“همام في بلاد الشلال” فرجة مسرحية في قالب تربوي

كمن سبب نجاح أي عمل مسرحي في مجموعة عوامل أبرزها تحديد الشريحة المستهدفة, ولاسيما إذا كان العمل موجهاً للطفل, فهناك ضرورة أيضاً لمعرفة الفئة العمرية

 

التي يخاطبها صناع العمل ما يسهل تحديد ملامح المسرحية واختيار الأدوات المثلى لتنفيذها, وهذا ما نجح فيه الكاتب والمخرج السعودي ياسر الحسن الذي تصدى لمسرحية “همام في بلاد الشلال” التي مثلت المملكة العربية السعودية في الدورة الأولى من المهرجان “العربي لمسرح الطفل”, وعلى مسرح “التحرير” في كيفان كان اللقاء بين أبناء المملكة وأهل الديرة في حوار تربوي متناغم طرفاه الفنانون الذين اعتلوا المسرح والجمهور الذي حرص على التواجد مبكراً تقدمه الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة والمشرف العام على المهرجان الدكتور حسين المسلم.

وقبل التطرق لتفاصيل المسرحية سنتعرف على فريق العمل, ففي التأليف والإخراج ياسر الحسن, والفكرة لوليد الدبس بينما شارك بالتمثيل كل من آمنة عبدالعال, علي أحمد, محمد علي, علي آل سليم, علي آل الحسن, أحمد عبدالحميد, علي العلي وأكرم اليوسف والعرض من إنتاج الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون – فرع الدمام.

تدور المسرحية حول الأميرة ليلى التي تستنشق عبير زهرة وتصاب بتسمم فيعلن والدها الملك عن جائزة مالية لمن يصل إلى بلاد “الشلال”, ليحصل على الترياق فيتصدى لهذه المهمة الفتى “همام” ويمر بالكثير من الصعاب ويواجه تحديات عدة وصولاً إلى هدفه وإحضار الدواء لعلاج الأميرة, تلك الحدوتة التي أراد الكاتب من خلالها تقديم معلومات وقيم في إطار أسطوري يشد انتباه الأطفال.

ويتضمن العمل قيماً وأخلاقيات عدة حرص المؤلف على غرسها في نفوس الأبناء الصغار, خصوصاً انهم في مستهل مشوارهم بالحياة, لذا يسهل حالياً تطعيم أفكارهم بتلك الأخلاقيات في إطار فانتازي حيث لم تتقيد المسرحية بحقبة زمنية محددة وكانت أقرب إلى الأعمال الأسطورية مثل السندباد وعلاء الدين وغيرهما من قصص تعلق بها الأطفال منذ القدم, مع حرص مؤلف العمل ومخرجه على استقلالية شخصية “همام” بطل العمل الطفل المقدام المجتهد في عمله ورغم صغر عمره غير انه يصر على التحدي ويخرج في مغامرة غير مأمونة العواقب ليحصل على الترياق ويعالج الأميرة.

وصاغ الكاتب مجموعة من القيم الأخلاقية المهمة بأسلوب مباشر وغير مباشر ضمن السياق الدرامي للمسرحية, فلجأ تارة إلى النصح والإرشاد وتارة أخرى إلى الألغاز التي شارك الأطفال من الحضور في حلها ما زاد التفاعل بين الخشبة والصالة وفضلاً عن أن المسرحية تدعو إلى ترسيخ قيمة العمل والصدق والأمانة وبعض السلوكيات الإيجابية ونبذ أخرى سلبية.

وعلى مستوى الرؤية الإخراجية مزج الحسن بين قصة فنتازية نفذت في قالب تراثي من حيث الأزياء التي استقاها من التراث العربي وارتبطت بطبيعة العمل الأسطورية وتلعب مثل تلك التصميمات المبهجة والألوان الجذابة دوراً كبيراً في لفت أنظار الأطفال وهذا ما تحقق, ومزج المخرج بين التكنولوجيا الحديثة من خلال “السينوغرافيا” واستبدل الديكور بثلاث شاشات كبيرة على يمين ويسار وفي قلب المسرح لتغيير اللوحات حسب سير الأحداث كما أتاحت توظيف أفكار عدة, فإلى جانب العنصر الجمالي أيضاً قدم من خلالها خيال الظل الذي يجذب الأطفال.

كما اتسقت الموسيقى والأغنيات مع الإطار العام للمسرحية والأمر نفسه ينطبق على المؤثرات الصوتية وتحركات الممثلين على المسرح حيث بدا واضحاً مدى اشتغال المخرج على ممثليه خصوصاً الأطفال منهم الذين أظهرو تمكناً وقدرة على التعايش وامتلاك موهبة حقيقية ساهمت في تعزيز ثقتهم في أنفسهم.

وانعكس تناغم عناصر العرض السعودي على تفاعل الجمهور معه ولعل ما ذهبت إليه إدارة المهرجان من تنحية الجوائز جانباً كان له بالغ الأثر في العمل من دون ضغوط التنافس وبعيداً عن التركيز على إرضاء لجنة تحكيم ما يتيح لصناع المسرحية فرصة الإبداع وتقديم أفضل ما لديهم.

 

 

كتب – محمد جمعة:

http://www.al-seyassah.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *