مستقبل مسرح الدولة يفجر الخلافات بين المسرحيين

State-Theater

 

حالة من الجدل أثارتها ندوة «مسرح الدولة.. الواقع والمستقبل» التى اقيمت خلال فعاليات المهرجان القومى للمسرح، وقدمها الدكتور جمال ياقوت، حيث حدثت مشادات كلامية بين الكاتب محمد ابو العلا السلامونى والفنان ياسر على ماهر حول أهمية البيت الفنى للمسرح ودوره فى النهضة بالمسرح، حيث أكد السلامونى ان الشعب المصرى هو الذى أسس المسرح وليست الدولة فى عشرينيات القرن الماضى، ولم يحدث ان دعمت الدولة هذا الفن الا فى مرحلة متأخرة بعد ان حدثت له انتكاسة قبل ان تتصدى لانتاجه فى مرحلة الستينيات.

وفور مطالبة السلامونى بأن يكون هناك مديرون للمسارح عسكريون حتى ينهض المسرح، مؤكدا انهم يجيدون فن الادارة، ويعملون بطرق احترافية وليست عشوائية، قاطعه أحمد السيد مدير مسرح أوبرا ملك قائلا، ليس صحيحا ان ضباط الجيش يصلحون لادارة المسارح لأن كثيرا منهم لا يفهمون فى الثقافة، والطبيعى ان يدرس المسرحيون علم الادارة بدلا من الاستعانة بالعسكريين.

وعاد السلامونى ليؤكد ان الامل فى نهضة المسرح هو الاعتماد على المسرح المستقل، أما مسرح الدولة فهو غارق فى المشكلات، ولا يجب ان يشغل الآخرين بأزماته، موجها حديثه لمدير المهرجان القومى ناصر عبدالمنعم.

هنا تدخل الفنان ياسر على ماهر مدافعا عن البيت الفنى للمسرح ومهاجما السلامونى، مؤكدا ان البيت الفنى يلعب دورا مهما جدا فى الحركة المسرحية، ولا يجب التفكير فى استبعاده من الخريطة.
وعن موضوع الندوة قال أشرف عزب مدير التراث بقطاع الفنون الاستعراضية، إن غياب التخطيط للمستقبل هو أكبر أزمات واقع المسرح، فعلى سبيل المثال قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية لا يملك خطة للعمل حتى لخمس سنوات قادمة، وكل ما يتم تنفيذه يكون وفقا لرؤية بل وهوى رئيس القطاع أو البيت الفنى للمسرح.

يضيف عزب، انه لا يوجد أى عمل مؤسسى فى منظومة المسرح، وكل رئيس قطاع جديد يأتى تكون أول قراراته الغاء قرارات المسئول الذى سبقه، وهكذا حتى أصبحت القرارات تصدر بطريقة مركزية، وترتب على ذلك كارثة كبرى أن رئيس البيت الفنى للمسرح أصبح مطالبا بأن يضع تصورات وخططا لكل القطاعات وهذا أمر لا يستطيع شخص بمفرده أن يقوم به، ورغم ذلك ليس الامر متروكا لكل مسئول ان يتحرك داخل القطاع الخاص به بحرية.

يؤكد عزب أن التغيير المستمر للمسئولين زاد من صعوبة وضع خطة يتم الالتزام بها، فكلما حاولت ان تضع خطة وتسلمها لمسئول يتم تغييره، وهذا أمر يزيد الأمور تعقيدا، فحتى الان رئيس القطاع تغير 7 مرات بعد الثورة، ووزير الثقافة الذى يعتمد الخطط تغير 5 مرات تقريبا، وهذا طبيعى فى بلد تغير حكمها فى 5 سنوات فقط 3 رؤساء، وتعاقبت عليها 4 حكومات.

ونصح عزب ان يتم اعادة تقييم لكل مسارح الدولة، خاصة الفرق التى أصبح كل افرادها اداريين وليس فنانين، وتابع قائلا، الكثير يمكن ان يصعق عندما يعلم ان قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية لا يوجد به الا 6 فنانين فقط، ولا يجيدون التمثيل من الاساس، أما بالنسبة للفرق الاستعراضية، فعلى سبيل المثال فرقة رضا تضم 120 فردا، بينهم 20 راقصا فقط و100 اداريين، بشكل عام القطاع يعمل به نحو 1700 موظف، أكثر من النصف اداريين، يضاف إلى ذلك ان الفنانين تحولوا إلى موظفين.

المخرج اسماعيل مختار مدير فرقة الغد قال إن أكبر المعوقات أنه لا يوجد تعريف لمعنى الثقافة فى مصر وماذا نريد منها، فعندما جاء الدكتور جابر عصفور وزيرا للثقافة قال انه يريد وضع تعريف جديد للثقافة، لكنه استمر حتى رحيله دون ان يتحرك خطوة فى هذا الاتجاه، وهذا يعكس أيضا توجه الدولة الذى لا يعرف أحد هل هو يسارى يتبنى فكر الستينيات، أم رأس مالى يريد سوقا مفتوحا للجميع، وبناء على كل ذلك فالبيت الفنى للمسرح هو الآخر لا يعرف ماذا يريد.

وأشار مختار إلى ان ضعف التمويل هو أكبر أزمات مسرح الدولة، وللأسف القيادات لا تقبل الافكار والاقتراحات المختلفة التى يمكن ان تدر دخولا تفوق الميزانيات التى ترصدها الدولة بمراحل، فمثلا مسرحية مثل «ليلة من الف ليلة» للفنان يحيى الفخرانى اذا كان سمح لها بدخول رعاة، لكانت حققت ملايين بدلا من مئات الآلاف التى يفرحون بها من الايرادات، ايضا مسرح مثل الغد الذى يملك موقعا متميزا اذا وضعت عليه اعلانات لبعض المنتجات لحقق دخولا تكفى لانتاج اعمال جيدة وأكثر، وأفكار أخرى كثيرة، لكن لا أحد يسمع.

وعلق مختار على تغيير رؤساء القطاعات بشكل مستمر مؤكدا انها مسألة فى غاية السوء وضد تطور المسرح بشكل عام، لأن كل قرار يتخذه رئيس قطاع، الجديد يرفضه، وفى كثير من الاحيان رئيس القطاع يرحل قبل ان يتم تنفيذ مشروع اقترحه، ويأتى المسئول الجديد فيرفضه جملة وتفصيلا، لذلك اصبح الأفضل للمسرح ان يتم الابقاء على رئيس قطاع حتى اذا كان سيئا.

وختم مختار حديثه بأن هذا هو واقع مسرح الدولة حاليا، أما بالنسبة للمستقبل فهو بيد الله.
احمد السيد مدير مسرح أوبرا ملك قال ان الجميع يعرف مشاكل المسرح، فالأزمة ليست فى التفكير ولكن فى التنفيذ، لذلك يجب ان يكون اول مطلب هو البحث عن وزير ثقافة يفهم معنى الثقافة مثل ثروت عكاشة، لكن اذا اعتمدنا ان البيت الفنى هو المسئول عن المسرح فى مصر لن نتقدم خطوة.
يضيف السيد، أنه حتى يتطور يجب أن يتم الاهتمام بالنشء، وفى مصر عندما يجد البيت الفنى للمسرح ان هناك مخرجا فاشلا يسند اليه اخراج مسرحيات الاطفال، وهذه أسوأ طرق البناء، وتفسد علاقة الاطفال بالمسرح منذ صغرهم، وبالتالى كيف تطالب المجتمع بان يهتم بالمسرح والثقافة وانت لم تزرع فيه ذلك منذ الصغر؟

وكشف السيد، ان مسرح الدولة لم يعد فيه فنانون، فمعظم العاملين اداريون يأتى بعد ذلك الفنيون، ثم الفنانون فى المرتبة الاخيره، مؤكدا ان استمرار هذا الوضع ليس فى صالح العملية الفنية على الاطلاق، لأن الهدف تحول من الابداع، إلى مجرد وظيفة المطلوب منك فى المقام الاول ان تذهب لمقر العمل وتوقع فى كشف الحضور والانصراف.

 

أحمد فاروق

http://www.shorouknews.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *