رسالة المسرح المدرسي غائبة..!

وضع حديث خادم الحرمين -حفظه الله– الأخير مع أسرة الإعلام والثقافة والفن، العاملين في هذا الحقل أمام مسؤولياتهم الجسيمة تجاه وطنهم ومجتمعهم، إذ تأتي هذه الإطلالة في وقت تتعاظم فيه مكانة المملكة، ويتعاظم معها دورها الريادي العالمي والإقليمي، وهي التي تتشرف باحتضانها لأطهر بقاع الأرض، وخدمة ضيوف الرحمن، كما أنها أكبر داعم للقضايا الإسلامية والعربية، وهي المؤثرة اقتصادياً وسياسياً في المنطقة وتتصدى للفتن ومخططات الاعداء، حيث أولى المليك -حفظه الله- في كلمته خلال اللقاء اهتمامه بالشباب وأهمية تحصينهم وتعريفهم بأهمية وطنهم، فقال: “يجب أن نربي شبابنا -أبناء وبنات- بأن يعرفوا ويتأكدوا ما هي أهمية بلدهم”.

وفي هذا الصدد شدّدت نخبة من الأكاديميين والتربويين والفنانين على أهمية دور المدرسة في المناشط خارج الصفية عبر تعزيز بعض الفعاليات والزيارات للأماكن المهمة في الوطن، كذلك أهمية دور المسرح المدرسي في توجيه رسائل مهمة تبعث على حُب الوطن وروح الانتماء له، وإبراز القضايا المهمة الموجهة لحماية الفكر، كذلك لم يغفلوا دور المنزل في فتح قنوات إيجابية مع الأبناء عبر الحوار الهادف، وابراز منجزات الوطن لهم، مع الدفاع عنه في أي قضية قد تؤثر على عقلية الأبناء.

نشاطات معززة

وقال د.سعد الناجم أستاذ الإدارة والإعلام المشارك في جامعة الملك فيصل بالأحساء: إنه يمكن تعريف الأبناء أهمية ومكانة بلدنا العظيم من خلال ربط تربيتنا المدرسية بالوطن، على أن نعززها في الأسرة ونقارنها بالماضي الذي عشناه نحن وآباؤنا، حيث سيدرك حينها الشباب كيف أن الوطن أوجد هذه المكتسبات، ويشعرون بنعمة ما لديهم من رغد العيش والأمن والكرامة، مضيفاً أن غرس الاعتزاز بالوطن في نفوس الأبناء وإظهار الاعتزاز بوطنهم هو نتاج ولاء للأرض أولاً، وما حقق عليها والافتخار بمن كان سبباً في هذه المنجزات، مُشدداً على أهمية أن يقوم بذلك العاملون والعاملات في الحقل التربوي للأخذ بيد أبنائنا الطلاب والطالبات لتعريفهم بأهمية وطنهم، معتبراً أن هناك مدخلين في التعليم هما؛ المنهج المدرسي الصفي والمنهج خارج الصف، ذاكراً أن النشاط الذي يكون خارج الصفوف يأتي عن طريق النشاطات المعززة للمنهج والأنشطة المرتبطة بالشراكة المجتمعية، متأسفاً على انفصال مؤسساتنا المجتمعية عن شبابنا، حيث أنها بحاجة لأن يكون دورها ليس دعائياً فقط أو اقتصادياً بحتاً، بل مساهمة في بناء فكر الإنسان والاقتراب منه.

وأضاف: لدينا نموذج مشرق وهي شركة أرامكو وبرنامج معرفة، وكم أعداد الشباب من كل المناطق المنخرطين فيه، وكيف تتم التنشئة على مفاهيم جميلة ربما لا توجد في المدارس، وكذلك ما تقوم به أرامكو من التوظيف الصيفي وانخراط أبنائنا وتعلمهم من واقع الحياة، مؤكداً على أن الجمعيات الخيرية والتعاونية بحاجة إلى أن تدعم مالياً لتقدم برامج صيفية نوعية لشبابنا، مبيناً أنه كلما تعددت مؤسسات المجتمع المدني وبرامجها تنافست في تنشئة الشباب على العمل التطوعي والخدمي والإنساني.

استشعار المسؤولية

وشدّد د.عبدالحميد النعيم -عميد سابق لكلية التربية بجامعة الملك فيصل- على أهمية استشعار الأبناء من جيل الشباب ما تفضل به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان –حفظه الله- وأكد عليه من نعمة الأمن الوارف الظلال الذي نعيش فيه، مُستشهداً بقول الرسول الحبيب: “من بات آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حِيزت له الدنيا”، مُؤكداً على أهمية تربية الأبناء على طاعة ولي الأمر امتثالاً لقول الله، كما يجب تربية الأبناء على ضرورة المساهمة في كل ما من شأنه رفع مكانة الوطن، مبيناً أنه لكي نبرز أهمية هذا البلد يجب إبراز الجانب الديني الروحي، وبالنظر إلى المملكة فيها قبلة المسلمين وبعثة رسوله وخاتم الأنبياء والمرسلين.

جانب قصصي

وذكر د.أحمد البوعلي -إمام وخطيب جامع آل ثاني بمدينة الهفوف ونائب رئيس المجلس البلدي- أن تربية الأبناء على #حب الوطن من المعاني المهمة التي يجب أن يعتني بها الآباء والمربون، وتكريس هذا المفهوم عن طريق الجانب القصصي من الآباء والأمهات للأبناء، مما ينمي روح الوطنية وحب الوطن في نفوس الأبناء، كذلك من المهم تدريب الأطفال على إظهار حبهم لوطنهم عن طريق اصطحابهم في الأماكن التي تبرز فيها الروح الوطنية كالندوات والمؤتمرات؛ مما يعمق #حب الوطن لدى الطفل منذ الصغر، إضافةً إلى أهمية البعد عن التعصب الديني أو المذهبي أو المناطقي والحرص على الوطن ولحمته، وتعليم الأبناء أن الجميع في هذا الوطن هم شركاء لهم ما لنا وعليهم ما علينا، إلى جانب فتح مجال زيارة المدارس إلى ربوع الوطن وتفعيل الزيارات الطلابية في الجامعات، مبيناً أن مؤسسات المجتمع المدني عليها تبني البرامج النوعية لتعزيز اللحمة الوطنية.

الأسرة أولاً

وتحدث عبدالعزيز الجندان -مدير مكتب التعليم بالهفوف بالأحساء- قائلاً: إن تربية الأبناء على قيم المواطنة الصالحة منبتها الأسرة بالدرجة الأولى، فهي الحضن الأول الذي يعيش فيه الشاب، ثم المؤسسات المختلفة التعليمية والتربوية والإعلامية والدعوية، مضيفاً أن غرس هذه القيم يأتي من خلال القدوة الحسنة وتعريف النشء بالوطن وتاريخه ورجاله والنهج الذي بني عليه وقضاياه، والأخطار المحيطة به، مبيناً أن كلمة خادم الحرمين-حفظه الله- حملت في مضامينها معاني سامية في وقت نحن أحوج فيه إلى التكاتف واللحمة وتوحيد الجهود لبناء جيل واع بأهمية وطنه مدرك للأخطار المحيطة بالمنطقة، مؤكداً على أهمية إبراز المكانة الدينية لبلادنا والتي تتمثل في وجود أطهر بقعتين مكة المكرمة والمدينة المنورة، والدور الكبير الذي تقوم به تجاه خدمة الأمة الإسلامية والعربية، ودورها القيادي تجاه قضايا الأمتين الإسلامية والعربية، لينشأ الشاب محباً لوطنه مفتخراً برجاله، داعياً إلى تبني البرامج المجتمعية لفئات الشباب المختلفة التي تعنى بصقل المواهب وتوجيهها وفق النهج الإسلامي.

فكر ووجدان

وشدّد الجندان على العاملين في الحقل التربوي بأهمية تربية النشء على #حب الوطن والولاء له من خلال بناء المنهج الدراسي، الذي يعنى بزرع قيمة #حب الوطن والتعريف به وتوظيف مناشطه المختلفة لإبراز مناقبه، وكذلك بناء البرامج والفعاليات التي تعمق روح الانتماء والولاء للوطن، مع أهمية إبراز قضايا الوطن والاحتفال بمناسباته المختلفة، وتبني البرامج الموجهة لحماية الفكر، مؤكداً على دور المدرسة الأكبر عبر تبني قيم المواطنة الصالحة فكراً ووجداناً وسلوكاً في خططها وبرامجها ومناشطها وبرامج التصدي للظواهر السلبية، وكذلك مساندة الإعلام للتصدي لظاهرة الإرهاب، والدفاع عن مصالح الوطن، داعياً إلى للتنسيق بين المؤسسات لضمان دقة التوجيه والتكامل في التخطيط والتنفيذ لبرامج التنشئة والرعاية والحماية وغرس قيم المواطنة، معتبراً أن التنشئة عملية اجتماعية هادفة تستمد مادتها من المجتمع.

برنامج فطن

وأشاد محمد الصالح -مدير متوسطة القارة- بالتفات وزارة التعليم مؤخراً لفئة الشباب عبر برنامج “فطن”، حيث سيركز على غرس الأبعاد الوطنية في نفوس فلذات الأكباد والشباب بنين وبنات، داعياً إلى إطلاق برامج توعوية وتثقيفية بقالب محبب في نفوس الشباب بعيداً عن التقليدية والرتابة، عبر المسرح المدرسي أو في الجامعة لجذب جل الشباب، مضيفاً أن خادم الحرمين -أيده الله- رسم لنا وعبر كلماته خارطة طريق على الجميع كل ٌمن موقعه إلى الأخذ بيد شبابنا وتبيان أهمية هذا الوطن الذي يملك من محطات التميز والتفرد عن جميع بلدان العالم.

ووجّه إبراهيم الحساوي -مُمثل- تساؤلاً عن دور خشبة المسرح في تعريف شبابنا بوطنهم: كيف لخشبة المسرح أن تلعب دورها في تعريف الشباب بأهمية الوطن وهي مغيبة ومهملة في أهم حواضن الشباب تجمعاً وكثافة، مضيفاً: “لم نسمع ولم نقرأ ولم نشاهد شباباً قادتهم خشبة المسرح إلى التعريف بأهميّة الوطن، وأنا أحد الذين استثمر وقته وعمره في المسرح ولا أزال، تعلمتُ من المسرح ما لم أتعلمه من كتب المدرسة، على خشبة المسرح تعلمت الوطن، تعلمت أن أشغل وقتي بالاستثمار، المسرح ليس مكاناً لإهدار العمر”، مبيناً أنه بالفن يمكن تعزيز الفخر والانتماء الوطني، وأن يكون جنباً إلى جنب مع المنزل والمدرسة والجامعة والمسجد، متطلعاً إلى فتح بوابة الفن للشباب، وكذلك المسارح والقاعات في كل منطقة ومحافظة وقرية، مشيراً إلى أن جمعيات الثقافة والفنون وعلى الرغم من قلّة الامكانات المتاحة لها إلاّ أنها حاضن مهم للشباب لتعزيز قيم الحب والتسامح والتعايش الوطني.

حوار الأبناء

وأوضح معاذ الجعفري -مدير عام جمعية البر بالأحساء- أن من الواجب علينا أن نكون واعين وأن نتصدى للإعلام المشبوه، وأهمية متابعة الأبناء والبنات والقرب منهم وفتح قنوات من الحوار معهم وتوضيح حقوق الوطن وواجباتنا للحفاظ عليه، عبر استخدام أحدث السبل التربوية، مضيفاً أنه متى ما كانت الأسرة واعية بدورها كانت هي الحصن الأول لحماية الأبناء والبنات من أي فكر ضال، داعياً إلى تكثيف المناشط التي تسهم في بناء الوطن، وعلى الأندية الشبابية والجمعيات العامة أن تستوعب الشباب والشابات وتعطيهم الفرصة الكاملة لممارسة هواياتهم والتطوع لخدمة مجتمعهم ووطنهم.

واعتبر سلطان النوة -ممثل ومخرج مسرحي- أن المسرح مدرسة يمكن من خلاله إرسال رسائل تربوية وتعليمية وتثقيفية، مضيفاً أنه بالإمكان توظيف المسرح ليكون منصة وطنية تحارب الفئة الباغية المخربة الإرهابية، والتي تحاول العبث في أمن الوطن، مبيناً أن الفن متى ما تم تقديمه بشكل قريب من المجتمع وبصور واقعية، فإن المجتمع يتفاعل معه، خاصةً عندما يتعلق الأمر بوحدة وطن علينا جميعاً المحافظة عليه والمساهمة في إيصال قيمته لأكبر قدر ممكن للعالم، داعياً إلى الاستفادة من جمعيات الثقافة والفنون في المملكة والتي يبلغ عدد فروعها (16) كونها أهم المؤسسات الثقافية والفنية التي تفاعلت ثقافة وشعراً وفنون مسرحية مختلفة وفنون تشكيلية في المناسبات الوطنية، مشيراً إلى أن يقترب من واقع الجمعيات وما تقدمه يلمس مدى الإنتاجية المستمرة، ويلمس مدى إقبال الشباب الموهوب في كافة أشكال الثقافة والفن، حيث أصبحت بيتهم الثاني والحاضن لهم، موجهاً رسالة إلى وزارة الثقافة والإعلام بأن تولي جمعيات الثقافة والفنون المزيد من الاهتمام وتدعمها لتساهم بشكل أكبر لاستقطاب الشباب والأخذ بيدهم إلى حضن الوطن وتعريفهم مكانة وطنهم الكبير.

المسرح المدرسي منصة مؤثرة في النشء ولكن لم يستفد منها
د.سعد الناجم
د.عبدالحميد النعيم
د.أحمد البوعلي
عبدالعزيز الجندان
محمد الصالح
إبراهيم الحساوي
معاذ الجعفري
سلطان النوة
http://www.almrsd.co/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *