

 

 

http://www.middle-east-online.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *