“ياما كان” حوارات تفصح عن شخصيات متوترة

شهد مساء أمس الأول إقامة عرضين مسرحيين هما الأخيران من عروض الدورة الخامسة من مهرجان المسرح العربي في الدوحة، وهما مسرحية “ياما كان” التي ألفتها اللبنانية يارا أبو حيدر، وأخرجها التونسي وحيد العجمي لفرقة مسرح البيت اللبنانية، ومسرحية “امرأة من ورق” التي أعدها مراد السنوسي عن رواية “أنثى السراب” لواسيني الأعرج، وأخرجتها صونيا لفرقة المسرح الوطني الجزائري .

 

 

 

تلتقط “ياما كان” التي قدمت على مسرح “كتارا” الساعات الأخيرة من حياة أسرة في منزلها الذي ستتركه لساكن جديد بعد أن قضت فيه ستين عاماً، وتسيطر الهموم على أفراد الأسرة الذين يعيشون حالات من الترقب والهم تنكفئ بكل منهم إلى ذاته ليعيش همه الخاص وسط دوامة الخوف العامة، فالعجوز تقلب تعيش ذكرياتها من خلال الصور التي تقلبها بين يديها، والابن الأكبر يخاف الوحوش، لذلك يغلق الباب ويظل يحرسه ببندقيته، وأما أخوه المحامي فهو مشغول بالطريقة الي سيقدم بها مرافعته عن بيت العائلة، بينما تنهمك البنت في تنظيف المنزل، وينصرف الابن الثالث إلى إصلاح الراديو لسماع أسمهان، أما زوجة المحامي فتتولى رعاية الجدة .

 

بانوراما من المشكلات الصغيرة التي نتعرف إليها من خلال تفاعل الشخصيات وحواراتها المتوترة في لحظات الترقب الأخيرة قبل إخلاء المنزل، ورغم صعوبة التحكم في عرض يقوم على بوح الشخصيات بكوامنها واستجلاء معاناتها الذاتية، في غياب حدث خارجي متصاعد، ومخاطر الوقوع في السردية، إلا أن المخرج نجح في تقديم عرض رشيق .

 

أما مسرحية “امرأة من ورق” التي قدمت في مسرح قطر الوطني فهي تقدم حكاية لزوجة كاتب مبدع يسيطر عليها وهم أن الشخصية القصصية التي اختلقها زوجها، وجعلها بصمة لكتاباته على مدى ربع قرن، ليست حقيقية رغم أنها الزوجة نفسها هي التي اختارت اسم “مريم” لتلك الشخصية، وعن طريق استحضار تلك المرأة القصصية على خشبة المسرح ينشأ صراع من نوع التحقيق تتبع فيه الزوجة تاريخ “امرأة الحروف” الخيالية تلك، وكيف صار حضورها طاغياً في عقل وتفكير زوجها، وتتخلل حوارهما مقاطع سردية من الرواية تحكي عن سنوات الدم في التسعينات ومأساة المثقفين والمبدعين الذين تذكرهم الرواية بأسمائهم الحقيقية، وكيف عاشت الجزائر بين نيران إرهاب متعدد الأوجه .

 

يحسب لمسرحية “امرأة من ورق” أنها قدمت بعامية قريبة من الفصحى مفهومة للجميع، وجاءت عناصر السينوغرافيا معبرة خاصة الإضاءة البيضاء والرزقاء، واستخدام جدار شفاف عندما تحضر امرأة الخيال، وجدار سميك عندما تعود الزوجة إلى نفسها وواقعها، ما جعل الانتقال البصري يسهم في الانتقال الذهني بين الحالتين .

 

الدوحة – محمد ولد محمد سالم:

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *