قراءة ميديولوجية لاستخدامات الوسائط في المسرح د. بشار عليوي

قراءة ميديولوجية لاستخدامات الوسائط في المسرح

د. بشار عليوي

عَرَفَ عصرنا الحالي , تحولات سريعة ومُتسارعة في جميع المسارات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية …. وغيرها , ولعلَ أبرز تلكَ التحولات هي الثورة الهائلة في مُجمل الاستخدامات التقنية للوسائطية على اختلافها حينما دخلت الى جميع المسارات الحياتية مما نتجَ عنها سيادة الوسائطية بشكل واضح في مُختلف مناحي الحياة البشرية عبرَ تراسل المعلومات ونقلها السريع أو في تحول تلكَ الوسائطية الى قوةٍ فكريةٍ قائمةٍ بذاتها وهوَ ما عُنيتْ بدراستهِ “الميديولوجيا” من خلال إبراز الدور المحوري للوسائط على اختلافها في عصرنا الحالي الذي باتَ يُعرفْ بعصر سيادة الوسائط , وبالتالي شَهِدَتْ الوسائط بأنواعها المُختلفة حضوراً واضحاً في الفكر البشري والثقافة الانسانية ومنها المسرح الذي شَهِدَ استخدامات عدة للوسائط بمُختلف أنواعها , وهذا يُبرزْ تمظهرات الميديولوجيا في المسرح عموماً .

تعددت التعاريف الشارحة لمفهوم الوسائط والتي تُبين ماهية استخداماتها في شتى مجالات الفكر البشري والثقافة الانسانية فضلاً عن رصد تأثيرهِا وتبيان وظائفهِا , ومن هذهِ التعاريف ما يلي :

  1. الوسائط المُتعددة (Multi Media) وتتكون من مُفردتين الأولى (Multi) وتعني مُتعدد والثانية ( Media) وتعني وسيط والوسائط المُتعددة هي توظيف النصوص والجداول والرسوم البيانية والصور الثابتة والحركة والرسوم المُتحركة والصوت والفيديو بكيفية مُندمجة ومُتكاملة من خلال وسيط وذلكَ لتقديم رسالة تواصلية فعالة قادرة على تلبية حاجات المُتلقي وتكيفهُ مع قدراتهِ الإداركية .
  2. استعمال عدة وسائط مُختلفة لحمل المعلومات مثل النص , الصوت , الرسومات , الصور المُتحركة , الفيديو , والتطبيقات التفاعلية .
  3. نسيج من النص , والجرافيك , والصوت , والرسوم المُتحركة , والفيديو وعند اضافة التفاعلية الى المشروع تصبح الوسائط المُتعددة تفاعلية , وعند اضافة طريقة التجوال داخل المشروع يصبح مشروعاً للوسائط الفائقة .
  4. التكامل بين أكثر من وسيلة واحدة تُكمل بعضها لبعض عند العرض أو التدريس … ومن امثلة ذلك (المطبوعات,الفيديو_الشرائح,التسجيلات الصوتية , الكمبيوتر , الشفافيات,الافلام بانواعها) .
  5. مصطلح انتشر بسرعة , واستخدم في سياقات عديدة نجدها فوق الأغلفة الخاصة بالكُتب والمجلات والاسطوانات المُدمجة ROMs الخاصة بالعاب الفيديو والسينما واجهزة المطابخ والطائرات واجهزة التلفزيون والمسرح في كثير من المجالات .
  6. استعمال حاسب آلي يضم نصاً وصورة وفيديو وأدوات أُخرى . هوَ وسيلة للمُستخدم يُريدُ بها خلق عالم مُتصل مع الأشياء .

لقد اتفقت جميع تعاريف الوسائط المُتعددة على توصيفها بأهم الوسائل التي يلجأ إليها أفراد المُجتمعات البشرية في عصرنا الحالي بُغية تحقيق التواصل والتراسل مع الأشياء المُحيطة بهم وفقاً لتمظهرات هذا العصر الذي أصبحتْ السيادةً فيهِ للوسائط .

دخلت الوسائط المُتعددة في الكثير من المجالات الحياتية وشاعَ استخدامها على نطاق واسع في مُختلف تلكَ المجالات الفكريةِ منها والثقافية  , اذ تتكون هذهِ الوسائط من عدة عناصر منها  :

  • اولاً : النصوص (Text) , وتشمل الكلمات المطبوعة , والكلمات الممسوحة عن طريق الاسكنر , والكلمات الإلكترونية المخزونة في ذاكرة الحاسب , والكلمات المترابطة , والتي تُمثل فقرات من معلومات مأخوذة من على الشبكة الدولية للمعلومات .
  • ثانياً : الرسوم والصور (Image& Graphics) , وتشمل الصور المخزونة Pixels والتي تُمثل الصور على هيئة شبكة من النقاط تُغطي المساحة المطلوبة , تُمثل قصاصات فنية (Clip Atr) (مكتبة الصور) , والصور الرقمية , والصور المُترابطة .
  • ثالثاً : الصوت , وينقسم الى الكلمات المنطوقة والاصوات الطبيعية والموسيقى .
  • رابعاً : الفيديو , وترجع اهميته الى تأثيره المُباشر في الحواس , لانه يجمع بين الصورة والصوت .

أن تقسيمات الوسائط المُتعددة مُتربط أساساً بإبراز وظائفها داخل الفكر البشري والثقافة الإنسانية المُعاصرة عموماً , وبذلك أصبحت لهذهِ الوسائط أبعاد مُتعددة منها ما يلي :

  1. عناصر الوسائط المُتعددة : النص , الصورة الرقمية والرسوم , الرسوم المُتحركة , الفيديو .
  2. عملية صناعة الوسائط المُتعددة التي هي تأليف لعديد من الصناعات السابقة : صناعة الكتاب, المطبعة , صناعة الصورة والصوت,راديو , تلفزة , موسيقى , فوتوغرافيا, ومعلوماتية,برمجة .
  3. ميزات الوسائط المُتعددة والتي حُددت بما يأتي : التفاعلية , الفردية , التنوع , التكامل , الكونية , المرونة , التزامن .
  4. إمكانية تكنولوجيا الوسائط المُتعددة , والتي حُددت بما يأتي : التحوير , المحاكاة , الواقع الوهمي , النمذجة , التحول .
  5. برامج الوسائط المُتعددة : برامج التشغيل , برامج التأليف , برامج العُروض .
  6. مُستويات الوسائط المُتعددة : الوسائط المتعددة غير التفاعلية , الوسائط المتعددة التفاعلية , الوسائط المتعددة الفائقة .

أن هذهِ الأبعاد تُظهر السيادة الواضحة للوسائط في عصرنا الحالي بوصفها إحدى تمظهرات هذا العصر ومن العوامل المُساعدة على بلورة نظام ثقافي جديد مُختلف عما كانَ سائداً في العصور السابقة , وهوَ ما يؤكد أهمية وجود الوسائط في واقعنا الحياتي المُعاش حالياً حينما أصبحت ” إحدى مُكونات الواقع الإجتماعي الجديد للحضارة الانسانية الراهنة , ومن ثُمَ فانها خلقت نظاماً ثقافياً جديداً ينسجم مع الطبيعة الاجتماعية للواقع الجديد وبتعبير آخر انها إعادة انتاج الثقافة ولكن عبرَ آليات وفرتها امكانات العصر للبشرية ” .

أن سيادة الميديولوجيا في عصرنا متأتية من كونها قد حفزت التفكير البشري عبرَ البصر لأن الإنسان يتعلم بصرياً من خلال ماهية عناصرها وأدواتها التي دخلت في جميع مجالات الفكر والثقافة الإنسانية ومنها المسرح ولا نجد أياً من المجالات الفكرية الحالية إلا ووظفتْ فيها الوسائطية في عملية نقل المعلومات والمعرفة وادامة التواصل بكُل أشكالهِ بين المُجتمعات البشرية , وبالتالي أصبحت للوسائط وظائف عديدة منها :

  1. تجميع المعلومات الغريبة وغربلتها وضبطها اذ تولد الوسائط مُثيرات ثقافية او قد تكون شكلاً من أشكال الرقابة ويُعد امتداد الوسائط عُنصراً حاسماً في ذلك .
  2. تُعتبر الوسائط بجميع أنواعها ذات فعالية في اشتغالها كلواقط للمُثيرات الفعلية وهيَ أيضاً إسقاطية .
  3. إشعار الجميع بأنهُ معني بالاحداث السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية والأمنية وكذلك التحولات اليومية الحياتية في عالمنا المُعاصر .
  4. تُميل الوسائط الى إحداث اختلال دائم لأنماط الحياة من خلال دورها التضخيمي والنفخ في القلق الفردي الى درجة تجعل التساؤل غير مُحتمل وتُحدِث نوعاً من الكبت الجماعي .
  5. استثارة وتحديد والتقاط ردود الفعل البشرية تجاه الاحداث الكُبرى والقيام بالانتقاء والتركيب.
  6. ابراز التحولات الثقافية وامكانية تطبيقها على أنماط حياتية ملموسة ونشرها وتكريسها وتعميدها , فمع سيادة الوسائط استعادت الثقافة توازناً جديداً من خلال مبادئ وصور وقوالب ومواقف وآراء وأشياء مُتلائمة مع المُحيط .
  7. اقتراح نماذج جديدة للمواقف الحياتية والسلوك البشري ومعايير جديدة وأحكاماً واختبارات مُتلائمة مع البُنية الاجتماعية الجديدة وهي بمثابة تطبيقات جديدة للحضارة الراهنة .
  8. تدخل في نقل انماط الحياة بوصفها مرآة قارة مُطمئنة وشاهدة على حالة اجتماعية وعلى استمراريتها.
  9. تلعب الوسائط مُجتمعةً دور المؤسسة الاجتماعية لكي تُحدد في جزء كبير منها انفتاح المجتمع على العالم الخارجي واقترابها من الثقافات الاخرى .

مما تقدم نجد أن الوسائط بجميع انواعها وصورها قد أصبحت مُتاحة وبشكل واسع ولجميع الاستخدامات المعرفية من قبل أفراد المُجتمعات البشرية بوصفها إحدى تمظهرات الحضارة الإنسانية المُعاصرة , وهذا ما عُنيتْ بهِ “الميديولوجيا” التي أظهرت أهمية وجود الوسائط في عصرنا الحالي وأكدت على دراستها بوصفها توضح الوظائف الاجتماعية والفكرية للوسائط على اختلافها ومن ثُمَ العمل على إبراز أهميتها باعتبارها مُحددات موضوعية للفكر الإجتماعي الانساني , وإبراز دورها المحوري في إعادة تشكيل الفكر البشري وفقاً لنظام ثقافي عالمي يرتكز على دور الوسائط على اختلافها في تشكيل بُنيتهِ الاجتماعية العامة  .

لقد وجدت الوسائطية اهتماماً واضحاً في العصر الحالي من قبل غالبية المسرحيين في شتى أنحاء العالم بعدما عَرَفَ المسرح خلال مراحلهِ التاريخية محاولات عديدة للدمج بين الفضاء الدرامي والأحداث التي يسردها من جهة وبين المُتلقين من جهةٍ أُخرى من أجل تحقيق الغرض الذي قامَ من أجلهِ المسرح عموماً وهوَ إيصال رسالة العرض المسرحي بشكل واضح ومؤثر في المُتلقين .

لم يتحقق هذا الدمج بشكل كامل إلا في عصرنا الحالي إلا حينما تمَ توظيف الوسائط بشكل ينسجم مع تمظهرات هذا العصر واستجابةً لمُتطلبات العرض المسرحي المُعاصر الذي وَظفَ جميع الوسائط باختلاف انواعها داخل فضاءهِ الدرامي بُغية إكمال تلكَ المُتطلبات , وذلك لأن المسرح هوَ انعكاس طبيعي لظروف عصرهِ الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية … نفهم ان علاقة المسرح بكُل من الواقع ومُعطياتهِ (بما فيها الوسائط) هي علاقة ترابط وتكامل حيثُ أن كُل ما يحويهِ المسرح مصدرهُ الواقع .

أن أول استخدام لمُصطلح الوسائط المُتعددة يَصف عرض مسرحي يجمع الموسيقى والسينما والفن الأدائي والإضاءة , كانَ ذلكَ في عام 1970 حينما وُصِفَتْ العروض التقديمية المؤلفة من عدة شفافات متزامنة مع مقاطع صوتية بالعروض المُتعددة الوسائط (Multimedia Presentation) ومن ثُمَ أخذَ المُصطلح تسميتهِ الحالية في التسعينيات وقد أصبحَ يُشير الى أن الوسائط المسرحية تضم الصوت والصور الثابتة والنصوص والمقاطع الفيديوية والبيانات …. وغيرها , وجميع هذهِ الوسائط يتم توظيفها بما يخدم مُتطلبات العرض , إذ أن الوسيط المسرحي هوَ كُل ما يقوم بمُساعدة العرض المسرحي على التَشَكُلْ كعرض مسرحي حي , وهُنا التأكيد على العرض المسرحي الحي تمييزاً لهُ عن العرض المُسجل أو المُصور أو المسموع , أي أن استخدام الوسائط التي يتم توظيفها ينبغي أن تُحافظ على حيوية العرض المسرحي التي ميزتهُ عن باقي الفنون عبر العصور بوصفهُ الفن الوحيد الذي يتمتع بميزة الفرجة الحية الآنية , وحيوية العرض المسرحي في عصرنا الحالي يعود الى استعمال الجماليات الوسائطية مثل الفيديو , الفيلم , المؤثرات الصوتية الألكترونية , ميكروفونات , برامج حاسوب … فالأثر الناجم عن هذه الاستعمالات مُتعدد , كما انهُ يُقرأ على أساس أنهُ (مابعد إنساني) وهوَ أيضاً حضور بديل في عصر الوسائط المُتعددة , لذا ينطبق وصف العرض المسرحي المُتعدد الوسائط على أي نوع من العُروض التي توظف السينما أو الفيديو أو الصور المُتولدة بالكمبيوتر إلى جانب العرض الحي .

إن اهتمام المسرحيين بالوسائطية العامة , يعود الى عوامل عدة منها :

  1. تزايد وعي المُمارسين والمسرحيين بما هوَ جمالي وفني في المسرح , والاتجاه نحو انتاج لغات جديدة كاللغة البصرية والصوتية عوض اللغة النصية او السردية (المغلقة) التي هيمنت على الفضاء الدرامي منذ عقود
  2. انفتاح المبدعين على التكنولوجيا والرقميات الحديثة واكتشاف آفاق ابداعية جديدة خصوصاً في مجال السينوغرافيا والديكور والمعمار والمؤثرات البصرية والسمعية .
  3. التأثر المُباشر بميادين فنية أُخرى كالسينما والتصوير … والتفاعل مع تقنياتها كالاستفادة من اليات تُجزئ بُنيات الفضاء والمكان وتنويع مجالات الاسقاطات الضوئية وتقنيات تغيير الديكور .

أن حضور الوسائط في العرض المسرحي بشكل أساسي يجعلها تُشَكِلْ العرض نفسه حينما تكون هي محورهُ كَكُل وهذا يتوافق مع آليات التلقي المُعاصر الذي باتَ يعتمد على اللغة البصرية وهوَ ما يوفرهُ توظيف واستخدام الوسائط بجميع أشكالها وأنواعها داخل منظومة العرض المسرحي, الذي أصبحَ يستوعب جميع مُخرجات الفكر الانساني المُعاصر ومنها التطورات الكبيرة في مجال البصريات وتوظيف الوسائطية واستخداماتها في كافة المجالات الحياتية , وبذلك فقد أصبحَ العرض المسرحي يستخدم جميع الوسائط استخداماً يُثري العرض , وهذا يؤكد على أن غالبية المسرحيين حول العالم ومُنتجي العروض المسرحي بدأوا في التخلي عن العناصر الأدبية للمسرح , وبدأوا يُعبرون عن فهم وإدراك وتخيل الفنانين للمسرح من خلال الربط بين الافكار والعواطف والصوت واللون والجسد والزمان والمكان والصورة والضوء وغيرهما من العناصر والأشكال المُختلفة .

لذا فأن هذا التغيير الحاصل لناحية توظيف واستخدام الوسائطية في المسرح وبشكل مُختلف عن السابق  , جاء نتيجة اهتمام المسرحيين حول العالم بها وعلى نطاق واسع وفقاً لتمظهرات العصر الحالي الذي سادتْ فيهِ الوسائط وأصبحت سمتهُ البارزة لهُ , لأنَّ المسرح قامَ بتضمين الوسائط وعرضها كموضوع واعتبار المسرح مؤسسة فنية يقتضي استعياب الظاهرة كَكُل وعكسها , كشكل من أشكال التكيف مع الواقع , والقدرة على التموقع شكلاً ومضموناً مع الحال المُعاش , إذ كان لتضمين الوسائط والإهتمام بها من قبل المسرحيين الأثر في تطور جماليات الرؤية وسُرعة أيقاع العرض المسرحي , وبالتالي المُحددات الموضعية للفكر الانساني المعاصر وهوَ ما أهتمتْ بدراستهِ “الميديولوجيا” التي عنيت بالوسائط باختلاف أشكالها وصورها وهذا يتجسد في العرض المسرحي بما عُرِفَ عنهُ من حيوية تامة قادرة على استقطاب جميع الاكتشافات الجديدة والنتاجات الفكرية المُعاصرة , بالاضافة الى أن استخدام الوسائط في المسرح من خلال  الصور والعلامة المرئية لم تعد ترتبط آلياً بالسلبية , بل بالعكس ستكون , في المستقبل , تلك التكنولوجيا لإنتاج الصور في وقت فعلي هي المحددة لحوار جديد ومكثف بين المسرح والجمهور, وهذهِ واحدة من وظائف استخدام الوسائطية في المسرح عموماً , فهوَ يستخدمها وذلكَ :

  1. لانتقادها كإبداع إنساني او إنتقاد استعمالاتها اللاإنسانية .
  2. لجلب الإنتباه نحو إمكاناتها العجيبة والغريبة واللامحدودة كعلامات ورموز مسرحية تؤدي وظيفتها كجُزء من المسرح .

يُعد التحول في مفهوم الوسيط والمجال الوسائطي , من ابرز سمات عصرنا الحالي وفي كافة المجالات الحياتية ومنها المسرح اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار أهمية وجود الوسيط في حياتنا الراهنة واستخداماتهِ الغير مًتناهية فيها , وبالتالي فإن مفهوم الوساطة في المسرح اليوم , يُعتبر جُزءاً لا يُمكن فصلهُ عن طبيعة الظاهرة المسرحية , التي تشترط في وجودها اتصالاً مُباشراً مع مُتلقيها مما يجعلها ظاهرة علائقية , وعلينا أن نتخلى عن النظر إليها كوساطة طارئة يُمكن التخلص منها والعودة بسرعة الى المسرح في تحققهِ الأصلي , فاستخدامات الوسائط قد أَثَرَت على شكل العرض المسرحي في عصرنا الحالي , وهذا ما يؤكد على أنها قد أصبحت المحور الاساس للعرض , فهي قد مَثَلَتْ  بُعداً تحولياً في الفُرجة , مما جعلَ الفُرجة المسرحية أكثر تفاعلية وتشاركية بين كُل جُزئياتها التي ابتنى العرض المسرحي عليها عبر اختلاف الزمن , والوسائط أمست جُزئية تُساهم بصناعة الفُرجة المسرحية .

لقد تزايدَ الاهتمام النقدي بدراسة حضور الوسائطية  في المسرح على مُستوى العالم وهذا ما تركَ تأثيرهُ الواضح في إعادة تشكيل الأبنية الجمالية والفكرية للعرض المسرحي في عصرنا الحالي , وهوَ ما تمَ السعي إليهِ من أجل تقصي جميع أشكال تعاطي الفُرجة المسرحية مع تمظهرات الميديولوجيا التي أظهرت الكثير من التغيرات العميقة على المُمارسة المسرحية الراهنة وأصبحت تتحكم في إنتاج العديد من العروض المسرحية المُعاصرة حينما أصبحَ مفهوم الوسائطية جُزءاً لا يتجزأ من (المسرحة Theatricality) وكذلك (الفرجوية الأدائية Performativity) , فتمظهرات الميديولوجيا في المسرح قد ساعدت على , كسر الحواجز المُشتركة ما بين المسرح وبقية الفنون عبرَ حضور الوسائط وسيادتها عصر الشاشة الفيديوسفير Videosphere  الذي نعيشهُ حالياً وهذا ما سيقودنا الى نهاية مُجتمع الفُرجة .

الإحالات :

  1. عبد الأمير الفيصل , توظيف الوسائط المُتعددة في الإعلام الالكتروني العربي , مجلة الآداب , ع74,( جامعة بغداد : كلية الآداب , 2006 ) .
  2. عبد العظيم كامل الجميلي , الاعلام الجديد واشكاليات التواصل الرقمي , ( عمان : دار الايام للنشر والتوزيع , 2016) .
  3. عباس ناجي حسن , الوسائط المتعددة في الإعلام الإلكتروني , ( عمان : دار صفاء للنشر والتوزيع , 2016) .
  4. عبد الرحمن دسوقي , الوسائط الحديثة في سينوجرافيا المسرح , ( القاهرة : اكاديمية الفنون , 2005) .
  5. امل بنويس , شعرية الوسائطي في المسرح العربي الحديث , مجلة المسرح العربي , ع12, ( الشارقة : الهيئة العربية للمسرح , يونيو 2013 ) .
  6. كريم الجاف , مشكلات الفلسفة في العصر الرقمي , ( بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة , 2012) .
  7. بيرنار كاتولا , الإشهار والمجتمع , تر : سعيد بنكراد , ( اللاذقية  : دار الحوار للنشر والتوزيع , 2012)
  8. جواد رضواني , المسرح المعاصر والوسائط , من كتاب , المسرح والوسائط , مجموعة باحثين , سلسلة دراسات الفرجة , ع 20 , (طنجة : المركز الدولي لدراسات الفرجة , ديسمبر 2012) .
  9. محمد خير الرفاعي , الوسائط والميديا والمسرح بين التجاور والتحاور في التركيب والتعميق والتغريب , مجلة المسرح العربي , ع21و22, ( الشارقة : الهيئة العربية للمسرح , مارس _ ابريل 2016) .
  10. منصور عمايره , تحولات في الفرجة المسرحية , ( عمان : دار ومكتبة المحتسب للنشر والتوزيع , 2013) .
  11. محمد سيف وخالد أمين , دراماتورجيا العمل المسرحي والمُتفرج , ( طنجة : منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة , رقم 28 , 2014) .
  12. جريج جايسكام , الفيديو والسينما على خشبة المسرح , تر : محمود كامل , ( القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب , 2010 ) .
  13. أنطونيو بيتزو , المسرح والعالم الرقمي _الممثلون والمشهد والجمهور , تر : أماني فوزي حبش , ( القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب , 2010 ) .
  14. باتريس بافي , معجم المسرح , تر : ميشال ف. خطار , (بيروت : المنظمة العربية للترجمة , شباط 2015) .
  15. ريجيس دوبري , حياة الصورة وموتها , تر: فريد الزاهي , ( الدار البيضاء : أفريقيا الشرق, 2002) .

 

 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *