مسرحية رائحة حرب.. عن التطرّف حيث يولد من رحم الحروب متابعة/ زينب المشاط

 

المصدر / المدى/ نشر محمد سامي موقع الخشبة

الحرب غالباً ما تفرض سطوتها علينا، فهي المتسيّدة بسلطتها، والمدمّرة لمن يعارضها دائماً، وحين يشتعل فتيلها لا يتوقف بل يستمر على مدى سنوات وأحياناً قرون دون انطفاء…
وقد اشعلت الحرب نيرانها في هذه الأرض، ولم تجد من يهب لإطفائها، فما خلّفت سوى الموت والخراب، اجسادٌ امتزجت بالتراب، طفولة احتضنت دماها وتجمّدت أثر الموت، نساءٌ اتشحن بالسواد، ولم يغادرن عزلتهن التي تصرخ بكاءً، إما على أحد ابنائهن، أو على أزواجهن، رجالٌ همّوا للدفاع عن شرف المدينة، فلم يجدوا سوى الأكفان تغطي اجسادهم والتوابيت تحملهم، والقبور مسكنهم الأخير…
ومهما حاولنا أن نستذكر الحياة، وما تحمل خلفها من جمال لن نجد منتصراً سوى الحرب، فهي التي تظفر بكل شيء، وما نحن سوى خاسرين، هذا مُلخص مقتضب عن مسرحية “رائحة حرب” التي عرضت مساء السبت الفائت على خشبة المسرح الوطني، المسرحية مأخوذة عن رواية (التبس الأمر على اللقلق) للروائي الفلسطيني اكرم مسلم، وهي من تأليف مثال غازي والتونسي يوسق بحري واخراج عماد محمد، أما الشخصيات فجسّد أدوارها كلٌ من الفنان عزيز خيون، و د. عواطف نعيم، والفنان الشاب يحيي ابراهيم…
عرضت المسرحية في السابع والعشرين من آذار 2017، خلال الاحتفال بيوم المسرح العالمي، وأُعيد عرضها في التاسع والعشرين من نيسان 2017، وبحضور ذات الزخم الكبير من المشاهدين…
مثال غازي يذكر أن ” مسرحية “رائحة حرب” تتناول فكرة الالتباس السياسي والديني والاجتماعي الحاصل في المجتمع العراق والعربي وما حصل لاحقاً من حروب وتطرف وارهاب جاء نتيجة هذا الالتباس جعل كل شيء ملتبساً في واقعنا وولد التطرف ثم الحروب والحروب وثم التطرف فكلاهما يولد الآخر”.
وأشار غازي قائلاً ” العرض اشتغل على منظمومة جمالية حديثة بالتقنيات ونظام العرض توظيف التقنية الرقمية بشكل غير مألوف واشتغل الالتباس على مستوى الشكل والمضمون وكذلك اداء الممثل”.
وأكد غازي “هذه المحاولة جديدة للعرض المسرحي من خلال توازن خطوط وعناصر العرض بشكل يجعل العرض ينتمي للتلقي بشكل أوسع واشمل مع الاحتفاظ بالهوية العراقية والعربية، هناك محاولة لكسر المألوف في عناصر العرض وايجاد علاقة جديدة بين الرقمية وعناصر العرض الأخرى، والعرض تجربة مشتركة عربية على مستوى النص”.
بدوره تحدث الفنان عزيز خيون، عن دوره في العمل وهو احد ابطال المسرحية قائلاً ” قدمنا عرضاً اليوم بدون بروفات، وذلك لضيق الوقت، وهذا أيضاً ما تسبب لتأجيلنا ساعة العرض من الساعة الخامسة الى الساعة السابعة، ورغم ذلك كان العرض بمستوى العروض السابقة ممتازاً جداً”.
كما أشار خيون لدوره قائلاً ” لقد أديت دور رجل الحرب الذي تقاعد عن منصبه، ولكنه لا يزال متقمصاً لدوره العسكري، وطباعه الصارمة، واسلوبه الدموي البعيد عن اية لغة تفاهم، فهو لا يفهم سوى لغة الدم والموت والقتل، حتى حين يسأل المحيطين به وهي زوجته وحفيده، هل  أنا على قيد الحياة، يكون سؤاله مضبّباً بالشك، فهو رجل لا يعرف سوى الموت ورغم انه يتنفس من هواء الحياة ظاهراً إلا أن روحه ميتة تماماً”.
من جهته قال الفنان الشاب يحيى ابراهيم متحدثاً عن تجربته ” نعم هذه ليست تجربتي  الأولى في العروض المسرحية، ولكنها من أهم تجاربي، وذلك لأني تعاملت مع كاتب مهم، ومخرج مهم، وشاركت دور البطولة لفنانين مهمين جداً وقد استمتعت بعملي معهم لأنه ذو التزام خاص وصعب”.
ولفت ابراهيم مشيراً الى دوره في العرض وقال “لعبت دور الحفيد، وهو دور إيمائي يشير إلى ما تخلفه الحرب من ابناء واحفاد، وانا  دوري هو الابن الذي ولد من رحم الحرب، ونرمز من خلال هذا الدور إلى أن كل من يولد من رحم الحرب يحاول أن يطوي تلك الصفحات السود ويتذكر الأيام المضيئة، ولكن في كل لحظة تذكر ومحاولة تذكر هنالك ما يشوبها فالحروب لم تترك يوماً إلا وفيه ذاكرة دماء وموت، وهذا ما اشرنا إليه في احدى مشاهد المسرحية”.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *