قراءة في كتاب “المسرح في بريطانيا ” تأليف رياض عصمت

كتاب “المسرح في بريطانيا “من  تأليف رياض عصمت وأصدار  وزارة الثقافة السورية  2012 ويقع في 331 صفحة من القطع المتوسط وضم في فصله الأخير مجموعة من الصور التي توثق لمراحل من المسرح الإنكليزي ويتحدث الكتاب  ” لندن عاصمة المسرح في العالم وكيف تطورت حركة المسرح خلال ربع قرن من الزمن” ليستعرض في إجابته ريبورتوار المسرح الإنكليزي الذي كان في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية يركز على شكسبير وبرنارد شو وأوسكار وايلد ونويل كوارد وبريستلي ثم صار في السبعينيات والثمانينيات يحتفي بأهم الكتاب الغربيين العالميين كتشيخوف وبرشت وبوشنر وداريو فو وغيرهم .

ويضيف الكتاب  أن لندن أصبحت اليوم جزءاً من مرحلة العولمة المعاصرة فانفتحت تماماً على الثقافة الأميركية بواقعيتها المعروفة من خلال أعمال آرثر ميلر وتينيسي ويليامز إضافة إلى أعمال الميوزيكال ثم على الثقافتين الفرنسية والألمانية الأولى عبر عروض لهوغو مثلا والثانية عبر مسرحيات تحكي عن النازية ومحرقة اليهود وغير ذلك كعرض (شبير) فضلاً عن انفتاحها على الدراما الإيطالية والإسبانية .

يقول صاحب (جمهورية الموز): إن العاصمة البريطانية غيرت شيئاً من ملامحها المسرحية إذ توارت بعض الرموز اللندنية في ظل هذه التعددية والانفتاح غير التقليديين حيث أن عاصمة الضباب في الألفية الثالثة ترغب أن تلعب دور البوتقة التي تنصهر فيها كل هذه الثقافات لأن نوعية إنتاجها المسرحي العالي ومكانتها السياحية المتميزة جعلاها قبلة السياح الناشدين المتعة والمعرفة معاً لذلك أعتقد أن لندن استطاعت عبر تعدديتها الثقافية أن تحافظ على مكانتها كعاصمة المسرح في العالم .

ويوضح الكتاب  كيف استطاع فن الميوزيكال أن يسرق الأضواء من الأوبرا بعدما طور ذاته منتقلاً من تناوله للمواضيع السطحية الخفيفة إلى الحديث بعمق عن موضوعات جادة بعضها أصيل يتناول شخصيات سياسية وتاريخية معروفة وبعضها الآخر يستلهم أعمالاً أدبية شهيرة وصعبة كالبؤساء وشبح الأوبرا وفاتنة سايغون غيرها .

ويذكر صاحب (ماتاهاري) أن بعضاً من أكثر الكتاب المسرحيين شهرة في العالم انطلقوا من لندن وحملوا دائماً راية التجديد في المضمون الفكري والمعالجة الاجتماعية ومنهم جون أوزبورن الذي تزعم مسرح الغضب وهارولد بينترحامل لواء العبث كما أن المسرح البريطاني اشتهر بممثليه كلورنس أوليفييه ومدارس التمثيل الشهيرة التي تعتبر الأفضل في العالم ومنها الأكاديمية الملكية لفن الدراما (رادا).. أكاديمية لندن للدراما والموسيقا (لامدا).. مركز الدراما في لندن.. أولد فيغ.. المدرسة المركزية.. وغيرها .

ويستعرض كذلك  الكثير من الأعمال الشكسبيرية التي تعتبر فخر المسرح البريطاني بشقيها التراجيدي والكوميدي موصفا بعمق للعروض الشكسبيرية المعاصرة التي تحررت من المتحفية التقليدية عبر قوالب وتفسيرات متجددة باضطراد وتجريب مسرحي مفتوح الأفق ولاسيما تلك التي تقدمها (فرقة شكسبير الملكية) إضافة إلى نقده لأعمال برنارد شو وأوسكار وايلد ومتحدثاً كيف جعل الإنكليز مسقط رأس شكسبير ستراتفورد أهم مواقعهم السياحية .

كما يفند الناقد والمترجم تجربة المسرح البريطاني في التعامل مع النصوص الوافدة سواء أكانت من إسبانيا وعظيم مبدعيها ثربانتس في رائعته (الدونكيشوت) أو من فرنسا كالتي حققت معادلاً إنكليزياً لعروض موليير وبلزاك وهوغو فضلاً عن استلهام التراث الروسي مثل(العروس الفقيرة )و(الغابة) لأب المسرح في روسيا أوستروفسكي إضافة إلى أعمال دوستويفسكي وبوشكين وتشيخوف وغوغول وتورجينيف وأيضاً الاستفادة من كلاسيكيات قديمة وحديثة لكل من السويدي أوغست ستردندبرج والنرويجي هنريك إبسن والأمريكي آرثر ميلر وغيرهم .

ويتناول الكتاب  الدراما البريطانية المعاصرة مقسماً اتجاهات رواد التأليف البريطاني الحديث إلى مسرحيين تقدميين هدفهم التنوير والتغيير السياسي مثل أوزبون ..آردن.. ويسكر.. برنتون.. هير وبوند ومسرحيين شغلهم اللامعقول والقلق من العالم الخارجي المشوب بعدم الأمان مثل بنتر وستوبارد وأورتون إضافة إلى مسرحيين اهتموا بالجانب الاجتماعي النقدي من أمثال ايكبورن.. غراي ..فرايل.. وفرايان وآخرين استلهموا التاريخ القديم أو الحديث مثل بولت ..شيفر.. وإدغار .


المصدر : مجلة الفنون المسرحية – محسن النصار 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *